يبدو أن الأوضاع في سوريا تتجه نحو حرب مفتوحة يمكن أن تتمدد إقليميًا ودوليًا إذا لم يضغط العالم من اجل إزاحة بشار الأسد ونظامه البعثي الأمني من السلطة، وبدون ذلك فإن الأوضاع مرشحة للدخول في تعقيدات كبيرة تتورط فيها أطراف كثيرة داخلية وخارجية. ما يجري في سوريا حاليا هي حرب بكل ما في الكلمة من معنى، لكنها حرب من طرف واحد، لان نظام بشار الأسد الدموي الإجرامي يصب حمم دباباته وراجمات صورايخه ومروحياته الحربية على رؤوس الناس في حمص والزبداني والمناطق الأخرى، ويرتكب المجزرة تلو المجزرة بدون توقف أو وازع من ضمير أو إنسانية أو دين، في المقابل فإن الجنود المنشقين عن قوات النظام البعثي وهم الجيش السوري الحر لا يملكون إلا أسلحة خفيفة، لا تستطيع أن تفعل الكثير في مواجهة الآلة العسكرية الضخمة لبشار الأسد ونظامه. النظام البعثي الدموي في سوريا يتآكل، والتشققات تزداد يوميا، وهي تشققات يمكن أن تقود إلى انهيار النظام عند الوصول إلى «اللحظة الحرجة»، التي تختزن كمية كافية من الطاقة لإسقاطه، وهذه الطاقة لا يمكن إلا أن تكون فعلًا عسكريًا قويًا، وهذا يتطلب دعم الجيش السوري الحر بكل أنواع الأسلحة القادرة على مواجهة الآلة العسكرية الضخة للنظام البعثي الإجرامي، وعدم الركون إلى الحلول السياسية التي ثبت أنها فاشلة وغير عملية وغير ممكن في ظل توفير روسيا والصين درعًا سياسيًا لحماية نظام الأسد. الانتصار على النظام البعثي وزعيمه بشار الأسد يحتاج إلى تعميق عمليات الانشقاق العسكري والسياسي في النظام الذي يقوده، وهذا لن يتم بدون توفير دعم عسكري قوي على الأرض للجيش السوري الحر لإقناع المنشقين أن النظام البعثي الدموي يمكن أن ينهار في أي لحظة، وتوفير حماية للسفراء والدبلوماسيين السوريين الذين يقررون الانشقاق، والعمل على تفكيك الجسم السياسي والدبلوماسي والعسكري لنظام الأسد. هناك ثلاث دوائر داخلية تقوي موقف نظام الأسد، وهي القوة العسكرية والأمنية ومليشيات حزب البعث، والمنتفعين وبقايا عناصر حزب البعث والمرتبطين به، وطبقة التجار في دمشق وحلب إضافة إلى الانحياز الكبير للعلويين في سوريا لنظام الأسد، والتي قدرها ناشط علوي معارض بنحو 80 في المائة من العلويين الذين يشكلون العمود الفقري للشبيحة الذين يمارسون أبشع عمليات الإجرام ضد الأبرياء في المدن والقرى السورية. أما العوامل الخارجية لقوة النظام البعثي الأسدي، فهي الدعم الروسي الصيني السياسي والدعم الإيراني والعراقي وحزب الله الذين يدعمونه بالرجال والسلاح ويفتحون له منافذ اقتصادية تخفف الضغط عليه، ومن الواضح أن إيران وحليفها حزب الله يخوضان الحرب مع نظام الأسد حتى النهاية بوصفه الخيار الوحيد، لان سقوطه يعني بداية النهاية للمشروع الإيراني في المنطقة، وإعادة رسم الخارطة في العراق ولبنان على أسس جديدة. كلما طال أمد انتصار الثورة في سوريا ورحيل النظام القائم، كلما ازداد احتمال انتقال الحرب إلى لبنان والعراق، وتورط إيراني مباشر، مع إمكانية تورط تركي أيضا، مما ينذر بحرب إقليمية ستكون ساحتها سوريا والعراق ولبنان. وهذه الحرب ستكون حربا أهلية طائفية في سوريا تطال جميع الجميع بلا استثناء، أما في العراق ولبنان، فان أنصار الثورة السورية يمكن أن يبدأوا حربًا ضد أنصار النظام البعثي، مما يعني إمكانية دخول إيران على الخط لدعم حلفائها، في حين تتدخل تركيا لدعم الأطراف الأخرى، أما الأنظمة العربية فهي ستكون وقودا للنار المشتعلة لأنها لا تتصرف على الأرض وفق منظور استراتيجي واضح، وكأن لا مصالح لها في المنطقة. ذبح حمص على الهواء مباشرة، وارتكاب مجزرة في الهواء الطلق وقتل المواليد من الأطفال الرضع في حاضنات الخداج وهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها لن يمر مرور الكرام في العقل والنفس والروح السورية، فلا يعقل أن يقتل 20 طفلا في حاضنات الخداج، ويقتل الشبيحة ثلاث عائلات مكونة من 20 شخصا داخل بيوتهم بدم بارد، أن لا يستدعي كل غرائز الثأر، ونحن العرب «لا يموت الثأر في نفوسنا وعقولنا ولو بعد قرن»، فكيف إذا كان المقتول شعبًا بأكمله. لا بديل عن رحيل الأسد ونظامه، ولا يمكن أن يكون هناك أي حل على الإطلاق ما لم يتم ذلك، ويخطئ من يعتقد أن هناك مجالًا لأي حل سياسي.. زمن الحلول السياسية في سوريا انتهى مع ذبح حمص والزبداني، وقتل الأطفال في الحاضنات.. فهذه الحاضنات التي تحولت إلى قبور للرضع، هي نفسها ستتحول إلى قبر لنظام الأسد البعثي الإجرامي الذي يمارس الإرهاب بغطاء روسي صيني ودعم من إيران وجيش المهدي العراقي وحزب الله اللبناني.