أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد أن الأمن بمعناه الشامل من أهم مكونات بناء الدولة ومقوماتها، وهو ضرورة لقيام الدين والحياة، وعامل أساسي لاستقرار الشعوب، وإن أمان الأفكار وسلامتها من الخلل والانحراف هو الركيزة الأولى لتحقيق هذا الأمن الشامل، وإن ارتكاب الآثام والمعاصي والتهاون في الواجبات المفروضة وترك التحاكم للشريعة الإسلامية والحفاظ على عزتها ومكانتها، وحصر الدين في المسجد تمييع وتفريط، وخلل في الفكر والسلوك، وانحراف عن جادة الحق والصواب. و أضاف في كلمة بمناسبة انعقاد الاجتماع الخامس لمديري عموم فروع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تحت عنوان (تعزيز الأمن الفكري المنطلقات والوسائل): تتلخص مقومات بناء الأمن الفكري ووسائل تعزيزه في غرس العقيدة الصحيحة وتنقيتها من جميع الشوائب، ولزوم منهج الكتاب والسنة، وتقوية الوازع الديني في النفوس، وزيادة الإيمان وتقويته لدى الأفراد والجماعات: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} (82) سورة الأنعام. ومما يعزز الأمن الفكري إبراز الجوانب الأخلاقية والسلوكية الحسنة التي جاء بها دين الإسلام وتطبيقها وتمثلها في جوانب الحياة، وإظهار وسطية الإسلام واعتداله وتوازنه وترسيخ الانتماء لهذا الدين الوسط، ومعرفة الأفكار المنحرفة وبيان خطرها والمنع من نشرها والوقوع فيها، ومحاربة المحاولات التي ترمي إلى المساس بثوابت الدين وأحكام الشريعة أو تهديد الوحدة الوطنية، والتعامل بكل حزم مع دعاة الانحراف الفكري بكافة أنواعه، ومن وسائل تعزيز الأمن الفكري إشاعة ثقافة الحوار داخل المجتمع بكل مؤسساته الرسمية وغير الرسمية، وتكثيف برامج التصحيح الفكري باستخدام وسائل الاتصال الجماهيري، وبخاصةٍ شبكة الإنترنت. وأردف: مما يعزز الأمن الفكري الأخذ على يد كل مخطئ فكرياً ومنحرف سلوكياً ومنهجياً ومنعه من الإخلال بالأمن الفكري للمجتمع، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك مثلاً بليغاً في قوله: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذِ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً"رواه البخاري. ومن هنا تبرز أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تعزيز الأمن الفكري واستقرار سفينة الأمة. وأضاف: تبرز أهمية التحصين الفكري من التأثيرات الفكرية والسلوكية المنحرفة في أهمية التنشئة الاجتماعية السليمة عن طريق المؤسسات المختلفة، فرجال العلم وأهله والمؤسسات التعليمية والتوعوية تشكل جانباً مهماً في توطيد الأمن الفكري وحماية المجتمع وبخاصةٍ الشباب من الهجمات الفكرية المنحرفة على السلوك والأخلاق. وعن دور الإعلام قال الشيخ ابن حميد إن الإعلام بكافة وسائله يشكل جانباً مهماً في المحافظة على ثوابت هذا الدين وحماية جنابه من المؤثرات الضالة، وتكوين الثقافة الإسلامية ونشرها، واستغلال تعدد وسائل الإعلام في الوقت الحالي بما يحقق الأمن الفكري لكافة أفراد المجتمع. وبين أن دور المساجد والقائمين عليها يبرز في ترسيخ وسطية الإسلام والدعوة للتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه والتحذير من الأفكار الضالة والتوجهات المنحرفة، والعمل على تحقيق رسالة المسجد الشاملة للجوانب الاجتماعية والعلمية والتربوية. وأوضح أن مفهوم الأمن الفكري يتمثل في حفظ العقول من المؤثرات الفكرية والثقافية المنحرفة عن منهج الاستقامة سواءً في مجال الشهوات أو الشبهات، حماية الأمن والمجتمع من الانحراف السلوكي والخلقي، والوقوف أمام من يريد زعزعة ثوابت الدين والعبث بمقدرات الوطن وقيمه الفاضلة وعاداته الإسلامية، وهو يشمل كافة جوانب الإصلاح الاجتماعي والخلقي والتربوي. وقال: جاءت الشريعة بحفظ الضرورات الخمس (الدين، العقل، المال، العرض، والنفس) وأول تلك الضرورات هي حفظ الدين وصيانته وتحريم أي اعتداء عليه بقولٍ أو فعل، ويشمل ذلك الاعتداء على العقول ومحاولة تغييرها عن فطرة الله التي فطر الناس عليها.