لعل الكثير منا توقف عند خبر قرار رئيسة ليبيريا إيلين جونسون سيرليف إيقاف 46 مسؤولاً حكومياً عن العمل بعد رفضهم الإفصاح عن أرصدتهم للجنة مكافحة الفساد. قد يكون خبر إيقاف مسؤولين عن العمل من الأخبار التي نسمع بها بين الحين والآخر في الكثير من دول العالم، لكن كان لهذا الخبر وقع أعمق لسببين. أولهما سبب الإيقاف وثانيهما، وهو الأهم، أن من بين هؤلاء المسؤولين الموقوفين «تشارلز سيرليف» ابن رئيسة ليبيريا البالغ من العمر 46 عاماً والذي كان يعمل نائباً لمحافظ بنك ليبيريا. ورغم أن الأستاذ جميل الذيابي كان قد سبقني في الكتابة حول هذا الموضوع في جريدة الحياة يوم الاثنين 27 أغسطس، إلا أنني أرى أن الموضوع يستحق الكتابة مرة ثانية وثالثة ورابعة. إذ لا يمكن لمثل هذا الخبر أن يمر مرور الكرام علينا خاصة ونحن مجتمع وحكومة أدركنا خطورة الفساد فكان أن أنشئت هيئة مستقلة لمحاربته سريعاً في عقر داره. إن محاربة الفساد لا تفرق بين كبار المسؤولين وصغارهم ولا بين الأقرباء والغرباء. ولنا في رسولنا الكريم وقدوتنا مثل أعلى وهو يقول «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها». من المهم أن نعرف أن إيلين سيرليف، التي وقفت بحزم وجدية ضد الفساد في بلادها، هي أول رئيسة لليبيريا تفوز في انتخابات الرئاسة في العام 2005، التي أنهت حرباً أهلية في بلادها استمرت 14 عاماً، لتصبح بذلك أول امرأة تحكم دولة إفريقية بطريقة ديمقراطية. وهي أيضاً من فازت بجائزة نوبل للسلام مشاركة مع مواطنتها ليما غوبوي والناشطة اليمنية توكل كرمان عام2011. لقد بدأت ليبيريا في السنوات الأخيرة تتعافى من آثار الحرب الأهلية والتفكك الاقتصادي حيث يعيش حوالي 85% من السكان تحت خط الفقر الدولي، كما بدأت مرتبتها تتحسن عالمياً في مجال مؤشر الفساد. الفساد عقبة كبيرة أمام التنمية، ولذلك وجب التصدي له دون مهادنة أو تمييز، ووجبت محاربته بحزم وقوة كما فعلت رئيسة ليبيريا. ونحن نتطلع بكل ثقة إلى دعم المسؤولين والمجتمع بجميع مكوناته لجهود هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) لكي تكون أكثر حزماً في تحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين من أجل دولة عصرية خالية من الفساد بكل مظاهره. [email protected]