الكدادة مصطلح يطلق على قائدي السيارات الخاصة، التي يستخدمونها وسيلة نقل للركاب، أو ما يعرف ب «التاكسي» الخاص، فهم ينطلقون منذ الصباح الباكر، تحت الشمس الساطعة، مستعدين لبدء الرحلة اليومية في البحث عن لقمة العيش والانطلاق نحو الركاب وحملهم إلى مناطق ومدن متعددة. نقاط تجمعهم ويعرف سكان مدينة جدة عددا من النقاط التي يتجمع فيها الكدادة، بدءا من المطار، وكيلو 2، وكيلو 10، وانتهاء بالمنطقة المقابلة للنقل الجماعي في منطقة البلد، بعضها للنقل المحلي والأخرى للداخلي بين المدن، وتتراوح الأسعار وفق المناسبات والمواسم إلا أنها تتسم بالمناسبة والمختلفة عن النقل العام، ما يجعل البعض يفضل الركوب معهم. ويتشكل الكدادة صفا مستقلا في مقابل سائقي الأجرة المرخص لهم، إذ أن الصف الأول يقول باستحالة امتلاك سيارة أجرة والحصول على التراخيص بشكل سريع، الأمر الذي يدفعهم إلى استخدام سياراتهم الخاصة في النقل والتوصيل، وآخرون فضلوا الالتزام بالنظام لكنهم لا يرون في ذلك جدوى تذكر، إذ أن سائقي النقل الخصوصي يضايقونهم في أماكن تواجدهم بل ويتميزون عنهم بعدم حمل التبعات التي تترتب على سائق النقل العام المرخص له. أسباب اللجوء وأثناء جولة «عكاظ» في تلك المناطق، اشتكى عدد من سائقي النقل الخصوصي، سوء أحوالهم وظروفهم المادية، مؤكدين أنهم لجأوا لهذا العمل بحثا عن لقمة عيش وعمل شريف، يوفرون به الحياة الكريمة لهم ولأسرهم، إلا أنهم يشتكون من سطوة «ساهر» وتراكم المخالفات المرورية التي أثقلت كاهلهم كثيرا. وذكر ثلاثة منهم أن ذممهم تنوء بحمل المخالفات التي بلغ إجماليها للأول 22 ألف ريال والثاني 13 ألف ريال والأخير 7 آلاف ريال، الأمر الذي اضطر بعضهم لتسجيل المركبات التي يريدون شراءها لغرض نقل الركاب بأسماء أقاربهم، خاصة وأن النظام لا يجيز تسجيل السيارة إلا بعد تسديد كافة المخالفات. التقاط الزبائن وأكد زايد عريشي، أن هذه الطريقة الوحيدة له ، لكسب الرزق الحلال، وقال «ليست لنا سوى هذه الطريقة، فنحن نكسب بعرق جبيننا ونكدح منذ الصباح الباكر لجمع الريال على الريال»، متسائلا «ماذا نفعل هل نجلس في بيوتنا ويموت أطفالنا أم نتاجر بالمال الحرام؟»، لافتا إلى أن هذا العمل أفضل طريقة يجني من خلالها لقمة العيش في رحلة كد يومي حتى لو كلفه ذلك الوقوف تحت لهيب شمس الظهيرة والتقاط الزبائن واحدا تلو الآخر. تفكير مزدوج في الصف الثاني يقف سائقو الأجرة «النقل العام» المرخص لهم، مطالبين بتخصيص أماكن مهيأة لهم في المواقف الأخرى أسوة بالمطار وتحديد تسعيرة يلتزم بها جميع السائقين، في حين شكا البعض منهم الغرامات التي تقع بحقهم جراء تحميل الركاب، مستغربين صدور هذا الأمر من المرور، حيث إنهم يملكون تراخيص تخولهم ممارسة هذه المهنة في أي مكان. في حين يلتقط سائقو النقل الخصوصي زبائنهم بعيدا عن أنظار رجال المرور وأحيانا يضطرون إلى التسويق لأنفسهم أمامهم إلا أنهم مستعدون للفرار متى ما توجه رجل المرور صوبهم حاملا دفتر الغرامات، والذي يتأمل حالهم يجد أنهم في حالة دائمة من انشغال البال المزدوج، حيث إنه يسخر عينه الأولى لمراقبة الزبائن والأخرى للانتباه من رجل المرور حتى لا يوقع مخالفة بحقه. «ساهر» التحدي من جانبه أوضح حسن طالب «كداد»، أن أكبر مايواجههم من تحديات مشروع «ساهر» المروري الذي أثقل كاهلهم، وقال «أرتجف عند سماع نغمة رسالة الجوال، بل أتردد أحيانا عن فتح هاتفي خوفا من أن أصعق برسالة تفيد بحصولي على مخالفة سرعة»، واصفا هذا المشروع المروري بأنه «قاهر» وليس «ساهر». وقال محمد علي «كداد»، «نحن نقف على جانب الشارع بشكل نظامي، ونلتقط زبائننا بطريقتنا الخاصة»، لافتا إلى أن سر الإقبال عليهم يكمن في رمزية الأسعار التي يتقاضونها على العكس من سائقي النقل الأجرة الذين يشترطون مبالغ معينة لتوفير الأجرة اليومية المطلوبة منهم. أما أحد سائقي النقل «الأجرة» فقال «لسنا كما يصور البعض أننا نحسد سائقي النقل الخصوصي، فالرزق من الله وكل منا سيأخذ ما كتب له»، وأضاف «لا أبالي حتى لو جاورني في البحث عن لقمة العيش سائق نقل خصوصي».