ساعات ويطل شهر الخير والبركات، ويختلط على سكان جدة نهارهم وليلهم. ما إن يدوي مدفع الإفطار حتى تهدأ الحركة وتسود حالة السكون، وبعد أقل من ساعة تضج شوارع العروس بالحياة ونبض القلوب، وتصبح الأسواق والمراكز مستقر هواة التسوق والتبضع والتنزه. المختصون يرون أن طبيعة الشهر الفضيل وروحانيته تحتم أن يكون الليل هو النهار في رمضان، خصوصا بعد صلاة التراويح، حيث تنتشر الخيم الرمضانية، والاختناق المروري في الشوارع، والازدحام في الأسواق، بجانب العديد من الملامح الرمضانية التي تميز جدة عن غيرها من المدن. البروفيسور محمود كسناوي أستاذ علم الاجتماع في جامعة أم القرى يرى أن الصيام يفرض تحول الليل إلى نهار في رمضان، فمن الناحية الاجتماعية فإن الوقت يكون متسعا بعد صلاة التراويح في ممارسة الأنشطة الاجتماعية والزيارات، كما أن وجود الخيم الرمضانية منح لأهالي جدة أجواء رائعة للتواصل الاجتماعي. وأضاف: في فترة النهار الصائم لا يستطيع إنجاز كل مهامه، خصوصا فئة الموظفين المرتبطين بأعمالهم، أما الشباب والطلاب الذين يتمتعون بإجازاتهم فهم أكثر تواجدا خارج بيوتهم إلى ساعات متأخرة وإلى ما بعد صلاة الفجر، وينامون إلى العصر أو ما قبل الإفطار، وهذا الأمر يضر بصحتهم. البروفيسور يدعو إلى استثمار أوقات الشهر الفضيل في العبادة والتواصل الاجتماعي وعدم السهر إلى أوقات متأخرة. جراحات خفيفة في الشأن الصحي أوضح مدير مستشفى الثغر في جدة، الدكتور ناصر الجهني، أن حركة المستشفيات تزداد ليلا في رمضان، رغم أن الدوام يكون طبيعيا في النهار مثل الأيام الاعتيادية، لكن مع الصيام يفضل الكثير من المراجعين التوجه إلى العيادات بعد الإفطار، وبذلك تضع كل المستشفيات خطة عمل للشهر يغلب عليها طابع (الشفتات) والمناوبات. ويشير الدكتور الجهني إلى أن العمليات الباردة تكون مستمرة في فترات النهار، وهي عمليات قابلة للتأجيل، مثل استئصال اللوزتين واللحمية والأكياس الدهنية، غير أن قرار التأجيل يتوقف على المريض، فإذا رغب أجرى العملية في رمضان أو تأجيلها إلى ما بعد ذلك، لكن مع جراحات اليوم الواحد فإن الكثير من المرضى يخضعون إلى عمليات في النهار ويفضلون الخروج في اليوم نفسه، أما العمليات الطارئة مثل الحوادث فإنها تجرى في الوقت نفسه. سر الصداع استشاري المخ والأعصاب في مستشفى الملك فهد في جدة الدكتور سقاف السقاف، يقول إن الصداع الذي يشكو منه الغالبية العظمى من الصائمين في الأيام الأولى من رمضان عارض مؤقت يزول بتنظيم الساعة البيولوجية الجديدة دون وجود أسباب عضوية أخرى، لافتا إلى أن الساعة البيولوجية تعمل على تنظيم العمليات الفيزيولوجية في الجسم حين التعرض للتغيرات المفاجئة وتغير التوقيت. وأضاف: مع مرور فترة زمنية قصيرة تتأقلم الساعة البيولوجية مع الوضع الجديد وفقا لمؤشرات الساعة الجديدة، مع التأكيد على أن المحافظة على آلية عمل الساعة البيولوجية التي تضبط العمليات الداخلية في الجسم تمنع حدوث الاضطرابات المختلفة التي تنعكس سلبا على الصحة وتؤدي لاضطرابات عديدة أثناء الليل والنهار، ولهذا تؤثر على الجسم والذهن، فيجب عدم القلق من الصداع المؤقت الذي سرعان ما يزول مع ضبط الساعة البيولوجية الرمضانية ويتحقق التوازن المفقود المطلوب لدى الصائمين. معاناة المدخنين استشاري الباطنة الدكتور خالد عبدالعزيز، يذكر أن الصداع في رمضان شكوى شائعة، وله أسباب عديدة منها السهر وقلة النوم، والحرمان من قهوة الصباح والسجائر عند مدمني التدخين، ويزداد الصداع في أواخر النهار، وإذا ما ترافق الصداع بهبوط ضغط الدم فقد يكون الصداع شديدا، وربما يحدث الغثيان قبل الإفطار، وينجم الصداع عن الضغوط النفسية والتوتر العصبي. ولتجنب حدوث الصداع في رمضان ينصح الدكتور خالد بتخفيف القهوة والشاي والتدخين، وتجنب السهر الذي يساعد في حدوث الصداع والإعياء، مع الحرص على أخذ قسط كاف من النوم .