من نعم الله علينا أن جعل بيننا وبين الغيب حاجزا فلا نعلم ما الذي سيحدث بعد لحظة، وكلنا كبشر نسير في حياتنا ولا يعرف أي منا لحظة حلول أجله، وبسبب غياب هذه المعرفة تسكن أفئدتنا ونمضي في حياتنا طلبا لمباهجها بحثا عن علم أو عمل أو زواج أو انتظار أولاد أو حلم بالثراء، عشرات الأحلام نسير بها ونعمل من أجل تحقيقها حتى إذا داهمنا الموات يكون مجيئه على حين غرة.. ومع أننا نسير في الدنيا محملين بأحلام المقيمين أبد الدهر نسأل الله أن لايميتنا إلا وهو راض عنا. ولو علم أحدنا بأن ساعة أجله ستكون في الغد فلن يفعل شيئا وسيموت رعبا قبل أن يصل إليه الموت. ولو فكرنا قليلا فيمن كتب عليه السجن في قضية قصاص (نسأل الله جلت قدرته أن لا يبتلينا بها أو فيها) لن تستطيع اللغة تجسيد حالة هذا المنتظر للموت، فهو يموت في كل حين، يموت مع فتح بوابة الزنزانة، ومع النداء على اسمه، ومع حلول الأيام المتعارف عليها لتنفيذ القصاص (وقد كان يوم الجمعة هو اليوم الذي ينفذ فيه حتى إذا غدت كل الأيام مفتوحة لتنفيذ القصاص زادت وطأة الأيام والدقائق على المحكوم بالإعدام). وفي ليلة السبت الماضي تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي خبر تنفيذ حكم القصاص بأحد المحكومين في صباح اليوم التالي بعد استنفاد كل المحاولات للحصول على إعفاء من أصحاب الدم، وقيل إن المحكوم يطلب الدعاء له من كل المسلمين وإنه وخلال سجنه الطويل مات ألف مرة حتى إذا عبر يوم الأحد جاء خبر بأن الحكم تأجل ليوم الاثنين، ومع عبور اليوم جاء خبر أنه تقرر تأجيل تنفيذ حُكم القصاص إلى شهر شوال المقبل. وبعد دعائنا لهذا المحكوم بأن تتداركه رحمة الله، نأتي إلى القضية من جهة أخرى وهي إعلان تنفيذ حكم القصاص، كيف يتم إعلان وقت تنفيذ العقوبة وتعميم هذا الإعلان، إذ أن الأمر لا يتعلق فقط بمن سوف يتم تنفيذ القصاص به بمفرده فهو شخص مرتبط بأهل وأصدقاء وأحباء لا يفترض أن يفجعوا في حبيبهم بمثل هذا الخبر وعلى الملأ، ليصبح السؤال كيف تم تسريب خبر تنفيذ القصاص، وكذلك خبر التأجيل (مرة ومرتين وثلاث)، وفي هذا نسأل هل يحق أن تعلن مواعيد تنفيذ العقوبة؟. فقد ألفنا سماع خبر العقوبة بعد تنفيذها، أما إعلانها قبل ذلك فهو إضرار بالغ القسوة بالمحكوم نفسه وبأهله وأحبائه. وإذا أردت أن أختم هذه المقالة فإنها لن تبتعد عن المحكوم، إذ هي مخاطبة أصحاب الدم، وهم أعلم بأجر من يعفو ويحتسب لله، وهم أعلم أيضا بأن من فرج كربة مسلم في الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة، فكيف بعتق رقبة والذي فيه إحياء نفس بشرية، ومن يفعلها كأنه أحيا الناس جميعا فأي فضل يحصل عليه العافي، فميتكم مات فإن أصررتم على القصاص ستأخذون رقبة برقبة، أما إذا عفوتم فسيكون مقابل ميتكم إحياء الناس جميعا، فأي فضل أن تشتروا بميتكم كل البشر .. اللهم فرج كربة المحكوم وأوصل أصحاب الدم إلى الرضا بالعفو. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة [email protected]