«البلدية.. بلى وأذية».. بهذا المثل المكي «العتيق» بدأ معالي أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار إجابته على سؤال الكاتب العكاظي صالح الطريقي عندما سأله في منتدى عكاظ عن سبب وجود «أزمة» في العلاقة بين المواطن والأمانة لعدم وضوح بعض الأنظمة وتطبيقها على البعض دون البعض الآخر الأمر الذي يجبر بعض المواطنين الى اللجوء إلى طرق ملتوية للحصول على الحقوق «المعلقة» لدى الأمانة. إجابة أمين العاصمة بلا شك كان بها شيء من «الممازحة» وكثير من «الدبلوماسية». ولكن بلا شك يبقى هذا «المثل» الذي ذكره «البار» نفسه يحمل الكثير من المعاني الظاهرة والمبطنة، ومن المعروف أن الأمثال والحِكم تحمل «ثقافة» الشعوب و«خلاصة» تجاربها في الحياة. لهذا فإن «المثل» لم يأت من فراغ. فهل «البلدية» أو ما يعرف اليوم ب «الأمانة» هذه الجهة الخدمية تستحق أن يطلق عليها هذا الوصف؟ وهل كان دورها سلبياً في الماضي إلى هذا الحد حتى يطلق عليها هذا المثل الذي سجله التاريخ ليكون شاهداً عليها؟ الحديث أحياناً في الماضي بإغراق كبير قد لا ينفع، ولكن ما ينفع كثيراً هو التفكير في المستقبل. لذا دعونا نتساءل بإلحاح ماذا يمكن أن تقدم البلديات الفرعية وأمانة العاصمة المقدسة للإنسان المكي حتى يرضى؟ وهنا أقصد ب«الإنسان» المواطن والمقيم على حد سواء، وماذا يمكن أن تفعل هذه الجهات حتى يغير الإنسان المكي صورة «البلدية» الموروثة والمنقولة له من آبائه وأجداده عبر مثل يصفها بأنها «بلاء» و«أذية»؟ بطبيعة الحال الإجابة يملكها أمين العاصمة المقدسة ومن يعمل معه في رئاسة البلديات الفرعية بمكةالمكرمة وأقسام «الأمانة» الرئيسية. ودعونا نطرح تساؤلا مهما: ماذا يريد المكي من «الأمانة» و«البلديات» حتى يرضى عن أدائها؟ في الغالب الإجابة يعرفها الجميع، ولكن تكمن «المعضلة» في تحقيق «الإجابة» والوصول لإرضاء ابن مكة. مثلا يأمل المكي أن تتمتع مدينته بنظافة تضاهي مستوى النظافة في المدن العالمية، كما يأمل المكي أن يتم الإسراع في تجميل «مداخل» مكة، فالمدن العالمية الكبرى تتمتع بمداخل رائعة تضفي على هذه المدن هيبة وتميزا. كما يتمنى المكي أن تحل قضية «الأحياء العشوائية»، فهل يعقل أن يوجد في مكة 66 حياً عشوائياً بشهادة أمين العاصمة نفسه، كم هم سكان هذه الأحياء؟ وما هو الضرر الذي يقع من هؤلاء على مدينتنا الغالية على نفوس المسلمين كافة؟ كما يتوق المكي لرؤية مساحات خضراء يجلي بها عينيه، مدينة مثل نيويوركالأمريكية بها مئات الحدائق العامة منها حديقة «سنترال بارك» التي يساوي حجمها 10% من حجم المدينة كلها وتعتبر أحد أكبر حدائق العالم، مدينة لندن عاصمة بريطانيا بها مساحات خضراء شاسعة منها حديقة «هايد بارك» التي تعتبر الأكبر في العالم. نعلم بطبيعة الحال أن هناك فرقاً جوهرياً في أجوائنا المناخية القاسية ولكن من الممكن تخصيص مساحات عامة وابتكار طريقة لهندسة متنزهات كبيرة بأفكار إبداعية تتناسب مع أجوائنا، وقد سبق أن صدر أمر بتخصيص حديقة عامة في مكةالمكرمة ولكنها لم تنفذ حتى اللحظة، وهنا نقف لنتساءل: أين يكمن التقصير في هذا الأمر؟ ومتى سيرى «المكي» والحاج والمعتمر هذه الحديقة؟ مكةالمكرمة مدينة لها تاريخ ضارب في عمق الزمن. ولكن يتساءل الجميع أين انعكاساته على العمارة والشوارع ومسمياتها. وكيف لنا أن نصور لأبنائنا تاريخ مكة فلا هو ظاهر في مبانيها ولا شوارعها وليس لها آثار معتنى بها ولا يوجد بها متحف يستحق الزيارة. بطبيعة الحال لن نحكي عن متحف «اللوفر» في باريس والمتحف «البريطاني» في لندن ومتحف «المتروبوليتان» في نيويورك فالمقارنة لا تجدي. فتلك متاحف تحفظ تاريخ العالم أجمع، ونحن نتمنى أن نحفظ تاريخنا وتراثنا. وللحديث بقية. [email protected]