ظلت هذه البلاد منذ الأزل حاضنة للأمة الإسلامية حيث شرفها المولى عز وجل باحتضان الحرمين الشريفين .. تستقبل المسلمين القادمين من شتى أنحاء المعمورة كحضن دافئ وأم رؤوم على مدى التاريخ .. يسهر أهل هذه البلاد على راحة المسلمين الضيوف ليؤدوا مناسكهم بخير ويسر وسلامة. ويتجسد حرص حكومة المملكة العربية السعودية منذ بدايات تأسيسها على وحدة المسلمين وجمع كلمتهم والتفاعل مع قضاياهم .. من خلال المؤتمر الإسلامي الأول الذي عقد في مكةالمكرمة في عام 1346ه والذي دعا له الملك المؤسس عبدالعزيز الفيصل آل سعود طيب الله ثراه. وعندما تدعو المملكة العربية السعودية إلى مؤتمر القمة الإسلامي الذي سيعقد في الرحاب الطاهرة بمكةالمكرمة في السادس والعشرين والسابع والعشرين من هذا الشهر الفضيل .. فإن ذلك يأتي امتدادا لاستراتيجية المملكة الثابتة منذ تأسيسها نحو العمل الدؤوب لرأب الصدع ومعالجة قضايا المسلمين واستنهاض الهمم وجمع الكلمة. وتحرك المملكة العربية السعودية إنما يأتي انطلاقا من دورها الريادي واستشعارها لمسؤوليتها التاريخية.. فالمملكة – لا ريب – هي العمق الاستراتيجي والدور التاريخي للأمة الاسلامية .. ومكانتها كبيرة في قلوب المسلمين في شتى أنحاء الأرض كونها حاضنة للحرمين الشريفين. ويأتي انعقاد هذه القمة الإسلامية الاستثنائية في ظروف صعبة وزمن عصيب يشهد فيه المسلمون في أماكن متفرقة مآسي مؤلمة .. وليس أدل على ذلك من الوضع في الشقيقة سوريا .. حيث يتعرض الشعب السوري المسلم فيها إلى مذابح وجرائم ضد الإنسانية يذهب ضحيتها كل يوم نساء وشيوخ وأطفال دونما ذنب أو جناية. وهناك أوضاع مأساوية يتعرض لها المسلمون في بورما .. جرائم قلما شهدت لها الإنسانية مثيلا ترتكب بحق المسلمين نساء وأطفالا وشيوخا.. ولقد نتج عن هذه المذابح والجرائم نزوح الآلاف من المسلمين في أوضاع عصيبة .. تستلزم وقفة المسلمين ودعمهم. ولا زال الفلسطينيون يتعرضون لجرائم إسرائيل الباغية التي لا تتورع عن ارتكاب أبشع صور الاضطهاد والتنكيل بالمسلمين الفلسطينيين. ولهذا فإن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لهذه القمة الإسلامية إنما تعكس استشعاره حفظه الله بمسؤوليته ودوره التاريخي وحرصه الكبير على المسلمين في كل مكان. إن آمال مليار وسبعمائة مليون مسلم في شتى أصقاع الكرة الأرضية معلقة بالقادة المسلمين في مؤتمرهم الإسلامي .. متطلعين إلى حلول لقضاياهم ورفع لمعاناتهم.. الآمال المعقودة بالقمة الإسلامية الاستثنائية كبيرة سيما وهي تعقد في زمن مبارك (شهر رمضان المبارك) وفي مكان مبارك (مكةالمكرمة أطهر بقاع الأرض) .. أن تواكب تطلعات المسلمين وتحقن دمائهم وترفع معاناة الشعوب المسلمة الكليمة . الآمال كبيرة في أن تسهم القمة في تحقيق وحدة الصف والكلمة في وجه التيارات العاصفة وصد محاولات بث الفرقة والخلافات بين المسلمين وتحقق وحدة الأمة المسلمة.. إن القادة المسلمين أمام مسؤولية تاريخية تستوجب التفاعل مع قضايا المسلمين ومعاناتهم في ظل شرف الزمان وشرف المكان .