على الرغم من أهمية الخطط الميدانية في العمل المرورى من أجل فك الاختناقات وتسهيل الحركة في مكةالمكرمة ذات الطبيعة الجغرافية الصعبة فإن البحث العلمي يظل عامل حسم أساسيًا تزداد أهميته في ظل هذه الظروف الاستثنائية، التي تتطلب نقل مئات الآلاف من الزوار والمعتمرين في مساحة ضيقة تمثل المنطقة المركزية يوميًا. ويتفق الخبراء على أن تقديم دراسات قوية وجادة لحل المشكلة المرورية يتطلب إمكانات جيدة، ولكنه يرتبط بالدرجة الأولى بالتنفيذ الميداني على أرض الواقع. وتكفي الإشارة لأهمية البحث العلمي إلى أن الكثير من الجوانب التنظيمية المعمول بها حاليا؛ كانت نتاج الدراسات التي أجريت في فترة سابقة، ومنها مواقف حجز السيارات والحركة الترددية في الحج وتنظيم حركة النقل العام والدعوة إلى منع المركبات الاقل من 25 راكبا من دخول المشاعر المقدسة، الذى كان له أثر كبير في تقليص حجم زحام المشاعر المقدسة في العام الماضي. ويعلق كثيرون آمالا على نظام «المترو المعلق» في تجاوز الازمة قريبا. منع المركبات الصغيرة أشار الدكتور مجدي حريري في دراسة له حول إمكانية استخدام المسارات المتحركة في المشاعر المقدسة ومكةالمكرمة إلى أن الهدف من الدراسة التحقق من مدى إمكانية استخدام المسارات المتحركة في الحج وجدوى استخدامها بغرض تشجيع المشي كنمط رئيسي لتنقل الحجاج كاحدى استراتيجيات تلبية متطلبات نقل الأعداد المتزايدة من الحجاج. واشتملت الدراسة على تعريف بالمسارات والسلالم المتحركة وأنواع المسارات وحصر أعداد مستخدمي السلالم المتحركة عند المسجد الحرام. وفي دراسة أجراها الباحث حسام عبدالسلام محمد حول إمكانية منع المركبات، التي تقل سعتها عن 25 راكبا من دخول المشاعر المقدسة، أشار أنه بالإمكان استبدال المركبات الاقل من 25 راكبا بحافلات صغيرة أو كبيرة. وقدمت الدراسة مجموعة من النتائج وعكست تحسنا متوقعا عند منع المركبات ذات السعة الاقل من 25 راكبا، من حيث الجوانب التشغيلية والجوانب الاقتصادية والجوانب البيئية والجوانب الاجتماعية. وشددت في توصياتها على ضرورة التوسع في نظم النقل البديلة التي تحد من أعداد المركبات كنظام النقل بالحافلات الترددية. وفي دراسة للدكتور أحمد البدوي أستاذ هندسة وتخطيط النقل والمرور بقسم البحوث العمرانية والهندسية بمعهد خادم الحرمين الشريفين بجامعة أم القرى بعنوان (اختيار وسيلة النقل الفعالة بين الحرم وموقفي محبس الجن وكدي) أوصى باختيار نظام النقل بالمونوريل إيروموفيل نظرًا لملاءمته من حيث جدواه التشغيلية والبيئية والاقتصادية لخدمة موقف محبس الجن وكدي. ويمكن لشركة النقل الجماعي أن تستفيد من هذا المشروع. وفي دراسة لذات الدكتور صدرت عام 1421ه بعنوان (تحديد حجم الطلب الحالي والمستقبلي على وسائل النقل العام) كانت غاية الدراسة تكمن في الوصول إلى تحقيق أقصى عائد اقتصادي ممكن من تشغيل أسطول حافلات النقل العام في مكةالمكرمةوجدة للعمل جنبا إلى جنب مع الشركة السعودية للنقل الجماعي. وهدف الباحث في دراسته إلى تقدير حجم الطلب الحالي على النقل العام بالحافلات، وتحديد عدد الحافلات الإضافية المطلوبة للحصول على حجم طلب عالٍ لتعمل على الخطوط الحالية أو الخطوط ذات طلب عالٍ، واعتمد في دراسته على الاستفادة من البيانات المتاحة من الدراسات السابقة والجهات المختلفة. وأظهرت الدراسة نتائج حصرها الباحث في 31 نقطة ومنها وجد أن معظم رحلات سكان مكةالمكرمة كانت لغرض الصلاة بالحرم 46%، أما زوار مكةالمكرمة من القادمين من خارجها كان غرض الصلاة في الحرم يشكل 60% من رحلاتهم تليه الزيارات الاجتماعية واستحوذت الصلاة في الحرم على النسبة العظمى من أغراض القيام بالرحلات في رمضان 75% بالنسبة للحجاج استحوذ المشي على النسبة الكبرى من وسائل الانتقال في الحج بنسبة 60%. وفي دراسة أخرى للدكتور بدوي صدرت بعنوان (مدى نجاح توحيد اتجاه السير في شارع الحجون) وقف على الاختناقات المرورية في شارع الحجون، وأوصى بتوحيد اتجاه السير فيه إلى كوبري الزاهر وتحويل الاتجاه العكسي من كوبري الزاهر إلى شارع حسان بن ثابت ثم عمر بن عبدالعزيز ثم الطريق الدائري الثاني. ---------------------- باضبعان: منع الوقوف العشوائي وإعادة توقيت الإشارات المرورية وأشار الباحث الدكتور محمد بن سالم باضبعان أستاذ تخطيط وهندسة النقل والمرور المشارك رئيس قسم البحوث العمرانية والهندسية بمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج إلى أن نحو 70% من أعداد المركبات القادمة إلى مكةالمكرمة تقدم عبر طريق مكة - جدة السريع. ودعا إلى ضرورة تشغيل وإعادة توقيت الإشارات الضوئية لبعض التقاطعات وتفعيل النقل العام ليسهم في تخفيف الضغط على شبكة الطرق والتقاطعات بصفة عامة والتأكيد على منع وقوف السيارات بطريقة عشوائية على جانبي الطريق وضرورة صيانة العلامات الأرضية لتوجيه السائقين ورفع مستوى السلامة المرورية مع استخدام التقنيات الحديثة من أنظمة نقل ذكية ورصد ومراقبة لتطوير الحركة المرورية على الطريق. وأوضح في دراسة له عن (تحليل الحركة المرورية على الطرق الرئيسية بمكةالمكرمة) أن مكةالمكرمة تختلف عن باقي المدن لأن الطلب على النقل لا يقتصر على سكان المدينة فقط بل يشمل الوافدين في مواسم رمضان والحج والعمرة بصفة عامة. وقال: تستقبل مدينة مكةالمكرمة أعدادا كبيرة من مركبات الزوار والمعتمرين، خصوصا خلال شهر رمضان المبارك وفترة موسم الحج. وقال إنه قدم هذه الدراسة بهدف تحسين الحركة المرورية والارتقاء بمستوى السلامة. وتم من خلال الدراسة التي ركز فيها على طريق أم القرى دراسة الخصائص الهندسية لطريق ام القرى والتقاطعات الرئيسية الواقعة عليه ودراسة الوضع المروري الراهن على هذا الطريق في الاتجاهين إلى ومن الحرم وتحديد ساعات الذروة وتحديد مستويات الخدمة للتقاطعات الرئيسية الواقعة عليه. وقال باضبعان إن وجود العديد من الانشطة التجارية مثل: المحلات التجارية والبنوك والمطاعم والوجبات السريعة وغيرها على جانبي الطريق وعدم توفر مواقف كافية لخدمة مرتادي تلك الانشطة التجارية، إضافة إلى قيام بعض المشروعات العمرانية بالمنطقة يجعل الحركة المرورية أكثر تعقيدا، خصوصا خلال فترة الذروة الأمر الذي يزيد من حجم المشكلة ويبرز اهمية الدراسة. --------------------- معهد خادم الحرمين: كنا وراء إنشاء مواقف الحجز والنقل الترددي ومنع السيارات الصغيرة كشف عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج الدكتور ثامر الحربي عن (60) دراسة علمية في مجال الحركة والنقل (مركبات ومشاة) خلال الأعوام السابقة، وكان من أهم نتائج وتوصيات تلك الدراسات إنشاء مواقف حجز السيارات على مداخل مكةالمكرمة. وتنظيم محطات لركاب النقل العام في المنطقة المركزية ونقل الحجاج بالحافلات الترددية في المشاعر المقدسة ومنع المركبات الأقل من (25) راكبًا من دخول المشاعر المقدسة وتنظيم حركة المشاة في منطقة الجمرات. وأكد رصد الحركة المرورية من مداخل مكة إلى مواقف السيارات ومحطات الإركاب الواقعة حول الحرم المكي الشريف، بحيث يتم توثيقها والتوصل إلى توصيات أخرى يتم رفعها للجهات المسؤولة، مشيرا إلى أن القطارت والمنوريل خير بديل للنقل القائم والتخفيف من الزحام الذي تشهده المنطقة المركزية خلال موسمي رمضان والحج. وأضاف أن الباحثين في المعهد يعدون الدراسات والتوصيات والجهات المعنية هي المسؤولة عن التنفيذ لتلك الدراسات، ولكن قد لا يكون التنفيذ دقيقا متوافقا مع ما يتطلع اليه الباحثون المعدون للدراسات مما يشوه الدراسة ويحد من نجاحها. ---------------------- كوشك: المترو غير مكلف ماليا ويتجاوز عقبات التضاريس كشف الدكتور نبيل عبدالقادر كوشك مدير مركز التميز في أبحاث الحج والعمرة بمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بجامعة أم القرى عن دراسة يجريها المركز حاليا لتطبيق نظام “المترو المعلق” في نقل الحجاج والمعتمرين بالتعاون مع مركز أبحاث النقل بجامعة تورونتو بكندا، موضحًا أن الباحث الرئيسي للدراسة د.فاضل عثمان والباحث المشارك البروفيسور عامر شلبي من جامعة تورونتو بكندا. وقال إن الدراسة التي تجرى بعنوان (نظام نقل مبتكر في مكةالمكرمة) تستهدف تطبيق نظام النقل الهوائي بالكوابل الذي يسميه بعضهم (المترو المُعلَّق)، موضحًا أنه يشكل حلًا تكنولوجيًا واعدًا لبعض مشاكل النقل في العصر الحديث، ويعتمد على نقل الركاب باستخدام كابينات تسير على كوابل معلقة تشبه التلفريك. ويتكون هذا النظام من عدة عناصر هي الكابينات (وتسمى أيضًا ناقلات، مقصورات، أو مركبات) والكوابل (وتسمى أيضًا الأسلاك أو الحبال). وأوضح أن الكابينات ستكون معلقة من فوق بالكوابل الممتدة بين محطات الركاب والمسندة على الأبراج. وتسير هذه الكابينات بسرعة منتظمة بين محطات الركاب في دورة ثابتة. وأوضح أن هذه التكنولوجيا مناسبة للمدن، التي تحتوي على حواجز طبيعية كالجبال والأودية والمسطحات المائية كطبيعة مكةالمكرمة، إذ يمكن أن تساعد على ربط مواقع جبلية بعيدة سواء كانت على ارتفاعات مماثلة أو مختلفة، مما يسهل تنمية الجبال كأراضٍ سكنية أو تجارية دون الحاجة إلى تغيير التضاريس الجبلية للمدينة. ولا تحتاج هذه التكنولوجيا إلى مساحات كبيرة، حيث إن الأبراج تتطلب الحد الأدنى من المساحة، كما أن محطات الركاب يمكن دمجها في المباني التجارية. وهذه الميزة مفيدة للغاية في المناطق ذات الكثافة السكنية العالية مثل مركز مكة، حيث الأراضي هي مورد نادر جدًا. كما أن هذه التكنولوجيا غير مكلفة نسبيًا. وأوقات التنفيذ سريعة جدًا، كما أنه من الممكن تفكيك وإعادة تجميع مكونات النظام في مواقع مختلفة. ولا تحتاج شبكة خطوط النقل بهذه التكنولوجيا، لأن تكون موازية لتخطيط الشوارع؛ لأن الكابينات تسير بالجو (معلقة)، مما يسمح بتصميم شبكة مرنة لا تتأثر بتصاميم الشوارع القائمة فضلا عن أن التشغيل الآلي للتكنولوجيا يسمح بتشغيل المركبات حسب الطلب وتقليل الاعتماد على القوى العاملة. ----------------------- برهيمين ومغاورى: توجيه العمران للدائرى الثاني لامتصاص حركة المشاة أكد بحث علمي ضرورة توجيه العمران داخل الطريق الدائري الثاني لامتصاص حركة المشاة في حدود دائري نحو 1كم من المسجد الحرام، وذلك لتقليل حجم الطلب على النقل العام وضرورة غلق المنطقة المركزية لحركة المشاة أو تحقيق الفصل بين حركة المركبات والمشاة على مراحل في حدود نطاق دوائر المشاة حتى الدائري الاول وتمتد في أوقات الذروة حتى حدود الدائري الثاني ومنع الانتظار على جانبي الطريق ومنع الافتراش وتحديد محطات النقل في حدود دائرة المشاة وإيجاد مسارات كهربائية لحركة المشاة لكبار السن. وأوضح البحث الذى أعد تحت عنوان (جدوى توجيه العمران داخل المنطقة المركزية من منظور الحركة والنقل) وأعده الدكتور سامي برهيمين والمهندس أشرف مغاوري (هيئة تطوير مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة والمشاعر المقدسة) حجم الطلب على وسائل النقل في أوقات الذروة في الأيام العشرة الاخيرة من شهر رمضان وتوزيعه بين مسارات المشاة والنقل العام وتحديد مستويات الخدمة لمسارات المحاور الاشعاعية وتحديد أماكن محطات النقل العام في الوضع الراهن والمستقبلي بعد توزيع المشروعات التطويرية. وحلل البحث الوضع الراهن والتوزيع النسبي لحركة المصلين المشاة حسب مناطق القدوم والمغادرة، كما قام بتحديد نسب المشاة ومسافة وزمن السير عند الخروج من المسجد الحرام ومسافات التحول من وسيلة المشي إلى استخدام وسيلة نقل عام إلى أخرى في الأيام العادية والجمعة ورمضان والحج لسكان مكة وزوارها. واشتمل البحث ايضا تحليلا لمستويات الخدمة على المحاور الاشعاعية وتدرج حجم الطلب على وسائل النقل العام في الوضع الراهن مع المسجد الحرام. كما ناقش الوضع المستقبلي لحركة المشاة في المنطقة المركزية من خلال تدرج شبكة الطريق المقترحة في المنطقة المركزية بعد التطوير وتوزيع نسب المشاة على المناطق بعد توزيع المشروعات التطويرية ودراسة السيناريو المقترح (المتوافق مع المشروعات التطويرية) وتدرج حجم حركة المصلين في المستقبل مع المسجد الحرام ومستويات الخدمة على المحاور الإشعاعية، مسارات خطوط القطارات الكهربائية المقترحة وتحديد سعة مواقف حجز للسيارات على الطرق الدائرية وتدرج حجم الطلب على وسائل النقل العام في المستقبل من المسجد الحرام.