تبرز الأحساء كواحدةٍ من أعرق مناطق المملكة بعاداتٍ وتقاليد اجتماعيةٍ أصيلةٍ تعكس عمق الترابط والتكافل والتكامل بين أفراد المجتمع ومن هذه العادات التي ما تزال قائمةً في مجتمعنا حتى الآن وفي شهر رمضان تحديداً قيام بعض الأسر بتقديم بعض المأكولات التي تعدها المرأة لمائدة الإفطار لبعض الجيران والذين يقومون بدورهم بمبادلتهم هذه الهدية المتعارف عليها محلياً بكلمة (نغصة) فعند وشك أذان المغرب ترى الصبية من بنين أو بناتٍ يحملون على رؤوسهم أو بأيديهم صواني الأطباق إلى الجيران ويأخذون منهم حصتهم مما أعد لمائدة ذلك اليوم وهذا التقليد الاجتماعي المتأصل في الأحساء يمتد لعقودٍ طويلةٍ من الزمن كنوعٍ من التكافل الاجتماعي الذي حث عليه ديننا الإسلامي العظيم وأوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم للجار من البر والإحسان والمعروف وتخصيصه بما يطبخه أهل البيت من الأطعمة. وتوجد عادة أخرى وهي تبادل الحاجات بين الجيران أو النواقص التي يتطلبها الطبخ كالبصل أو الطماطم أو الدهن أو السكر أو الدبس أو الطحين وخلافها ولا يكون ذلك إلا بين الجيران الحميمين الذين يحسون وكأنهم أسرة واحدة وليس بينهم تكلف في التعامل أو مجاملة حيث ترسل المرأة ابنها أو ابنتها الصغيرة إلى إحدى جاراتها لتجلب منها الشيء الفلاني والعكس. كما تشتهر الأحساء بعمق التواصل الاجتماعي فيما بين الرجال والنساء والعائلات سواءً على صعيد الأقارب أو الجيران أو المعارف وتقوى هذه الرابطة في شهر رمضان الذي يحلو فيه السمر وتبادل الزيارات واللقاءات الحميمة وتفتح الأسر الكبيرة مجالسها المسماة بمجالس الأسر التي تنشئها لمناسبات الأفراح والأتراح وكل ما يقوي عرى القربى وتستقبل فيها المهنئين بحلول شهر رمضان وتبقى مفتوحة طوال الشهر الكريم من بعد صلاة التراويح وحتى ساعةٍ متأخرةٍ من الليل ويتوافد عليها الأقارب والمقربون إلى هذه الأسرة ومعارفها من مختلف المدن ويتبادلون فيها الأحاديث العامة وتعقد فيها الدروس الدينية والأمسيات الأدبية.