لم تكن الحياة في شهر رمضان قبل نحو نصف قرن في المملكة، تشبه ما نعيشه حاليا سوى في جزئيات بسيطة، لا تكاد تذكر، فبعد أن كان الأهالي يعرفون دخول الشهر بطرق بدائية، ويجدون صعوبة في توفير لقمة العيش، أصبحوا يستخدمون أحدث التقنيات في رؤية هلال الشهر الكريم، فضلا عن رغد العيش الذي هم فيه. وسرد هادي محمد (80 عاما) العديد من الفوارق والاختلاف بين صيام رمضان في عسير سابقا وحاليا، موضحا أنهم يعلمون بدخول الشهر الكريم عبر أنباء يتناقلها الأهالي فيما بينهم. وأكد أنه بمجرد التأكد من دخول رمضان فإنه يعلن عنه من خلال إطلاق النار من البنادق في أحد رؤوس الجبال الشاهقة، أو إشعال النيران في الهضاب المرتفعة، ملمحا إلى أن هذه الطرق تستخدم أيضا لإبلاغ الناس بدخول العيد أو اقتراب موعد السحور. وذكر هادي أن الأهالي في السابق كانوا يعانون من شدة العيش وليس كما هو الحال الآن حيث الرخاء والازدهار في شتى مناحي الحياة، مؤكدا أنهم كانوا في الماضي يضطرون أحيانا للصوم دون تناول وجبة السحور. وقال: «كان الغني ذلك الوقت من يجد حبات تمر أو قطعة خبز أو إقط وعند شروق الشمس يذهب كل في مهمته سواء رعي الأغنام أو الاحتطاب، وغيرها من المهن البسيطة»، لافتا إلى أن أبناء الحي يتناولون وجبة الإفطار سويا والذي يحتوي في العادة على تمر ولبن أو ماء وخبز. وأضاف: «في حين تغير الوضع الآن وبتنا نعيش في خير وازدهار، وأصبحت الموائد تغص بأنواع متعددة من الطعام والحلوى، وغدا المرء يحتار ماذا يأكل بفضل الله علينا»، مشيرا إلى أن الشباب حاليا يقضون جل أوقاتهم أمام التلفاز، بعد أن كان آباؤهم وأجدادهم يضربون في الأرض منذ الشروق إلى الغروب بحثا عن لقمة العيش التي لا يجدون منها سوى النزر اليسير. وألمح محمد إلى أن الأهالي يقضون جزءا كبيرا من أوقاتهم في الأسواق بحثا عن الكماليات، والملابس التي تواكب أحدث موضة، بينما كان أجدادهم في السابق بالكاد يجدون الأساسيات. وزاد: «إن وسائل التقنية الحديثة كالمكيفات تسهم في تلطيف الأجواء في ذروة الصيف، في حين كنا في السابق نقضي غالبية الوقت تحت الهجير والقيظ، فالحمد لله الذي أنعم على البشر بهذا الفضل والراحة بعد حياة الشدة والفقر».