مع تطور العصر تصبح النظرة للدراما أكثر وعيا، إذ تتجاوز النظرة للعمل الدرامي بوصفه رسالة مباشرة تهدف من خلاله إلى تحقيق أمر ما كبيرا كان أو صغيرا، بل هو عمل يقوم على معطيات الرؤية الفنية والتجريب وخلق الفضاءات الإبداعية الجديدة من خلال الصورة خاصة مع تطور الرؤية البصرية للمشاهدين. والتاريخ بوصفه نصا دراميا سبق وأن كتب في المدونات التاريخية القديمة والحديثة يحمل دراماتيكيته الخاصة التي يمكن أن تنتقل إلى الشاشة الصغيرة، أو الشاشة السينمائية الكبيرة؛ فضلا عن أن الكثير من الشخصيات التاريخية هي شخصيات درامية بذاتها، وكانت تعبر عن فترتها بجلاء، وربما تتجاوزه إلى عصور لاحقة. وإن النظر إلى التاريخ بوصفه حدثا صاعدا في الأعمال التاريخية يجعل منه قصصيا أكثر منه تعبيريا، فكما أن الحدث مهم في العمل إلا أن هناك ما وراء الحدث من آلام وأفراح وشقاء الإنسان تصور من خلال تجسيد الشخصيات خاصة تلك التي تتقاطع مع التاريخ في جانب منها، ولذلك فإن الرؤية الفنية هي التي تحدد العمل، وليست ثنائية «الحرام والحلال» كما يتجادل حولها العرب في كل مرة تخرج فيها شخصية من شخصيات التاريخ الإسلامي التي دونها توضع الخطوط الحمراء. في الأعمال الفنية كل شيء جائز تمثيله ما دام يحقق الرؤية الفنية والتعبيرية من خلاله، بغض النظر عن مدى اقتراب تلك الشخصية من التابو الديني، أو ابتعاده عنه، فالمعتبر ليس الشخصية التاريخية، وإنما الرؤية الدرامية الفنية التي تستنطق التاريخي في الواقعي بصيغة متقنة دراميا تكشف عن الواقع المعاش أكثر مما تكشف عن التاريخ نفسه، فالتاريخ مهما اتفقنا عليه أو اختلفنا يبقى تاريخا بحسناته وسيئاته.