اختلفت وكثرت معايير التفاضل عند الناس في هذا الزمن المادي!. فأصبحت المادة والجاه وكثرة العيال، بل وأصبح العلم والإنتاج، يلعب الدور الرئيسي في عملية التفاضل بين الناس، وتلك معايير بشرية!. ولكن هناك معيارا حقيقيا هو ما وضعه المولى الخالق سبحانه للتفاضل بين عباده في الدنيا: يقول الله تعالى «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم» الحجرات. ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى». ويقول علي كرم الله وجهه «لا ترفعوا من رفعته الدنيا، ولا تخفضوا من رفعته التقوى». والسر في التفاضل بالتقوى أن التقوى ملكة نفسية داخلية، لها القدرة على السيطرة على وعي الإنسان، فالتقوى هي «روح» تجري في الدم وفي العروق ولها القدرة على ردع الإنسان عن فعل ما حرم الله، ولها القدرة على دفعه لفعل الخير، وبقدر ما يملك الإنسان من التقوى، وبقدر ما يكون أكثر واثقا بالله وبتعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومهتم بالإخلاص في عمله. وبالتقى يكون الإنسان مميزا عن غيره في الدنيا والآخرة، يقول المولى سبحانه في ذلك «أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا، لا يستوون». ولكن هل هي التقوى مجرد اسم يكنى به الإنسان؟ فبالطبع لا!. فالتقوى هي منة من الله سبحانه وتعالى أولا ثم هي صفات يتكسب الإنسان بقوة إيمانه بالله ورسله، ولإيمانه بالغيب بكل ما يحمل من معنى، وبالرضى والقناعة بكل ما قسم الله له، وأيضا بالإخلاص والإتقان في العمل، إذا فنحن إن «اتقينا» وأتقنا فسوف نكون من أفضل البشر ومن خير أمة أخرجت للناس، وإن تهاونا في «مقومات» التقوى والتي منها الإتقان في المهن والإخلاص في العمل، فلن يبقى لنا من العزة مسوقات.