تعكف جهات بحثية بالتنسيق مع وزارة النقل وإدارة المرور في إيجاد حلول جذرية مغايرة للحلول التقليدية المتبعة لفك الاختناقات المرورية في العاصمة المقدسة، في الوقت الذي تفاقمت فيه أزمة الاختناقات المرورية في مكةالمكرمة، ما أدى إلى طغيانها على الحركة المرورية، وذلك منذ مطلع رمضان، فيما وصفها مرتادون من الركاب والسائقين «بالسلحفاوية»، لافتين إلى أن دائرة الاختناقاتها تجاوزت مركزية مكة إلى صوب أحياء خارج نطاق المحاور الثاني في مشهد يحدث لأول مرة ويتسبب يوميا في عرقلة الحركة بشكل كبير، وسط مناداة أهالي مكة وزوارها، بضرورة إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة المتفاقمة عاما تلو الآخر. وأرجع مدير مرور العاصمة المقدسة العميد مشعل المغربي «التلبكات» المرورية التي تشهدها شوارع مكةالمكرمة لأربعة أسباب على رأسها غياب التصاميم الهندسية لبعض الشوارع، وافتقارها للتصاميم المتناسبة مع الكثافة التي تعيشها تلك المواقع، مدللا على ذلك بالطريق الدائري الذي يمر في أربعة مسارات، إلا أنه وعند الخروج منه صوب خط جدة السريع، يضيق المدخل لتصب المسارات الأربعة في مسار واحد فقط، وأضاف «هنا يبرز دور التصاميم الهندسية». وقال العميد المغربي إن ذلك لم يكن المسبب الوحيد في خنق الحركة المرورية، لافتا إلى أنه ومنذ 30 عاما، لم يكتمل في مكة طريق دائري، على الرغم من أن العمل يجري في أربعة طرق دائرية، إلا أنه لم يكتمل منها شيء، مشيرا إلى أن ذلك معضلة حقيقية تزيد من معاناة رجال المرور، فالطريق الدائري كما هو معلوم يفك الحراك ويفتت الزحام في المدينة. واستطرد المغربي قائلا: «ليس هذا فحسب فأهالي مكةالمكرمة زادوا من حجم تلك الاختناقات من خلال التسابق على الوصول للمنطقة المركزية في الحرم للصلاة، وهو يغيبون القاعدة الشرعية بأن الصلاة في مكة لها نفس الأجر، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في حجة الوادع بالحرم إلا 3 مرات فقط، لذا نردد بصوت عال دائما: «يا أهل مكة صلوا في رحالكم». وأوضح العميد المغربي، بأن المشاريع التطويرية التي تنفذ حاليا في المنطقة المركزية أزالت العديد من الأبراج السكنية، ما زاد الأعداد في الأحياء الخارجية، مثل الرصيفة والعزيزية، لافتا إلى أن العزيزية قفزت نسبة السكن فيها إلى نحو 60 في المئة، مبينا أن ذلك ينعكس سلبا على الحركة المرورية فيها، ولا سيما أن موسم رمضان تزامن مع إجازة دراسية. وتوقع مدير مرور مكةالمكرمة، أن تسهم الطرق الإشعاعية الجديدة التي تنفذ حاليا في حل 60 في المئة من الاختناقات المرورية، خصوصا في موسمي الحج والعمرة، والتي يعمل على إنجازها حاليا ستؤدي إلى انسيابية في حركة السير، وانتقال الكثير من المركبات من داخل مركزية مكة إلى أطرافها؛ ما يسهم في خلخلة 60 في المئة من الاختناقات التي تحدث بصفة متكررة، خاصة في موسمي الحج والعمرة، مشيرا إلى أن المشاريع التنموية التي تنفذ في المنطقة المركزية للمسجد الحرام، ستسهم بجانب مشاريع الطرق الإشعاعية في انسيابية القدوم والخروج من المسجد الحرام، دون وجود «تلبكات» مرورية، ومن ثم ستسهم كذلك في تقليل وقت الوصول من وإلى الحرم. مدير مركز التميز لأبحاث الحج والعمرة الدكتور عدنان قطب أكد ل «عكاظ» أن الحل المقترح لتفتيت الكتل البشرية والزحام المروري، يكمن في النقل المعلق، حيث قدم المركز دراسة متعمقة في هذا الشأن وتدارستها 20 جهة حكومية وأهلية مختصة وننتظر وقال ل «عكاظ»: «لا بد من التفكير في سبل معالجة مغايرة من خلال التوسع الأفقي في النقل من وإلى الحرم، وبهذا سنعمد لتفتيت الكتل البشرية خاصة في المخارج والمداخل»، وأضاف «بما أن طبيعة مكةالمكرمة الجبلية معقدة، حيث يصعب النزول تحت الأرض من خلال الأنفاق ولضيق المساحات المحيطة بالمنطقة المركزية، فقد عملنا على محاكاة الطبيعة بمواقع أخرى في العالم من خلال فريق استشاري ضم نخبة من الخبراء، وكانت نتائج ذلك البحث التوسع الأفقي من خلال النقل المعلق (التلفريك)، والذي لن تزيد تكلفته عن 100 مليون ريال، وسينق قرابة 10 آلاف معتمر ومصل في الساعة، مبينا أنه ومن مميزات تلك الوسيلة، أنها لا تتقاطع مع الممتلكات الخاصة، حيث لا تحتاج لميزانيات ضخمة لنزع العقارات، موضحا أن طريق سيرها سيكون فوق الطرق الحالية، كما أنها وسيلة صديقة للبيئة، فلا مخاطر من التلوث فيها، ولا تتداخل أيضا مع خطوط السير الأرضية». وقال قطب إنه ومن خلال فريق عمل جال نحو 10 مدن عالمية، نجحت فيها هذه التجربة، حيث قدمناها لإمارة المنطقة، ولقيت دعما من أمير المنطقة، وقد شكلت لجنة من 20 جهة لدراستها وتقييمها، حيث عقدت معه وفريق البحث لقاءات موسعة حيال هذا الأمر الذي نعتقد أنه جزء من الحلول. وأضاف الدكتور قطب «قدمنا فكرة أخرى تمكن في ربط الفنادق الشاهقة المجاورة للمسجد الحرام بعربات متحركة ترتبط بسطح المسجد الحرام وبهذا نقضي على نسب من الكثافات البشرية».