لقد (غشنا) أستاذ كبير مرموق في جامعته وله العديد من الأبحاث المنشورة في أرقى المجلات العلمية، ولا أدري ماذا كان مراده من هذا الموقف.؟ فقد كانت كليتنا – كلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز – تستضيف في نهاية كل عام دراسي نخبة من أساتذة الجامعات المرموقة للمساهمة في امتحان طلاب السنة النهائية في الطب، وتحدث المصادفة أن كان أحد أعضاء هيئة التدريس في الكلية في أمريكا وتعرف على الأستاذ (س.. ج..) ورشحه كممتحن خارجي أمريكي من أصل عربي..؟ واستضفناه على أن يكون ضمن الممتحنين لمادة أمراض النساء والولادة.. وكانت المفأجاة عندما تكررت ملاحظات واندهاش الإخوة من الممتحنين الذين كانوا يقفون (معه) عند قيامه بامتحان الطلاب.؟ فقد كانت الأسئلة التي كان يطرحها على الطلاب ومحاوراته العلمية بعيدة عن العرف العلمي المطلوب لتلك المادة.! كانت أسئلة – كما أكد الجميع – سطحية وغير موضوعية ولاتمت كثيرا للمادة العلمية التي كان يجب أن يمتحن فيها الطالب..؟ ولذا قررت – بصفتي عميد الكلية في ذلك الوقت ورئيسا لقسم أمراض النساء والتوليد – قررت أن أقف شخصيا معه على امتحان الطلاب.؟ وفعلا كانت مفاجأة غير سارة لنا. وعند الرجوع إلى ملفه وسيرته الذاتية اتضح أنه عالم في علم الخلايا والوراثة وليس طبيبا أو ممارسا لمهنة الطب.. وكانت جل أبحاثه في علمه وتخصصه..؟ وتداركنا نتائج الطلاب ومستوياتهم العلمية – فهم غير ملومين فيما حدث – علما بأنه كان يعطي كل طالب امتحنه أعلى درجة ممكنة..! وبكل أدب الأخلاق العلمية أفهمناه بأنه ليس مؤهلا لما دعي إليه وأنه كان من الأجدر به أن يعرف حدود إمكاناته العلمية وأن (من غشنا فليس منا..) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. ولقد تعلمت من تلك التجربة – كما تعلم زملائي أيضا – أن إمكاناتنا العلمية وقدرات أبنائنا تفوق – في كثير من الأحيان – من نستضيفهم كأساتذة ممتحنين خارجيين..! ومن هنا اعتمدت الكلية فيما بعد على أبنائها في أداء مهمة الامتحانات وغير الامتحانات.