كانت دراما رمضان هذا العام مختلفة بعض الشيء عن دراما رمضان كل عام مضى، فقد بدأت تطرح موضوعات جديدة تأخذ طابع الجرأة بشكل لا محدود وظهر كثير من الشبان الجدد في كل المجالات في الحياة الفنية. كذلك كان ما يحسب لدراما وبرامج المملكة والخليج بشكل عام التنوع بغض النظر عن المستوى في الأداء والجودة لأنه من الطبيعي أن يكون بعضها جيد الدرجة وبعضها معقول والنسبة الأكثر تتفاوت بين مقبول في كل الحالات أو ضعيف، وبالرجوع إلى معيار الأعمال «المتصلة المنفصلة» نجد أن كل البرامج والمسلسلات الخليجية والسعودية تحديدا تخضع لمعيار «حلقة فوق وحلقة تحت» أي مرة ومرة بحيث تكون بعض الحلقات أكثر جودة أو جيدة وبعضها ضعيف كل الضعف وهكذا، وهو المعيار الذي كنا نجد فيه أعرق هذه الأعمال المتصلة المنفصلة «طاش ما طاش» الذي غاب عنا هذا العام، بينما سجل عبدالله السدحان حضورا جيدا في مسلسله هذا العام مع حسن أبو حسنة في «طالع نازل» في تلفزيون دبي، بينما ظهر ناصر القصبي في مسلسل الزميل الكاتب خلف الحربي «واي فاي» منتظرا إلى أن ظهر في حلقة أمس الأول كمذيع «يتميلح» على الماكييرة في حلقة جيدة تستعرض بعض تصرفات «حبرتية الطائف» تحديدا، أولئك الذين نجد منهم في الغالب من يهمز ويلمز وهو رام أو متوشحا لشماغه على كتفه وهو يقود كابريس السبعينيات والثمانينيات بلا قوانين (هذا في الغالب) وليس من مس أو همز هنا لأبناء الطائف الطيبين في المجمل. كذلك كان مسلسل فايز المالكي «سكتم بكتم» من الأعمال المشاهدة محليا بشكل كبير يوحي بذلك أحاديث الناس في دعوات الإفطار حول خفة ظل فايز المالكي ومحاولة تقديم ما يتناسب مع فترة التلقي الكوميدي بعد الإفطار . حضور فايز المالكي في دنيا الكوميديا المحلية يجعله دوما مكان أحاديث الناس، أما مسلسل حسن عسيري «كلام الناس» فكان أكثر الأعمال التي تناولتها الصحافة والمواقع والنقاد لما طرحه من أفكار نقدية لظواهر سلبية من المجتمع وفي ذات الوقت من جهات حكومية، قد يكون الخلل في أو من بعض الموكل إليهم تسيير أمور الناس. وفي «طالع نازل» حاول عبدالله السدحان أن يكون في أول صفوف كوميديا وتراجيديا أعمال رمضان المحلية والوصول لكل الخليج من خلال قناة تلفزيون دبي وها هو يفعل. حضور البرنامج المسلي الجيد على شاشة mbc «واي فاي» كان محققا لبعض غياب «طاش» هذا العام، واستطاع الرباعي «داوود حسين وحبيب الحبيب وحسن البلام وأسعد الزهراني» تقديم حلقات ممتازة وأخرى جيدة جدا وأخرى جيدة وبعضها كان ضعيفا إلا أن حضور البرنامج كان واضحا من حيث الإصرار على متابعة مشاهدته وهو كما قلنا خاضع لمعيار المتصل المنفصل. العدد 100 كان عدد الإنتاج الدرامي العربي هذا العام يقارب المائة مسلسل وكان النصيب الأكبر منها للدراما المصرية التي أنتجت ما يقارب 60 مسلسلا منها 40 مسلسلا تعرض على الفضائيات المصرية الخاصة والفضائيات العربية والباقي يذاع على الفضائيات المصرية العامة والتي عادة ماتكون أقل مشاهدة، والمسلسلات المعروضة عليها من الإنتاج ذي الكلفة الإنتاجية المنخفضة وغالبا ماتكون كوميدية وأبطالها من نجوم الصف الثاني، أما الدراما الخليجية قاربت 25 مسلسلا والدراما السورية تقلص عددها بسبب الثورة وقاربت 15 مسلسلا. وكانت هناك مجموعة من الظواهر المرتبطة بدراما هذا العام من أهمها التطور في الجرأة حتى على قدسية أمسيات رمضان. دراما متطورة وجريئة من الظواهر اللافتة هذا العام زيادة كمية الحرية وابتعاد الخط الأحمر في المحظور والجرأة الدرامية التي سمح بها المبدعون لأنفسهم نتيجة ما يشعرون به من المناخ السياسي والاجتماعي العربي اليوم بعد ثورات شعبية عديدة شهدها العالم العربي، أو لأن الآلات الرقابية خففت بفضل أو دهاء من المراقب تماشيا مع المناخ العام، والحديث هنا عن الحس الرقابي العام فمن يتصور أن مسلسل (عمر) يأتي بكل الصحابة مجسدين وأولهم سيدنا أبو بكر وعمر نفسه فهذه جرأة دينية واجتماعية كبيرة لها وعليها ما بعدها. ومن الجرأة كذلك مسلسل فرقة ناجي عطا الله للفنان عادل إمام الذي دخل فى أحداثه عمق إسرائيل. أما المفاجأة الكبرى فهو تطور الدراما الخليجية خطوة كبيرة للأمام ودخولها مناطق جديدة اكتسبها المنتجون وعلى رأس ذلك مسلسل «كلام الناس» للفنان حسن عسيري وفي مسلسل «واي فاي» و«سكتم بكتم» وإن كان بنسبة أقل من الجرأة العربية الأخرى. وإن كان الحديث عن الجرأة فإن ذلك ارتبط بجرأة في الأدوات الفنية وأساليب الإخراج والتصوير وحتى الديكورات، فمن يصدق الإخراج الخاص بمسلسل نابليون والمحروسة بطولة الفنانة ليلى علوي وإخراج شوقي الماجري وكذلك مسلسلات سرعلني ورقم مجهول وسيدنا السيد والخواجة عبدالقادر وكلها ارتبطت بشبان جدد فى التأليف والإخراج يختلف عن الجيل القديم «الحرس القديم» في دراما التلفزيونات العربية. وفي الحديث عن الجرأة والتطور فإنه من الضرورة أن نعرج على الدراما الخاصة بالربيع العربي وإن لم تتبلور بعد فلم يكن هناك مسلسل يتحدث بشكل مباشر عن الربيع العربي ولكن كانت دراما تستوحى من أثر تلك الثورات، فكثير من المسلسلات يتحدث عن الظلم السابق عن تلك الثورات ثم تدخل الثورات وتقتحم دراميا، والأجمل هو استخدام عبارات ارتبطت بالثورات العربية كعناوين لأسماء مسلسلات مثل مسلسلات «طرف ثالث» «البلطجي» «ابن النظام». تفوق الدراما المصرية من الملفت للنظر هذا العام هو تفوق الدراما المصرية بشكل غير منتظر حيث دخل كل نجوم مصر وخاصة نجوم السينما سباق هذا العام ومنهم نجوم يقتحمون دراما رمضان لأول مرة مثل محمد سعد في مسلسل شمس الأنصاري وكريم عبدالعزيز في مسلسل الهروب وأحمد السقا في مسلسل خطوط حمراء ومصطفى شعبان في مسلسل الزوجة الرابعة وآسر ياسين (ابن النجم محمود ياسين) في مسلسل البلطجي وخالد النبوي في مسلسل ابن موت. بجوار كل النجوم القدامى وخاصة الأربعة الكبار يحيى الفخراني في مسلسل الخواجة عبدالقادر ونور الشريف في عرفة البحر ومحمود عبدالعزيز في مسلسل باب الخلق وعادل إمام في فرقة ناجي عطا الله والنجوم النسائية الأربعة الكبار يسرا في مسلسل شربات لوز ومعها النجم سمير غانم وليلى علوي في مسلسل نابليون والمحروسة وإلهام شاهين ومسلسل قضية معالي الوزيرة وحنان ترك ومسلسل الأخت تريز وهناك نجمات صرن مرتبطات بشهر رمضان مثل هند صبري ومسلسل فيرتيجو وفيفي عبده ومسلسل كيد النساء. وغير التجديد في الكتابة والإخراج فقد تفوقت الدراما المصرية هذا العام في دخول مناطق درامية وتصويرية جديدة مثل مناطق غزة ولبنان وإسرائيل في مسلسل فرقة ناجي عطا الله ومنطقة أفغانستان في مسلسل باب الخلق ومنطقة السودان وأقاصي الصعيد في مسلسل الخواجة عبدالقادر ومنطقة البحر في مسلسل عرفة البحر ومنطقة الصعيد البعيد في مسلسل سيدنا السيد والأجمل للدراما المصرية هذا العام هو انتباهها واستعانتها بالنجوم العرب مثل جمال سليمان في مسلسل سيدنا السيد ومحمد مفتاح النجم المغربي ومعه النجمة السورية سوزان نجم الدين في مسلسل باب الخلق ومجموعة من نجوم الدراما اللبنانية والسورية والعراقية وحتى الصومالية في مسلسل فرقة ناجي عطا الله ومجموعة من نجوم الدراما السودانية في مسلسل الخواجة عبدالقادر وكذلك ظهور مميز للنجمة صبا مبارك في مسلسلي شربات لوز وحكاية بنات.