أكد سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن شباب الأمة بحاجة إلى الرحمة والتحذير من مبادئ الفرقة والاختلاف، ناصحا الشباب بعدم السماع لقول أي أحد، مطالبا بإبعادهم عن الفتاوى الضارة التي تحمل النشء الذي لايعرف ماوراء الأحداث، وقد تستغل هذه الفتاوى والتوجيهات من قبل الأعداء لمصالحهم وأغراضهم. وطالب الدعاة والعلماء برحمة الشباب بالتوجيه السليم والنصيحة القيمة وأخذ العبر مما جرى من الفتن والاضطراب الذي يحدث في بعض الدول والأخذ بأيدي الشباب إلى مافيه خيرهم وصلاح دنياهم وآخرتهم. وحذر آل الشيخ الشباب والفتيات من المواقع الضارة الخبيثة «إياكم والإصغاء إلى المواقع الخبيثة المغرضة، فأنتم في أمن وراحة وأعداؤكم يصورون واقعكم بخلاف ما أنتم فيه حسدا من عند أنفسهم، لنحذر من هذه الدعايات والمقالات السيئة ولننظر إلى الأمور بميزان العدل، وعلى المفتين أن يرحموا قلة علم الشباب ولايفتوهم بغير الحق». وشدد سماحته على ضرورة أن تقوم الجامعات بدور ريادي أكبر في دفع مسيرة التقدم والتطور التكنولوجي في وطننا الغالي، لافتا إلى أن الدين الحنيف لا يعارض هذا التطور بل يساهم في دعمه مع أخذ الاعتبار بأن على المسلمين الشعور بالمسؤولية تجاه دينهم وعملهم وحفظ ثوابتهم وعدم الانتقاص منها من أجل التطور والواجب الجد والاجتهاد ورعاية المصلحة العلمية لأجل أجيالنا القادمة لكي تصعد للمستقبل بخطى ثابتة ومواجهة تلك التقلبات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة التي تواجهنا في هذا العصر، كما يجب على الجامعات أن تضع تصورا مستقبليا على قدر عال من التخطيط النافع، لتكون منارة علم وتوجيه معاصرة للتطور العلمي الحديث مع التأكيد بأن الدين الحنيف لا يقف عائقا أمام التقدم العلمي. ودعا الشباب إلى ضرورة التمسك بالأخلاق الإسلامية والسنة المحمدية، وعدم الانجراف خلف الأفكار المضللة، والجماعات التي تزعزع من وحدة وتماسك هذا الوطن الغالي، وأن دورهم كبير في درء المخاطر وقيادة الوطن إلى عيش رغيد بإذن الله. التطبيق الصحيح أما الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء، فقال يجب أن نحمي شبابنا من الأفكار الهدامة إذا تنبهنا لما يحاك ضدنا، ورجعنا إلى ديننا وطبقناه تطبيقا عمليا صحيحا، وحاربنا الأفكار الهدامة، وأبعدنا عن شبابنا كل العناصر الفاسدة من دعاة السوء، وحملة الفكر المسموم، وحذرناهم من الانتماءات الحزبية، والأفكار الاعتزالية التي تروج اليوم عند كثير من المجتمعات، وتغزو بلادنا بشكل خاص. الكراسي البحثية أما عضو هيئة كبار العلماء الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ، فدعا إلى بذل الجهود في سبيل تحقيق أهدف الكراسي البحثية المختصة بشؤون الأمن الفكري، مشيرا إلى أن هذه الكراسي تراعي الشمولية وتتصدى للانحراف. وبين أن هذه الكراسي تسهم في رعاية الأمن بمفهومه الشامل بما فيه الجانب الفكري والأخلاقي والقيمي في حياة الناس، لافتا إلى أنه إذا وهنت القيم في مجتمع ما فإنه يكون عرضة للمفاسد وأنواع الأفكار التي تضطرب في أبناء المجتمع وبناته بتوجهات فكرية خارجة عن قيم الإسلام وتعاليمه، لا تحمل شعار الدين والمنهج والوطن. دور الأسرة من جانبها قالت الدكتورة نورة خالد السعد إن الأفكار المنحرفة تعني البعد عن الفكر الإيماني القرآني وفق منظومتنا الثقافية الإسلامية ولهذا فهي تعني الغلو والتفريط، التكفير والإلحاد حدان خطيران وأحيانا متلازمان في الانتشار في أي مجتمع فمقابل المتطرفين وفق مفهومنا الديني وليس وفق ما تسوقه الإدارة الأمريكية لكل من يعتنق الإسلام، مبينة أن مقابل هؤلاء المتطرفين دينيا بالغلو والبعد عن الوسطية هناك المتطرفون دينيا بالإلحاد واعتناق المذاهب الفكرية الهدامة. وبينت أن حماية الشباب لا تبدأ في مرحلتهم العمرية هذه فحسب بل تبدأ منذ الطفولة من خلال توفير البيئة الإيمانية في الأسرة والمدرسة والنادي ومن خلال التواصل معهم حواريا والإنصات إليهم وليس الاستماع إليهم فقط فنحن لا ننصت لحواراتهم غالبا ولا متنفس لهموهم الثقافية أو تطلعاتهم إلا من خلال ملاعب الكرة أو منتديات الإنترنت أن لم يكن عبر متابعة القنوات الفضائية للأغلبية وهنا الحديث لا يحمل التعميم فنحن نقول عنهم إن من لديهم أفكارا منحرفة يشكلون نسبة ضئيلة من شباب المجتمع وليس التقليل من النسبة يقلل من خطرهم. وأشارت السعد إلى أن دور الأسرة في ذلك دور محوري وأساس فهي الحاضنة الأساس للناشئ وفيها تتشكل صياغاته الذهنية وخصائصه الاجتماعية وتنضج شخصيته. وأضافت: إذا لم تكن هذه الحاضنة مجهزة بما يجب وغير متوافر فيها المناخ التربوي الإيماني الذي يغرس قيم الخير والصلاح والعمل ويحقق مفهوم معادلة الحق والواجب في علاقات الأفراد مع بعضهم البعض وإذا ما غابت القدوة سواء من جانب الوالدين أو من خلال نماذج التربية في المدرسة فعلا فإن النتيجة معروفة ولهذا يجب أن يعيد كل من الأب والأم النظر في أسلوب التربية المتبع ومراجعته وعدم تحويله إلى أفراد آخرين في الأسرة كالخادمة أو السائق. وزادت «بعض الأسر ارتبط لديه مفهوم الواجب الأسري في توفير متطلبات المنزل من أثاث وملابس وخدم ناهيك عن المأكل والمشرب ونسي أن الدور الأهم هو الحضور الأبوي والأمومي حضور المربي والموجه والمحتوي والمتعاطف، دور الأسرة مهم ويأتي متكاملا بعد ذلك مع دور المدرسة وبقية المؤسسات التربوية في المجتمع». مفهوم السلف من جانبه قال عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور إبراهيم المطلق إنه يجب تكريس المفاهيم الإسلامية الصحيحة في أذهان الشباب تأصيلا على كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وفهم ذلك على هدي السلف ومفهومهم. وشدد على ضرورة الاعتناء بفهم السلف لأصول أهل السنة والجماعة والتي حفظناها وورثناها من كتب العقيدة والتي هي عقيدة سلف الأمة رضوان الله عليهم ومن أهمها تعميق مفهوم البيعة لولي الأمر ولزوم جماعة المسلمين ووجوب السمع والطاعة لولي الأمر بالمعروف والحذر كل الحذر من نزع يد الطاعة والأفتيات على ولاة الأمور والخروج عليهم ومنازعتهم. وأكد على ضرورة عناية جميع المؤسسات المسؤولة والمناط بها توعية وتثقيف الشباب والمجتمع بتأصيل هذه المفاهيم وتعميق حب الوطن وولاته وحماية مقدراته ومنشآته والتأكيد على أن كل من يسعى للتقليل من شأن هذه المفاهيم الوطنية وحب الوطن حيث لا يجد الأعداء الحاقدون إلى تفريق الكلمة وتشتيت الشمل وزرع الفتنة. وطالب بضرورة التفاف الشباب وتواصلهم مع كبار العلماء الذين عرفوا واشتهروا بسلامة معتقدهم وسلامة توجهاتهم وسلامة ولائهم لعقيدتهم وولاة أمورهم من أمثال سماحة المفتي العام وأعضاء هيئة كبار العلماء وأعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء وتحذير الشباب من بعض أنصاف طلبة العلم الذين لم يعرفوا بسلامة توجهاتهم وولائهم والذين اشتهروا بالبحث عن الشهرة بمليونية الأتباع واستقبال التهاني في ذلك. كما دعا إلى تحذير الشباب من جميع دعاة الفتنة ودعاة التحريض والتصعيد والتأزيم الذين يستثمرون الفرص والمناسبات لشحن الشباب وتأليبهم ضد وطنهم ووحدة صفهم عبر جميع وسائل الإعلام قنوات فضائية أو منابر دعوية أو منتديات إلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. تفعيل الحوار أما الأكاديمي والكاتب والمختص بشؤون الحوار الدكتور محمد الشويعر فقال إن على الكل مسؤولية وكذلك على الشباب فيما يتعلق بإغلاق آذانهم في وجه الدعوات المغرضة التي تريد إثارة الفتنة في بلادنا. وأضاف: يجب التكاتف من الجميع في غرس المفاهيم والقيم الأصيلة في شبابنا عبر الإعلام المقروء والمرئي والمسموع؛ لأن الشباب إذا وجدوا من يتلقفهم ويسمع لهم ويأخذ بأيديهم ويستمع لأحاديثهم ويرد على أسئلتهم بكل أمانة وصدق وهذا يجعلنا نضمن أن الشباب لن يتأثروا بالمفسدين ودعاة الفتنة. وطالب بتفعيل الحوار، وقال إن شبابنا واع في الأصل ومتفتح لكن عملية التأثير يجب ألا نغفلها عن شبابنا ويجب أن تؤدي الأسرة دورها وخصوصا الآباء والأمهات وكذلك المؤسسات التعليمية المختلفة والجهات الأخرى المعنية في تحصين الشباب من أي انحراف فكري أو سلوكي. وذكر أنه يمكننا استقطاب الشباب بالحوار إذا فتحنا قناة الحوار الهادئ البناء الفعال مع الشباب بدون أي تعال أو إقصاء فعندما يجدون الانفتاح إليهم والتعامل بصدق وأخوة فإن الشباب سيتفاعلون، مطالبا بتفعيل دور الآباء والأمهات لتحصين أبنائهم من أي انحراف وذلك بالمتابعة الدائمة، وتحذيرهم من خطورة دعاة شق الصف وإثارة البلبلة والفتنة وفضحهم، وضرورة استغلال المقاطع الصغيرة عبر موقع يوتيوب وبثها عبر التقنيات الحديثة كالواتس آب وغير ذلك لإيصال الخطاب إلى أكبر قدر من الشباب، داعيا الجميع إلى بذل الجهود وخصوصا الكتاب والصحافيين. تدعيم الأمن أما مدير الجامعة الإسلامية الدكتور محمد العقلا فيقول إن كراسي الأمن الفكري تعزز تدعيم الأمن الفكري الذي يحمي العقول من الأفكار الهدامة، لافتا إلى أن هذا المطلب الهام يبحث بشكل حثيث في هذا الصدد. وشدد على أن إنشاء هذه الكراسي ناتج عن اهتمام كبير بأمن البلاد واستقرارها وأن ذلك في مقدمة أولويات القيادة الرشيدة، وقد قمع الله بالقيادة الرشيدة مئات المخططات الإجرامية التي استهدفت أمن المواطنين وحياتهم، كما قضت على خلايا الفكر الضال واستأصلتها من جذورها. وقال العقلا إن الأمن الذي عززه قادتنا حفظهم الله جعل المملكة من أكثر بلاد العالم أمنا وتلاحما، كما أبعدتها عن أوحال الفتن والاضطرابات، ومراتع الثورات والمظاهرات. حماية العقول أما الدكتور خالد الدريس المشرف على كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري بجامعة الملك سعود فأكد على أهمية تعزيز الأمن الفكري لحماية العقول من الأفكار الدخيلة لأن الفكر لا يواجه إلا بالفكر، إذ أن هذه الجهود لها عمق كبير أعمق مما قد يظنه البعض من اقتصاره على محاربة جماعات التكفير والتفجير فقط. وأبان أن الأمن الفكري كمصطلح وفق طرح الكرسي هو مشروع فكري تكاملي جذوره تتغذى من دوحة الكتاب والسنة، وجسوره تمتد لتتعاضد مع خطط التنمية الطموحة للإنسان والمكان. وقال المشرف العام على كرسي الأمير نايف لدراسات الأمن الفكري: لذلك فإن من أهم الأمور التي قام بها الكرسي هي أنه قدم الأمن الفكري وفق رؤية كلية للحياة وإدارة شؤونها تعتمد على أولوية الجانب الفكري، فالفكر وشؤونه وما يتصل به، يشكل هاجسا محوريا لأي تنمية محلية أو دولية. وأضاف: إن الأمن الفكري كما يطرحه الكرسي وقاية لا وصاية، هو وقاية ذكية بناءة وفاعلة لا وصاية على العقول أو حجر عليها. هو وقاية إيجابية تتفاعل مع كل مستجدات العصر بفكر ناقد يبني الشخصية القوية على هدي الكتاب والسنة. وأردف قائلا: هو مشروع وطني يؤلف بين أبناء الوطن، ولا يسمح بالفتنة والشقاق، مشروع يعزز المناعة الفكرية الذاتية لكل فرد في المجتمع، ويتآخى في ود ووئام مع حرية التعبير المنضبطة بثوابتنا الدينية والوطنية.