عندما فتحنا ملف (التكدس.. الاختناقات، أهم تحديات مكةالمكرمة الموسمية) كنا ندرك أننا سنقلب أوراق مشكلة لطالما أرقت أهل مكةالمكرمة والمعتمرين على حد سواء لان الاختناقات تحولت إلى ما يشبه حد السكين الذي يعاني منه الجميع، والسبب ببساطة أن تأثيرات هذه الاختناقات تحولت إلى ما يشبه الأزمة، أزمة في النقل، السكن، الحركة وفي كل شيء. ويقابل هذا استنفار أيضا في كل شيء لكن المواجهة تستمر والمشكلة تبقى. ولأهمية هذا الملف حشدنا له عددا كبيرا من المسؤولين والمختصين والأكاديميين بهدف إعطائه حقه من الإثراء وفعلا وجدنا أنفسنا أمام الكثير والكثير من الآراء النيرة والأفكار الجميلة والمقترحات البناءة التي تستنهض الحلول لمواجهة هذه الاختناقات وعلى قدر ما تمثله هذه المقترحات من حجم وقيمة فقد أعدنا قراءتها في صورة تحليلية لنخرج منها بمجموعة من النتائج التي نقدمها للجهات المسؤولة عسى أن يكون هناك ما يفيد. الإحساس بالمشكلة الملف قائم في أساسه على إشكالية هي في حقيقتها قائمة على ارض الواقع وليست فرضية أو توقعية فمكةالمكرمة تعيش مشكلة الاختناقات والتكدسات في كل موسم حج ثم تلته في السنوات الأخيرة العمرة بل أصبحت في منزلة لا تبتعد كثيرا في مداها عن اختناقات الحج رغم فارق المحددات الزمنية بين الموسمين. والمتابعون هذه الأيام لواقع مكةالمكرمة يجدون أنها تقع تحت ضغط تكدس آلي وبشري ضخم فالسيارات من جهة مكةالمكرمةالشرقية وصلت إلى حدود مشعر منى وفي جهتها الغربية وصلت إلى الطريق الدائري الثالث وفي حدها الشمالي وصلت الى الزاهر وإلى كدي في الجنوب. وعن الكثافة البشرية فإن المنطقة المركزية تشهد كثافة بشرية تزداد حدتها كلما اتجهت باتجاه العمق وتحديدا منطقة الساحات المحيطة بالحرم المكي. وطغى بشكل كبير في أحاديث الناس تداعيات هذه المشكلة فلا تجد إنسانا من أهل مكة إلا ويشكو من الاختناقات وإنها تحد من حركته لذلك يتحاشى الوصول الى المنطقة المركزية تجنبا للزحام وكذلك يواجهك بنفس المعاناة أي معتمر أو زائر لمكةالمكرمة خلال موسم رمضان. المشكلة تراكمية بالتأكيد مشكلة الاختناقات لم تولد بين يوم وليلة فهي مشكلة تراكمية وبحسب مسؤولين -مثل اللواء يحيى الزايدي مدير شرطة منطقة مكةالمكرمة سابقا وهو فى الوقت ذاته كان مدير مرور العاصمة المقدسة لفترات طويلة، واللواء محمد سعيد الحارثي مدير شرطة العاصمة المقدسة ومن قبل شغل مدير مرور العاصمة المقدسة في فترة ما قبل الزايدي، واللواء يوسف مطر مدير شرطة منطقة مكةالمكرمة والعميد احمد ناشئ العتيبي- فإن المشكلة قديمة وأنهم قضوا فترات عملهم إبان إداراتهم السابقة في محاولات لإيجاد حلول لفك الاختناقات عن المنطقة المركزية وبعض الطرق الرئيسية المؤدية إليها. من الحلول السابقة وقد تحدث أولئك القياديون الامنيون عن مجموعة من الحلول تم اتخاذها ومن أبرزها: عمل مواقف حجز لسيارات المعتمرين والحجاج على مداخل مكةالمكرمة. عمل نقاط فرز على مداخل المنطقة المركزية. تفعيل النقل العام (النقل الجماعي). إيجاد خطة تفويج للمنطقة المركزية أوقات الذروة وأجمع هؤلاء القياديون وعدد من المكيين على أن تلك الحلول هي التي لازالت سارية لحد اليوم إلا أنها لم تعد حلولًا ناجعة بالقدر الكافي فى الوقت الحالي، وذلك بسبب تنامي أعداد المعتمرين. مرتكزات الملف: ارتكز الملف على ثلاثة أبعاد رئيسية هي: المشكلة (المفاهيم الحيثيات الواقع) الحلول الآنية. 3 التطلعات المستقبلية. المادة العلمية للملف انطلقنا في بناء المادة العلمية للملف من تلك الأبعاد الثلاثة وحصرناها في ثلاثة جوانب رئيسية نتوقع ان تحقق الإجابة على معظم تساؤلات المشكلة. وهذه الجوانب هي: 1- الجانب الميداني. 2- الجانب التنظيمي. 3- الجانب البحثي. ثم فرَّعنا هذه الجوانب إلى عدة محاور هي: 1- الاطار النظري (قراءة طبيعة الواقع). 2- محور الخطط الدورية والنقل وبدائله 3- محور الحلول الإسكانية 4- محور شبكات الطرق الدائرية والمحورية 5- محور الاستيعاب التجريبي للتماثل ما بين أنظمة الحج والعمرة 6- محور الدراسات والبحوث العلمية ------------------------------------------------------------------------ الورقة الأولى في الورقة الأولي تحدث المشاركون عن الاختناقات كظاهرة عالمية وعن الاختناقات المرورية فى مكةالمكرمة كظاهرة موسمية وتناول الضيوف بتركيز شديد هذه الظاهرة من حيث المسببات وكيفية مواجهتها. الدكتور عبدالعزيز الخضيري والدكتور أسامة البار واللواء يحيى الزايدي ناقشوا مجموعة من المقترحات اهمها: استخدام وسائل حديثة كالقطارات عموما والقطارات المعلقة وخلافه. التوسع في وسائل النقل العام وتطويره التوسع في الطرق وإكمال شبكات الطرق الدائرية ربط قطاري الحرمين والمشاعر بالمسجد الحرام ------------------------------------------------------------------------ الورقة الثانية كانت مخصصة للخطط المرورية وللنقل وتحدث المشاركون عن الخطط المرورية الحالية التى تعتمد ابرز ملامحها على مواقع حجوزات السيارات ونقاط الفرز والخطط المرورية في المنطقة المركزية وخصوصا وقت الذروة، كما تحدثوا عن أهمية الحركة الترددية وتطوير وسائل النقل العام ووجود وسائل أخرى كالقطارات، وقد قدم المشاركون وهم الدكتور حبيب زين العابدين وحاتم قاضي واللواء سليمان العجلان واللواء جزاء العمري والمهندس مفرح الزهراني واحمد المغربي وعاصم يماني مجموعة من الرؤى كان أبرزها: نجاح الحركة الترددية وأهمية تعميمها تطوير النقل العام وزيادة فاعليته وتنظيمه ضرورة استخدام بدائل حديثة غير الموجودة ------------------------------------------------------------------------ الورقة الثالثة ناقشت الحلول الإسكانية وكان ضيوفها عادل محمد بالخير والدكتور مجدي محمد حريري والشريف منصور أبو رياش وسعد القرشي ورجل الاعمال يوسف الأحمدي والمهندس عدنان شفي وخرجوا بمجموعة من الرؤى تلخصت في: عدم جدوى بناء مدن للحجاج والمعتمرين خارج النطاق العمراني لمكة فى الوقت الحالي ما لم يرتبط بها شبكات نقل وجميع الخدمات الأخرى. الإسراع في تنفيذ الطرق الإشعاعية الأربعة. ------------------------------------------------------------------------ الورقة الرابعة كان الحديث عن قضية شبكات الطرق والأنفاق وناقش المتحدثون الدكتور سامي برهمين والدكتور عادل غباشي والدكتور بدر حبيب الله والدكتور عاطف اصغر والمهندس نبيل قطب والمهندس محمود فكيرة مجموعة من الأفكار وقدموا لنا عددا من المقترحات من أهمها: استكمال الطرق الدائرية كجزء من منظومة متكاملة من الطرق. إحاطة الكتل العمرانية بخطوط دائرية وربطها بالخطوط الدائرية حول الحرم. توفير وسائل نقل سريعة غير تقليدية. تعميم نظام النقل الترددي. إنشاء مسار علوي لوسيلة نقل جماعي. إنشاء القطارات (المونوريل) وقطار الأنفاق. ------------------------------------------------------------------------ الورقة الخامسة تناولت بعض الأنظمة المعمول بها فى الحج لتفادي الازدحام والاختناق كالتفويج والنقل الترددي وخلافه ومدى الاستفادة منها في العمرة. وكان ضيوف هذا المحور الدكتور عيسى رواس وفايق بياري والدكتور يوسف الحوالة وزهير سدايو والدكتور سليمان قطان ومحمد حسن قاضي وعبدالقادر الجبرتي ومحمد القرشي وخلص المشاركون إلى: استخدام بعض التطبيقات المعمول بها في الحج وخاصة فيما يتعلق بالنقل الترددي. الاستفادة من التفويج على جسر الجمرات بالقدر الذي يخدم العمرة في المنطقة المركزية. تفعيل دور مكتب الوكلاء الموحد ومكتب الأدلاء للاستفادة منها في تنظيم وصول المعتمرين. ------------------------------------------------------------------------ الورقة السادسة تم الوقوف على مجموعة من الأبحاث والدراسات الأكاديمية العلمية باعتبارها إحدى الركائز الأساسية في معالجة الاختناقات بمكةالمكرمة وقد تعاونا في هذا مع معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بجامعة أم القرى. ورغم أهمية هذه الأبحاث في معالجة الاختناقات إلا أنها ظلت مع الأسف حبيسة الأدراج وطرح أصحابها عددًا من المقترحات والرؤى من أبرزها: إعادة تصميم شبكات الطرق بالمنطقة المركزية للحد من تقاطعاتها. الترميم الفني لبعض الطرق الرئيسية القديمة بحيث تلغى التقاطعات وتضاف جسور لتسهيل انسيابية الحركة. فصل حركة المشاة عن حركة المركبات داخل المنطقة المركزية. المداولات والنتائج على مدى ثماني أوراق وستة محاور وواحد وعشرين عنصرا حواريا ومن خلال 55 متحدثا تم رصد أكثر من مئة مقترح (أكثرها مكرر) وهذا لا يعيب لانه يعني وضوح الرؤية حول المشكلة وبالتالي التوافق في اغلب الطروحات وحصلنا على أكثر من أربع عشرة نتيجة تكاد تكون كلها مهمة لنصل في النهاية إلى أربع توصيات أو أكثر لمن أراد استخلاصها من النتائج العامة لأطروحات الملف.