هي أسر لو رأيتها ظننتها غنية مع أن أفرادها فقراء مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يقول فيسأل الناس». في منطقة تبوك أسر كثيرة لا يسألون الناس إلحافا، وتحول عزة أنفسهم وكرامتهم بينهم وبين طلب المساعدة أي كان نوعها وشكلها من الآخرين، تنتشر هذه الأسر في عدة أحياء في تبوك خصوصا الجنوبية منها مثل أحياء أبو سبعة، المنتزه، الخالدية.. وغيرها، ما دفع صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان أمير المنطقة رئيس مجلس إدارة جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية، لتبني مشروع خيري لرعاية الأسر المتعففة، ووجه مطلع شهر رمضان الحالي بتشكيل لجنة لمتابعة تلك الأسر في مدينة تبوك ومحافظاتها من خلال البحث ميدانيا والدراسة والتثبت من أحوالها، وحاجاتها، من خلال باحثين وباحثات مؤهلات ودراسة حالاتهم بكل سرية كاملة. وأوضح ل«عكاظ» رئيس جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية الدكتور عبدالله بدوي الشريف أن أطروحات المشروع تركز على رعاية المتعففين أسرا وأفرادا بمجتمع المنطقة، مشيرا إلى أن المشروع انطلق ليرى النور ويصبح حقيقة ملموسة يستشعرها أصحاب هذه الفئة. وأضاف أن أمير المنطقة أشرف على إجراءات تنفيذ مشروع متابعة هذه الأسر المتعففة خطوة بخطوة، واطلع على تفاصيل التقرير الذي أثمرت عنه هذه الدراسة، ووجه بتقديم المساعدات العينية العاجلة لأصحاب هذه الحالات. تقسم تبوك إلى قطاعات وقد تم تقسيم مدينة تبوك إلى سبعة قطاعات عمل، تمثلت بداية في أحياء (الشيخ كريم، المنتزه، أبو سبعة، الأخوياء، الشيخ رحيل، العزيزية القديمة، الخالدية). يقول الدكتور عبدالله الشريف بأنه تمت الاستعانة بعدد من مناديب الأحياء المتعاونين مع إدارة الجمعية والعمد والمشايخ وأئمة المساجد للبحث والوصول إلى تلك الأسر المتعففة، وإجراء حصر شامل وسريع لأصحاب هذه الحالات وتقصي أحوالهم الاجتماعية والمعيشية. وزاد : «يتم التأكد من أن تلك الأسر التي لم يسبق لها الحصول على أية مساعدات من الجمعيات الخيرية الأخرى أو الضمان الاجتماعي». مشيرا إلى أنه تمت دراسة الحالات التي تستوجب ظروفها الحصول على مساعدات شهرية ونقدية مستديمة، ودعم أبناء هذه الأسر بتوفير التأهيل والتدريب المناسب ومن ثم التوظيف بما يمكنهم من مساندة أسرهم معيشيا. الأسر المتعففة في المحافظات لم يقتصر مشروع تبني الأسر المتعففة على أهالي مدينة تبوك فحسب، بل وجه أمير المنطقة بأن يكون المشروع شاملا لجميع المحافظات والمراكز التابعة للمنطقة، حيث تبحث مجالس الجمعيات الخيرية عن الأسر المتعففة والتقصي عن أحوالهم واتباع نفس أسلوب العمل الذي تم في مدينة تبوك. السرية في تقديم المساعدات وأكد الدكتور عبدالله الشريف بأن أمير تبوك وجه على أهمية الالتزام بالسرية والحفاظ على الخصوصية عند تقديم المساعدة لأصحاب هذه الفئة ممن لا يسألون الناس إلحافا، وأن تقدم لهم المساعدات مجللة بالستر وعدم المنة والصخب، خاصة في موسم مثل شهر رمضان والعيدين وبدء العام الدراسي. «عكاظ» رافقت مندوبي جمعية الملك عبدالعزيز أثناء توجههم لعدد من الأسر المتعففة لتقديم المساعدات لهم، حيث رفض الكثير منهم التقاط الصور، إلا أن الجميع أكدوا على أن موقف أمير المنطقة الإنساني أنساهم معاناتهم وفقرهم. الأطفال الصغار الأكثر سعادة وهم يجدون من يهتم بهم ويوفر لهم المأكولات والأطعمة وكافة احتياجاتهم، فما إن تطرق باب أحد منهم حتى يهرع الكثير من هؤلاء الأطفال فرحين بقدوم الخير لهم. «أم محمد»، تحدثت وهي تذرف الدمع «إن موقف أمير تبوك موقف عظيم وهو ما يؤكد حرص ولاة الأمر على تلمس احتياجات كافة شرائح المجتمع». أما «أبو فواز» فيقول «هذه المبادرة تؤكد أن الدولة كانت ولا تزال دولة عطاء ونماء ورخاء، وأن قيادتها عظيمة برجال كرام، يؤمنون بالعمل بصمت، ويلبون طموحات وتطلعات أبنائهم وإخوانهم من دون أي تأخير، بل إنها قيادة سباقة في الخير والتضحية. أبو عبدالله رجل مسن يقول «ولله الحمد لم أمد يدي يوما من الأيام إلى أي شخص كان فالرزق على الله، أما موقف أمير تبوك فهو موقف إنساني عظيم، كيف لا وهو من أسرة الخير والعطاء في ظل وجود ملك الخير والإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز. من جهته أكد الشيخ سعود بن محمد العنزي إمام وخطيب جامع الملك فهد بتبوك أن هنالك الكثير من الأسر تعففت عن طرق أبواب الجمعيات الخيرية، وقال إن مدينة تبوك توجد بها الكثير من العائلات المنسية المتعففة إلا أن موقف أمير المنطقة في تبني هذا المشروع الفريد من نوعه خفف عن هذه الأسر قسوة الحياة والفقر، فالاهتمام بهم والسؤال عنهم ومد يد العون والمساعدة لهم لهو أمر ضروري. وثمن إمام جامع أبي سعيد الخدري في حي الخالدية بتبوك الشيخ عبدالعزيز الشهري هذا المشروع الرائد الذي تبناه أمير المنطقة ويهتم بهذه الفئة المنسية على حد قوله. وزاد «للجمعيات والمؤسسات الخيرية دور كبير ومسؤولية عظيمة في تطبيق توجيه أمير المنطقة في دعم الأسر المتعففة الفقيرة والمحتاجة، من خلال السؤال عنهم عن طريق فريق بحث متمكن ومن خلال عمد الأحياء والأئمة والأشخاص الموثوقين فيهم في كل حي.