ما زال كبار السن يستعيدون ذكرى رمضان زمان كلما جمعتهم مجالس الأنس والسمر خلال الأيام الأولى من رمضان، فيروون لأبنائهم من الأجيال الجديدة حياة الفقر والحرمان التي كانوا يعيشونها في ذلك الوقت، الذي انعدمت فيه وسائل الراحة والرفاه. سعيد بن عبدالله الأحمري (90 عاما، أحد سكان خميس مشيط) يحدث أبناءه وأحفاده عن رمضان زمان، وهو يعقد مقارنة ما بين الماضي والحاضر «كنا نصوم وسط أجواءشديدة الحرارة، ومع ذلك كنا نعتمد على أنباء نتناقلها فيما بيننا، ونحن جيران نتنقل من بادية إلى أخرى». وكان الإعلان عن صوم أول يوم من رمضان بإطلاق النار من البندقية في أحد رؤوس الجبال أو بإشعال الحرائق في رؤوس الجبال ليعلم الجميع أن غدا صيام أو عيد!. ويستطرد في سرد هذه الذكريات قائلا «كنا لانعرف السحور أبدا، ومعظمنا ينام ويصوم في اليوم التالي بدون سحور من شدة الفقر والعدم، والغني من يجد حبات تمر أو قطعة خبز! وبشروق الشمس يذهب كل إلى عمله سواء رعي الأغنام أو جمع الحطب أوالبحث عن الطعام، ووقت المغرب يتجمع أهل البيت والجيران لتناول وجبة الإفطار الرمضاني المكونة من التمر واللبن والماء والخبز، حيث لم نكن نعرف عن المأكولات الجديدة شيئا». أما رمضان اليوم فيتميز بتنوع مائدة إفطاره، فمن الشوربة والمكرونة والشعيرية والخضار واللحوم، إلى أنواع الحلوى والعصائر، ولا تفوت الأسر فيه مشاهدة البرامج المخصصة لشهر رمضان والتي يسهر عليها الكثيرون إلى وقت السحور، فيما يخرج الشباب ليلا للأسواق والملاهي ولعب الكرة، وبعد الفجر يذهبون للنوم حتى آذان الظهر، وقد يعود الواحد منهم إلى السرير حتى العصر في أغلب الأوقات، وبعدها يتابع البرامج التلفزيونية والمسابقات حتى وقت الإفطار، ويبدو أن رمضان حاليا والرفاهية التي يعيشها جيل اليوم، في النوم تحت أجهزة التكييف ولساعات طويلة، إلى وقت الإفطار، قد ساهمت في فقدان الإحساس بروحانية الشهر المبارك.