انطلقت مكةالمكرمة فعاليات قمة التضامن الإسلامي التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين، وكما هو متوقع فسوف تتصدر القضايا والتحديات السياسية أجندة أعمال القمة، في حين يغيب عنها البعد الاقتصادي على الرغم من كونه عاملا حاسما في تجاوز الكثير من القضايا الشائكة التي يعيشها عالمنا الإسلامي. وفي الوقت الذي يترقب فيه أكثر من مليار ونصف المليار مسلم من مختلف دول العالم نتائج القمة على الصعيد السياسي، فإن الكثيرين منهم يأملون أن يبادر القادة المجتمعون اليوم إلى تبني المزيد من القرارات الاقتصادية التي تؤدي إلى دعم الصناعة المالية الإسلامية من خلال مناقشة وإقرار تصورات من شأنها حفز المبادرات التنموية وتعزيز التكامل الإسلامي في المجال الاقتصادي. ومن أبرز تلك التطلعات مقترح إنشاء بنك استثمار إسلامي يكون بمثابة الذراع الاستثمارية لبنك التنمية الإسلامي يتمكن من خلاله البنك من توجيه حركة النمو الاقتصادي، وحفز وتنويع أنشطه الاستثمارالمشترك بين دول منظمة المؤتمر الإسلامي والتنسيق فيما بينها وتمويل المشروعات التي تحقق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء. كما تعتبر زيادة مساهمات الدول الإسلامية في صندوق التضامن الإسلامي للتنميه أحد تطلعات الشعوب الإسلامية من قمة قادتهم، حيث أن هذا الصندوق قد تأسس تنفيذا لقرار القمة الإسلامية الثالثه برأسمال مستهدف مقداره 10 مليارات دولار، ويهدف للحد من البطاله والفقر في الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، وقد ساهمت عدة دول في رأس مال هذا الصندوق، حيث بلغ مجموع مساهمات تلك الدول 1.6مليار دولار بعد أن ساهمت المملكه بمليار دولار والكويت بثلاثمائة مليون وإيران بمائة مليون، في حين خصص البنك الإسلامي للتنميه مليار دولار من موارده لدعم الصندوق. وبلغ إجمالي المساهمات في رأس مال الصندوق حتى الآن 2.6 مليار دولار، وهو مبلغ لا يرقى للتطلعات لذلك فأن من المأمول أن تحث القمة الدول الأعضاء التي لم تعلن بعد عن مساهماتها للإسراع بإعلان ذلك خلال فترة إنعقاد المؤتمر، حتى يتمكن الصندوق من تحقيق أهدفه. أما ثالث التطلعات المطلوبة من القمة الاستثنائية فهي زيادة رأس مال بنك التنمية الإسلامي لمساعدته على زيادة قدرته في دعم مشاريع التنميه في الدول الإسلاميه الأقل نموا وتشجيع التنمية الاقتصادية فيها وتحقيق التقدم الاجتماعى بالنسبة للدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية وذلك حسب مبادئ الشريعة الإسلامية الإسلامية. يشار إلى أن القمة الإسلامية الاستثنائية الثالثه التي عقدت أيضا في مهبط الوحي في شهر ديسمبر عام 2005 بدعوة كريمة من الملك عبد الله بن عبدالعزيز، حفظه الله، سبق وأن أقرت منجزا اقتصاديا كبيرا للدول الإسلامية تمثل في توجيه مجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية بزيادة رأس مال البنك المصرح به من 15 مليار دينار إسلامي إلى 30 مليارا والدينار الإسلامي يعادل وحدة من وحدات السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي، وبذلك فإن رأسمال البنك يبلغ حوالى 45 مليار دولار أمريكي. ومما لاشك فيه فإن حجم رؤوس أموال المؤسسات المالية الإسلامية وأصولها المالية تعتبر ضئيلة مقارنة بمثيلاتها الدوليه الأمر الذي يحد من تأثيرها على النظام المالي العالمي سواء من حيث الدور القيادي أوالمكانه التنافسية أوالمساهمة في تحقيق الاستقرار المالي لاسيما خلال فترات الاضطرابات والأزمات والانكماش. إن دعوة قادة الدول الإسلامية لتخصيص جانب من محاور القمه للشأن الاقتصادي لا تعتبر مطلباً بعيد الصلة عن مداولات هذه القمم المباركة، ونظراً لأن الصناعة المالية الإسلامية في حاجة إلى صيغ جديدة ومنتجات مبتكرة لإدارة السيولة بحيث تلبي حاجة الأسواق، ضمن أطر تتوافق مع الشريعة الإسلامية مع أهمية التنويع الاستثماري للإسهام في النمو والاستقرار المالي في مختلف البلدان الإسلامية. إن التحديات الاقتصادية التي يواجهها العالم الإسلامي تحديات كبيرة جداً، وفي مقدمتها أن معظم الدول ال 34 الأقل نموا في العالم حسب معايير الأممالمتحدة تقع ضمن منظومة الدول الإسلامية، ومنها 29 دولة عضوا في كل من منظمة المؤتمر الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية، وهي دول نامية ترتفع فيها نسبة الأمية والبطالة والفقر والإضطرابات السياسية، لذلك فإن زيادة مخصصات صندوق التضامن الإسلامي الموجه لمكافحة الفقر، إضافة إلى زيادة رأسمال البنك الإسلامي للتنمية وتأسيس بنك استثماري إسلامي سوف يسهم في نهوض تلك الدول اقتصاديا وزيادة ثقلها وتأثيرها في المحافل الدولية. * كاتب اقتصادي