سبق الإعلان الرسمي عن افتتاح البنك الإسلامي للتنمية في 20أكتوبر 1975، خطوات أساسية كان أهمها "بيان العزم" الصادر عن مؤتمر وزراء مالية الدول الإسلامية الذي عقد في جدة في ديسمبر 1973، تبعه بعد نحو سنتين الاجتماع الافتتاحي لمجلس المحافظين في الرياض، وذلك في يوليو العام 1975م. وبعد ذلك تم الإعلان رسمياً عن ميلاد البنك الإسلامي للتنمية، ومن المعروف أن البنك هو عبارة عن مؤسسة مالية دولية تهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي لشعوب الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية في الدول غير الأعضاء وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية. وبعد أكثر من ثلاثة عقود بات من حق الجميع طرح السؤال المتعلق بمدى نجاحه في تحقيق أهدافه من ناحية، وماذا يحمل في جعبته من نجاحات مقبلة تضاف لرصيده. وظائف البنك الرئيسة منذ أن كان البنك مجرد فكرة مروراً بكل محطات مسيرته تم التركيز على وظائفه المتنوعة والعديدة التي يقف في مقدمتها العمل على تقديم أشكال مختلفة من المساعدة الإنمائية لتمويل التجارة ومكافحة الفقر من خلال التنمية البشرية، والتعاون الاقتصادي، وتعزيز دور التمويل الإسلامي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. والعمل على إنشاء وإدارة صناديق خاصة لأغراض معينة، والإسهام في تنمية التجارة الخارجية للدول الأعضاء، وتعزيز التبادل التجاري بينها، وبخاصة في السلع الإنتاجية، وتقديم المساعدة الفنية لها، بالإضافة إلى توفي التدريب للموظفين الذين يتولون أنواع النشاط الاقتصادي والمالي والمصرفي في الدول الإسلامية طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية. كما يقوم البنك بإجراء الدراسات والبحوث الشرعية في الاقتصاد الإسلامي والمعاملات البنكية عن طريق المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك، ويمول البنك مشاريعه عن طريق عدد من أشكال التمويل المتفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية مثل القروض والإجارة والبيع لأجل والمساهمة في رأس المال واعتمادات التمويل إضافة إلى إنشائه للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص التي تهتم بتطوير وتعزيز القطاع الخاص في الدول الأعضاء كوسيلة لتحقيق النمو الاقتصادي في تلك الدول، من ناحية أخرى يقوم البنك بالعديد من الأنشطة والجهود المتعددة في سبيل تعزيز التعاون بين دوله الأعضاء على نطاق المؤسسات الأخرى مثل منظمة المؤتمر الإسلامي والمؤسسات الوطنية للتمويل التنموي والبنوك الإسلامية والمنظمات الإقليمية والدولية الأخرى التي تشارك فيها الدول الأعضاء. رأس مال البنك والعضوية لا يمكن لدولة ما أن تكون عضواً في البنك إلا إذا توافر لديها حزمة من الشروط يقف على رأسها أن تكون عضوا في منظمة المؤتمر الإسلامي، وأن تكتتب في رأسمال البنك وفقا لما يقرره مجلس المحافظين. وقد تجاوز عدد الدول الأعضاء 56دولة. وما يستحق الذكر أن حجم رأسمال البنك المصرح به حتى نهاية يونيو 1992كان ألفي مليون دينار إسلامي، والدينار الإسلامي وحدة حسابية للبنك تعادل وحدة من وحدات حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي. وفي يوليو 1992، ارتفع رأسمال البنك، بقرار من مجلس المحافظين، إلى 6بلايين دينار إسلامي. وارتفع رأسمال البنك المصدر إلى 4.1بلايين دينار إسلامي. ومن ثم سرعان ما ارتفع رأسمال البنك المصرح به إلى 15بليون دينار إسلامي، ورأس المال المصدر إلى 8.1بلايين دينار إسلامي. وبناء على التوجيه الصادر من الدورة الاستثنائية الثالثة لمؤتمر القمة لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي عقد في مكةالمكرمة في ديسمبر 2005م، الذي دعا فيه إلى زيادة كبيرة في رأسمال البنك الإسلامي للتنمية من أجل تمكينه من تعزيز دوره في تقديم الدعم المالي والمساعدة الفنية لدوله الأعضاء، أصدر الاجتماع السنوي الحادي والثلاثون لمجلس محافظي البنك قراره بزيادة رأس المال المصرح به للبنك بمقدار 15مليار دينار إسلامي ليصبح 30مليار دينار إسلامي والمكتتب فيه بمقدار 6.9مليار دينار إسلامي ليصبح 15مليار دينار إسلامي. المقر الرئيس والمكاتب الإقليمية يقع المقر الرئيس للبنك في مدينة جدة في السعودية. وأنشئ مكتبان إقليميان عام 1994م، أحدهما بمدينة الرباط عاصمة المغرب، والثاني في كوالالمبور، عاصمة ماليزيا. وبدأ المكتب الإقليمي في ألمآتي بجمهورية كازاخستان عمله في يوليو 1997م. وللبنك ممثلون ميدانيون في كل من بنجلاديش، وغينيا، وغينيا بيساو، وإندونيسيا، وليبيا، وموريتانيا، وباكستان، والسنغال، وسيراليون، والسودان. وغني عن القول أن سنة البنك المالية المعتمدة هي السنة الهجرية. واللغة الرسمية هي اللغة العربية، وتُستعمل اللغتان الإنجليزية والفرنسية لغتي عمل. البنك والطاقة النظيفة لم يسقط البنك من حساباته عبر مسيرة مسألة الطاقة النظيفة، ففي ديسمبر العام الماضي، وخلال كلمة الدكتور أحمد محمد علي، رئيس البنك الإسلامي للتنمية خلال اجتماع وزراء المالية ورؤساء مؤسسات التمويل الدوليّة الذي عقد في جزيرة بالي بإندونيسيا ضمن إطار مؤتمر الأممالمتحدة لتغيير المناخ، أكد على دعم البنك لجهود دوله الأعضاء في مجال توفير حماية مناخية لمكاسبها التنموية واستراتيجياتها الرامية للحد من الفقر ضمن إطار أهداف الألفية التنموية. كما شدّد رئيس البنك على أهمية تطوير تقنيات جديدة في هذا المجال على غرار تقنية تجميع وتخزين ثاني أوكسيد الكربون. وأثنى على الدور الريادي الذي لعبته السعودية في سبيل إنشاء صندوق للبحوث والتطوير في مجال الطاقة النظيفة بالتعاون مع الكويت وقطر والإمارات، وبلغ حجم الاعتمادات التي رصدت لهذا الصندوق 750مليون دولار، حيث ساهمت السعودية بمبلغ 300مليون دولار ومبلغ 150مليون دولار من كل من الكويت وقطر والإمارات. وتجدر الإشارة إلى أن البنك الإسلامي للتنمية اعتمد خلال العام 2006مبلغاً إجمالياً قدره 400مليون دولار للمساهمة في مشروعات في قطاع الطاقة، وبذلك ارتفع المبلغ الإجمالي التراكمي الذي اعتمده البنك منذ إنشائه في هذا القطاع إلى نحو 7ر 2مليار دولار. درجات التصنيف العالمية وفقاً لتصنيفات مؤسسة ستاندارد آندبورز للبنك ضمن ثماني مؤسسات تمويل تنموي متعددة الأطراف حقق البنك في أكتوبر العام الماضي أعلى درجات التصنيف على المديين الطويل والقصير مع تصنيف التوقع المستقبلي "مستقر". وبهذا الصدد أشار لاري هايس محلل الائتمان بمؤسسة ستاندارد آندبورز أن مستويات التصنيف العالية التي حققتها معظم مؤسسات التمويل العابرة للحدود يستند إلى عاملين هما قوة موقفها المالي مقارنة بمؤسسات التمويل التجاري، والمساندة القوية من حملة أسهمها من الدول الأعضاء. جدير بالذكر أن هذه هي المرة السادسة على التوالي التي يحتفظ فيها البنك الإسلامي للتنمية بأعلى درجات التصنيف الائتمانية من مؤسسة استاندارد آندبورز، الأمر الذي يشير إلى تعزيز الثقة في البنك ودوره الفعال في المساهمة بتعزيز جهود التنمية في الدول الأعضاء مهمات عاجلة في الطوارئ بعد أن تعرضت بنغلاديش لضربات موجعة من إعصار سيدر قرر البنك الإسلامي للتنمية تقديم 200ألف دولار أمريكي كإغاثة عاجلة للمتضررين من الإعصار، وذلك بغرض تقديم مواد غذائية وإغاثية أخرى للمتضررين. وقد قامت بعثة من البنك بزيارة بنغلاديش للإشراف على توزيع المواد الإغاثية. كما تبعتها بعثة أخرى من البنك لمعاينة الأضرار ولقاء المسؤولين من أجل البحث في تنفيذ برنامج البنك للمساعدة في إعادة إعمار المرافق الرئيسة المتضررة. أنواع عمليات التمويل يشير كثير من المختصين في عالم الصيرفة والتمويل الإسلامي إلى وجود عدد من أنواع التمويل التنموي المستند إلى أحكام الشريعة الإسلامية، أهمها: العمليات العادية، وتشمل تمويل المشروعات وعمليات المساعدة الفنية، ولعل من ابرز صيغ التمويل المستخدمة في هذا المجال القروض والاجار والبيع للآجل، إضافة إلى قيام البنك بتقديم خطوط اعتماد تمويل إلى المؤسسات الوطنية للتمويل التنموي في الدول الأعضاء بهدف توسعة أنشطة التمويل في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أما المساعدة الفنية فتركز على دراسات الجدوى وإعداد التصميمات التمهيدية وتقديم الخدمات الاستشارية للإشراف خلال تنفيذ المشروعات. وعمليات تمويل التجارة، حيث يقوم البنك بتقديم تمويلات التجارة كوسيلة لمساعدة الدول الأعضاء في جهودها التنموية ودعم التجارة البينية فيما بينها وذلك بتزويدها بتسهيلات تمويل التجارة عن طريق عدد من برامج التجارة وهي برنامج تمويل الواردات، برنامج تمويل الصادرات، محفظة البنوك الإسلامية، صندوق حصص الاستثمار، كذلك تشارك في عمليات تمويل التجارة المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص وصندوق الاستثمار في ممتلكات الأوقاف وإدارة الخزانة في البنك، كما تقدم المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات تأمين ائتمان للصادرات من الدول الأعضاء. وأخيراً عمليات صندوق الوقف، حيث يقدم هذا الصندوق مختلف أنواع المساعدة في صورة منح ويدعم أيضاً النفقات الإدارية والنفقات المباشرة الأخرى لأنشطة ا لبنك التي لا تدر دخلاً وتوجه موارد ا لصندوق لتمويل برنامج ا لمعونة الخاصة وبرنامج المنح الدراسية وبرنامج التعاون الفني والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب والمساعدة الفنية في شكل قروض ومنح إضافة إلى المساهمة في مشروع الهدي والأضاحي. وإلى جانب الأنواع الرئيسة الثلاث لعمليات التمويل، يشارك عدد من أعضاء مجموعة البنك والمؤسسات التابعة له مثل المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص وصندوق حصص الاستثمار، محفظة البنوك الإسلامية، صندوق الاستثمار في ممتلكات الأوقاف في أنشطة التمويل المشترك. الدور السعودي في دعم البنك يتجلى حرص السعودية في دعم العمل الإسلامي المشترك في شتى المجالات ومنها المجال الاقتصادي وتقديم كل مساندة ممكنة لتعزيز التعاون الاقتصادي الإسلامي المشترك، ومن هنا ويأتي في هذا الإطار دعمها المستمر لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، فهي من الدول المؤسسة للبنك وأكبر دولة مساهمة في رأس ماله، وتحتضن مقره الرئيس بمدينة جدة، وكانت قد تبرعت بأرض المقر وساهمت بمبلغ 50مليون ريال سعودي في تكاليف إنشائه الذي افتتح رسمياً في نوفمبر 1994، وغيرها الكثير خصوصاً فيما يتعلق بأهمية زيادة رأس مال البنك وأهمية ذلك في تحقيق أهدافه التنموية. صندوق لمكافحة الفقر خلال مقابلة تلفزيونية في مارس الجاري كشف رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور أحمد محمد علي، عن إطلاق صندوق خاص، هو الأول من نوعه، يهدف لمكافحة الفقر في العالم الإسلامي، مشيرا إلى وجود 430مليون مسلم تحت خط الفقر. حيث سيطلق البنك "صندوق التضامن الإسلامي للتنمية". كما سيكون لدى الصندوق خلال ثلاث سنوات نحو 10مليارات دولار تصب كلها في خدمة المشروع، وسيقوم الصندوق بهذه المهمة من خلال تمويل المشاريع الصغيرة جدا والتدريب المهني لمكافحة البطالة. فالبنك الإسلامي للتنمية وفقاً للقائمين عليه يهدف إلى تنفيذ برامج ومهمات إنسانية، لأنها تقدم المساعدة لعدد كبير من المسلمين الذين يمثلون نسبة كبيرة من سكان العالم وبالتالي فإن البنك يقدم مساعدته لرقعة جغرافية كبيرة من هذا الكون. وعلى صعيد غير منفصل، وخلال مشاركته في قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في السنغال في مارس الجاري أعرب رئيس البنك الإسلامي للتنمية عن أمله في أن تعزز القمة صندوق البنك المخصص لمكافحة الفقر في أفريقيا عن طريق توجيه ثروات من الدول الإسلامية المنتجة للنفط لأفقر قارات العالم.