المهمة التي تقوم بها العربة الفضولية «كيوريوسيتي» على سطح المريخ تثير الانبهار بكل معنى الكلمة. هذه العربة قطعت مسافة تزيد على نصف مليار كيلومتر في ثمانية أشهر وهبطت مؤخرا بنعومة على سطح ذلك الكوكب لتبدأ في مهمة أساسية تتركز على اكتشاف وجود آثار للحياة هناك. احتمال نشأة الحياة على المريخ زاد بعد ثبوت وجود الماء هناك. الماء لا يوجد حاليا في المريخ على صورته السائلة كما هي الحال على الأرض ولكن كثلج تحت التربة ومنه يتحول مباشرة إلى بخار. ولكن الصور المتتابعة التي أرسلت من هناك بعد عدة رحلات لمركبات مختلفة بينت آثارا لأودية وأنهار كانت تجري على المريخ في أزمنة غابرة وأنهار جليدية وبحيرات وينابيع حارة كانت توجد عليه. المهمة الشيقة الآن أصبحت اكتشاف آثار الحياة مثل المركبات العضوية المختلفة أو الأحافير التي قد تشير إلى وجود حياة سابقة وهو ما تحاول أن تفعله كيوريوسيتي بما تحمله من مختبرات للتحاليل الكيميائية والفيزيائية المختلفة. اكتشاف الحياة أو آثارها على المريخ سيغير حتما من مسيرة الإنسان في هذا الكون حيث لن يقنع بعدئذ إلا بالوصول إلى هذا الكوكب أو ربما إلى كواكب أخرى أبعد منه. مع كل الاندهاش والإعجاب بما تقوم به كيوريوسيتي وما سبقها فإن من الواضح أن الحياة التي تبحث عنها أو عن آثارها تلك العربة ليست غابات وطيورا وأسماكا ووحوشا أو مخلوقات ذكية ذات حضارة بل ليست هياكل عظمية لديناصورات أو مخلوقات كبيرة أخرى عاشت في السابق ثم اندثرت فالظاهر أن أيا من هذه الأشياء لا يوجد على المريخ الذي يبدو حاليا كصحراء مقفرة لا أثر فيها للحياة. الحياة التي تركز كيوريوسيتي على البحث عن أثرها ستكون غالبا من نوع الكائنات المجهرية الدقيقة مثل البكتيريا التي ربما كانت هناك منذ حقب ماضية ثم تحولت إلى أحافير ومركبات كيميائية، ولو صودف أن أي كائن مجهري لايزال حيا هناك فإنها لا شك ستكون أم المفاجآت.. كل الإثارة التي تحملها الاكتشافات المتتابعة من المريخ وخاصة تلك المتعلقة بوجود الماء واحتمال وجود آثار للحياة تجعلني أتساءل : إذا كان وجود الحياة هناك بأي صورة كانت على هذا القدر من الأهمية فما بالنا نغفل عن قيمة كل ما لدينا من أصناف المخلوقات العجيبة التي تعيش بين ظهرانينا على سطح كوكبنا المعجزة الأرض؟، لقد تم التعرف على ما يقارب من 2 مليون نوع من المخلوقات المختلفة وهو ما يعادل فقط 10% من عدد الأنواع التي يقدر وجودها على الأرض. كل نوع من هذه المخلوقات هو أعجوبة في حد ذاته وقد يكون له دور أساسي أو فريد في الطبيعة. وينطبق على كثير من المخلوقات التي نعرفها أو لانعرفها ما قاله أحد العلماء المرموقين من أننا أي نحن البشر نحتاجهم ولا يحتاجوننا. مع ذلك، للأسف، لا يقدر أغلب الناس أهمية المخلوقات المختلفة التي تجعل حياتنا ممكنة على الأرض. أكثر من ذلك، تساهم النشاطات البشرية المختلفة مثل قطع الغابات وتدمير البيئات البرية والبحرية بما يفرزه الإنسان من ملوثات ودخان ونفايات صلبة وصرف صحي وصناعي في انقراض كثير من المخلوقات بصورة تتزايد يوما بعد يوم حتى أن اكتشاف بعض الأنواع من المخلوقات لا يتم إلا بعد انقراضها. وبهذا نكون قد فقدنا الفرصة للتعرف عليها والاستفادة من كثير من منتجاتها الفريدة التي قد تساعدنا على مكافحة الكثير من الأمراض المستعصية أو تطوير حياتنا إلى الأفضل. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة