ارتبط أهالي الخرمة بزراعة التمور منذ القدم، وباتوا يتفننون فيها، من خلال ابتكار طرق عدة، أسهمت في تطويرها إلى أن وصلت لمرحلة متقدمة من حيث الغرس والجني والتعبئة والتخزين، إذ كان المزارعون في الماضي قبل بدء مرحلة جني ثمار النخيل، يقطعون السقيا عن الشجرة ليذبل التمر ويصبح ناشفا، وبعد مرور نحو خمسة عشر يوماً، يبدأ المزارع وأبناؤه وجيرانه بجني الرطب من النخيل الواحدة تلو الأخرى، ومن ثم فرده على فراش من الحصير وتصفيته من الشوائب المعروفة بالحشف والشماريخ وغيرها من الشوائب. وروى المزارع علي عادي السبيعي مراحل التغير التي مرت بها التمور في محافظة الخرمه مبتدئا حديثه بالمقولة المشهورة «التمر مسامير الركب». وبين أن الحياة في الماضي كانت شاقة ومتعبة في جميع مناحيها بيد أن العمل الزراعي والعناية بالنخيل تحديدا منهك لما يصاحبه من دقة في العناية وتعدد في مراحل جني التمور والتي تنتهي بموسم الصرام، مشيرا إلى أنهم يؤدون تلك المهام بمتعة على الرغم من المشقة التي يجدونها في عملهم. وقال:«في الماضي كانوا يعتمدون اعتمادا كليا على محصول المزارع من التمور فكان صاحب المزرعة يوفر مستلزمات بيته من تجار المنطقة بوعود السداد من ثمار مزرعته حتى أنه يطلق على النخيل عند بعض المزارعين عبارة مقطعة الدفاتر أي مخلصة الدين»، مبينا أنه إذا دخل موسم الحصاد جهز المشتري حاجياته سواء من جلود الماشية «كالمزودة» أو من الخيش وسعف النخيل ويطلق عليها «المحفرة» أو من القماش ويطلق عليها «الخريطة». وأضاف: «عندما يبدأ الفلاح بالحصاد والتصفية ذلك اليوم يكون من المتعارف عليه البدء في الوزن قبيل صلاة الظهر حيث يحضر صاحب المزرعة الميزان والذي كان عبارة عن عود خشبي يبلغ طوله نحو مترين ومرقم بأرقام الوزن المتعارف عليها وهي«الصاع» وفي احد طرفي ذلك العود إبرة الوزن ويتم نصبه وتثبيته قريب من كومة التمر المصفى»، مبينا أنه يجري إحضار «المحفرة» وتعبئتها بالتمر وتعليقها بالميزان والذي يكون في طرفه الآخر وحدة ترجيح الكفة والموازنة وفي الغالب تكون من الحجارة ذات الوزن الثقيل. وتابع: «ويبدأ الحساب بالقنطار والمتفق على سعره مسبقا حسب جودة التمر وكل وزنة تبلغ نحو عشرة قناطير تقريبا بعد ذلك يتم تعبئة الماعون الذي احضره المشتري ومن ثم يجري نقل التمر إلى ما يعرف«بالغمية» وهي عبارة عن حجرة صغيرة من الطين تكون محكمة الإغلاق تحفظ التمور فيها إلى أوقات طويلة»، مشيرا إلى أنه يؤخذ منها بقدر الحاجة ويفتح لها في الخلف فتحة صغيرة يخرج منها الدبس وهو ما يشبه العسل ليجتمع في حفرة صغيره. وذكر أن النساء يجمعن ذلك الدبس والاستفادة منه في الغذاء أو في جلود الماشية بعد دبغها كما أن له استخدامات عدة.