•• أمام الرئيس المصري الجديد «الدكتور محمد مرسي» ومنذ اليوم الأول قائمة أولويات طويلة.. ومعقدة.. ولكنها واجبة التنظيم حتى لا تشهد سنوات الحكم الأربع المقبلة أية هزة قد تؤثر في تاريخ مصر.. ومستقبل الشعب المصري.. •• وتأتي في مقدمة هذه الأولويات العاجلة: •أولا: قضية القسم إيذاناً ببدء الرئيس ممارسة سلطاته الدستورية.. •• وكما هو معروف دستوريا فإن الرئيس لا يستطيع ممارسة سلطاته إلا بعد أداء القسم.. وكما هو معروف أيضا فإن مواد الدستور المكمل التي أعلن عنها منذ قرابة أسبوع حددت أداء الرئيس القسم أمام المحكمة الدستورية العليا.. بدلا من مجلس الشعب المنحل بموجب حكم المحكمة الدستورية ببطلان الانتخابات الأخيرة لحصول ثلث أعضاء المجلس على العضوية على حساب حقوق الناخبين المستقلين من الفردي .. ومزاحمة الأحزاب والتكتلات لهم على حصتهم في المجلس. •• وإذا تأكد ما أعلنه رئيس حملة الرئيس الجديد الانتخابية (ياسر علي) بأن الرئيس مرسي سوف يؤدي القسم أمام مجلس الشعب المنحل.. لاعتراض «الإخوان المسلمون» على قرار الحل.. فإن ذلك سيكون بمثابة أول أزمة تقوم بين مؤسسة الرئاسة وبين المجلس العسكري باعتباره السلطة الحاكمة في البلاد حتى الآن.. •• وإذا لم يتوصل الجانبان إلى تسوية لهذه المسألة القانونية المحورية.. فإن البلاد ستتعرض لأول هزة لا يجب السماح بها.. وإن كنت أتوقع تفاديها في هذه المرحلة المبكرة.. وذلك بتطبيق القانون الجديد.. وعبر صيغة توافقية.. لكن أحدا لا يستطيع التنبؤ بكيفية التوصل إلى هذه الصيغة.. لا سيما إذا أصر الرئيس على ألا يخضع للقانون المعدل.. ودعا مجلس الشعب إلى الانعقاد.. وإن كان هناك من يتوقع أن تكون التسوية المرتقبة هي.. أداء الرئيس القسم أمام مجلس الشورى بالرغم من عدم اختصاص المجلس بذلك.. •• ثانيا: تسليم المجلس العسكري كافة سلطاته الحالية بنهاية يوم 30/ يونيو /2012م.. ويرتبط هذا الاستحقاق بمدى تجاوز المشكلة السابقة (أولا) ثم بمدى استعداد المجلس للعودة إلى الثكنات.. مع الاحتفاط بالأدوار والمهام والمسؤوليات التي أناطتها التعديلات الجديدة بالمجلس لإحداث التوازن مع سلطات مؤسسة الرئاسة.. وهي السلطات التي رفضها الرئيس (مرسي) قبل وصوله إلى سدة الرئاسة عبر صناديق الانتخاب. •• وإذا استمر هذا الرفض الآن.. فإن البلاد ستدخل معركة «كسر العظم» بين صلاحيات المجلس العسكري الممتدة حتى بعد تسليمه السلطة للحكومة الجديدة.. وبين صلاحيات الرئيس التي يرى «حزب العدالة» و«الإخوان المسلمون» وبعض الأحزاب والتكتلات القريبة منهم أنها لا يجب أن تكون ولا سيما في مرحلة إعادة بناء كيان الدولة من جديد. •• وإذا انتصر هذا التوجه فإن ما كان العسكر يخشون منه ويحاولون تجنب وقوعه وهو تجريدهم من أي سلطة.. قد يدفع البلاد إلى مواجهة مبكرة يدخل القضاء طرفا فيها في ظل أي تسوية مقبولة من جميع الأطراف.. وقد تعتبر مؤسسة الرئاسة أعمال لجنة الإعلان الدستوري المكمل غير شرعية.. وبالتالي تعود إلى التشكيل السابق الذي أقره مجلس الشعب المنحل وألغته المحكمة الدستورية. •• وهذه الأزمة في حالة تصاعدها على أسوأ الافتراضات قد تقود إلى مواجهة مبكرة بين العسكر وبين الرئاسة الجديدة.. سيكون الحسم فيها للعقل أولا وأخيرا.. تفاديا لأي خيار آخر.. بما فيها وقوع انقلاب عسكري.. وإن كان هذا مستبعدا تماما.. لأن المجتمع الدولي لن يقبل به بعد أن جاء الإخوان إلى كرسي السلطة عبر قرار شرعي هو صندوق الانتخابات النزيهة. لذلك فإن المصريين سيلجأون في هذه الحالة إلى صيغة توافقية أخرى.. تؤدي إلى تبني التكتل الذي تم الإعلان عنه من قبل المحكمة الدستورية العليا وإخضاعه للمراجعة بعد استرداد النظام لقوته.. وقيام دولة مدنية واستكمال عناصر مقوماتها الدستورية بما فيها ممارسة مجلس الشعب المنحل.. أو المجلس الجديد لسلطاته أيهما يتم الاتفاق على تنفيذه.. تجنبا لأي مضاعفات لا مصلحة للبلاد في الدخول إليها. •• غير أن التوجه العام يقول.. إن التسوية المطلوبة لا بد وأن تقوم على ثلاثة أسس هي: 1 - التأكيد على قيام ثلاث سلطات مستقلة (قضائية وتشريعية وتنفيذية). 2 - عودة الجيش إلى ثكناته والتزامه بأداء مهامه الأساسية في حماية الدولة وحدود الوطن وأجوائه مع ضمان الاحترام الكامل للمؤسسة العسكرية وعدم المساس بها.. أو بقياداتها وأفرادها (ولذلك دلالاته الكبيرة). 3 - تمتع مؤسسة الرئاسة بسلطات كافية تمكنها من إدارة شؤون البلاد وتحمل كافة مسؤولياتها واتخاذها للقرارات المركزية بمعزل عن الضغط أو المشاركة بما في ذلك حق إعلان الحرب.. أو إعلان حالة الطوارئ.. وتكليف الجيش بالدفاع عن الدولة ومؤسساتها بمواجهة أي اضطرابات تحدث في الشارع. •• ويجسد العامل الأخير حالة عدم الرضى عن التعديلات المكملة للدستور والتي فرضت على رئيس الجمهورية التشاور مع السلطة العسكرية في هذه المسألة.. وتبادل الرأي بشأنها مع العسكر وعدم اتخاذ قرار مباشر من الرئاسة حولها.. •• ولا أستبعد أيضا أن تتم تسوية هذه المسألة لا سيما إذا توفرت ضمانات كافية للمؤسسة العسكرية بتقيد سلطة الرئاسة بالبند (2) من هذه التسوية المعقدة. •• ثالثا: ويأتي التشكيل الوزاري المرتقب في المرتبة الثالثة من قائمة أولويات عمل الرئيس الجديد لسببين اثنين هما: 1 - إن التشكيل سيكشف الكثير من توجهات الإدارة المصرية الجديدة في المستقبل.. ومدى التزامها بوعودها وفي مقدمتها تأسيس الدولة المدنية وليس الدولة الدينية كما كان خصومها يرددون قبل وصول الإخوان إلى الحكم اليوم. 2 - إن المؤسسة العسكرية ستتأكد من أن مؤسسة الرئاسة سوف تمنحها بعض الامتيازات التي تطالب بها أو أنها لا تريد لها دورا فعالا في ممارسة السلطة التنفيذية مع الإبقاء على مكانتها الاعتبارية كسلطة قوية.. ساهمت بصورة أساسية في وصول البلاد إلى ما وصلت إليه.. ونجحت في تنفيذ انتخابات نزيهة بكل المعايير.. •• وكما يتردد الآن.. فإن المجلس العسكري يطالب بأمرين اثنين هما: أولا: الاحتفاظ بحقائب وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية.. و هي حقائب سيادية مهمة. ثانيا: الإبقاء على قيمة ومكانة وزارة الدفاع بمعزل عن إدارة رئيس الوزراء رئيس السلطة التنفيذية المباشرة.. باعتبارها شريكا في منظومة إدارة شؤون البلاد.. وليست مجرد حقيبة تقليدية لا تخرج عن دائرة المنظومة التنفيذية العادية. •• وعلى جانب آخر فإن مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب التقدمية والليبرالية.. والأقباط.. وفئات كبيرة من المجتمع.. ينتظرون أيضا.. تشكيلة مرسي الوزارية.. وكذلك يراقبون باهتمام شديد طاقم إدارة القصر الجمهوري ومكتب الرئاسة وسكرتارية رئيس الجمهورية.. لكي يقرأوا مستقبل مصر خلال المرحلة القادمة .. وللتأكيد فإن الوضع برمته يتجه بالفعل إلى قيام دولة مدنية يتساوى فيها الجميع أمام القانون وفي الحقوق في ظل عدالة حقيقية.. تحكمها «المواطنة» ولا يتحكم فيها أي فكر أيدلوجي بأي شكل من الأشكال.. وبالذات في ظل المخاوف الموجودة لدى هذه الفئات من أن تدار رئاسة الجمهورية من قبل المرجعية الإخوانية .. وبمباركة من المرشد.. أو بتأثير من حزب « الحرية والعدالة» وهو ما نفاه مرسي مرارا.. وأكد عليه في خطابه الذي ألقاه بعد الفوز مساء أمس الأول. •• وبالتأكيد فإن تكليف رئيس وزراء مستقل كما وعد مرسي سيكون بمثابة مؤشر حقيقي لتوجهات النظام في المرحلة القادمة.. وإن كان ذلك يتوقف إلى حد كبير على شخصية هذا المرشح.. وطبيعة الصلاحيات التي ستتاح له كممثل لهرم السلطة التنفيذية. •• ولا أتوقع أن التسريبات الإعلامية التي طرحت اسمي الدكتور محمد البرادعي والدكتور حازم الببلاوي لهذا الموقع واردة.. لأنني أعتقد أن طموحات «البرادعي» ومنهجيته في التفكير.. والصورة الذهنية التي حاول رسمها في أذهان المصريين لن تجعله يقبل برئاسة الوزراء حتى لا يصنف في وضع لا يرضاه.. ولا يستطيع التكهن بما سوف ينتهي إليه فكر مؤسسة الحكم لكيفية المزاوجة بين فكر الإخوان وبين متطلبات قيام حكم مدني كامل الأهلية في مصر.. بعد أول انتخابات تشريعية تخوضها البلاد عبر صندوق الاقتراع. •• كما أنني لا أتوقع أن تجربة الدكتور الببلاوي السابقة كنائب لرئيس الوزراء السابق (الدكتور عصام شرف) ستمكنه من القيام بمهام المنصب في هذا الوقت الصعب لا سيما أنه قد حسب في الفترة السابقة لمغادرته الموقع على المؤسسة العسكرية رغم مكونه الفكري القومي واليساري المعروف.. •• وبصرف النظر عن الذي سيتولى هذا المنصب.. فإن هويته السياسية والفكرية وحدها لا تكفي.. وإنما المهم هو أن يكون رئيس الجمهورية مستعدا للشروع حقا في تطبيق صيغة الدولة المدنية.. وأنه ماض في خوض هذا التحدي والإثبات وكل المصريين بأنه رئيس لكل مصر.. ولكل المصريين وليس لفئة دون أخرى.. وليس لفكرة دينية وضد فكرة دينية أخرى. •• ومن مصلحة الرئاسة في هذه المرحلة بالذات أن تتكئ على كل من «الأزهر» و«الكنيسة» وأن تتعاون بقلب مفتوح مع كل المكونات الثقافية الموجودة على الساحة المصرية.. وأن تقدم أدلة كافية وواضحة على توجهها هذا من خلال دخول أكبر عدد ممكن من «الليبراليين» و«التكنوقراط» إلى تشكيل هذه الحكومة الائتلافية.. وبما يبعدها عن كل الشبهات وبما يؤكد مصداقية مؤسسة الحكم الجديد في أن تتجه بالبلاد وجهة مستقلة عن جميع التيارات.. وخارج جميع المرجعيات. •• رابعا: أما الملف الرابع والمهم.. فإنه يتعلق بطبيعة العلاقة بين النظام السياسي ممثلا في مؤسسة الحكم ورئاسة الجمهورية.. وبين السلطة القضائية.. ففي الوقت الذي تضمن خطاب «مرسي» الأول توجهه نحو تعزيز سلطة القضاء وعدم إخضاعها لأي إشراف للسلطة التنفيذية عليها بما في ذلك وزارة العدل.. كما كان ذلك سائدا حتى الآن.. فإن تعامل «الإخوان» مع المحكمة الدستورية العليا وما أصدرته من أحكام سابقة لمجيء الرئيس بما فيها الحكم بإلغاء مجلس الشعب مما ترتب عليه الحكم بأداء رئيس الجمهورية لليمين أمام المحكمة الدستورية نفسها.. وقبلها إلغاء الأحكام السابقة لسن قانون العزل السياسي.. وإجازتها لترشح الفريق أحمد شفيق.. ليكون منافسا قويا لمرشح «الإخوان المسلمون» بدل إخراج شفيق من السباق كان مغايرا تماما لذلك وبالتالي فإن تعامل «مرسي» مع هذه الأحكام سيحدد ما إذا كانت العلاقة ستكون «طيبة» أو «تصادمية» مع المحكمة الدستورية.. وإن كنت أعتقد أن «الرئيس» لن يدخل في مواجهات مبكرة مع سلطة هو بحاجتها.. ويتحتم عليه أن يقويها.. ولا سيما بعد أن عملت لجنة الانتخابات العليا تحت مظلتها، وأثبتت أنها حريصة على تحقيق العدالة، وإتمام انتخابات نزيهة جاءت في النهاية بالرئيس مرسي نفسه إلى سدة السلطة. •• ويعتبر الموقف النهائي الذي ستحدده خطوات رئيس الجمهورية الجديد وقراراته تجاه المحكمة الدستورية طبيعة هذه العلاقة مع السلطة القضائية على المدى الطويل.. لا سيما أن هذه العلاقة قد تطال الأحكام السابقة لمجيئه إلى الرئاسة بحق الرئيس المصري السابق وولديه ووزير داخليته وأركان وزارة الداخلية ورموز الحكم السابق أيضا. غير أن الأهم من كل هذا هو.. أن تتشكل حكومة قادرة على إخراج البلاد من حالة الانهيار الأمني والاقتصادي التي تكاد تشرف عليه.. وذلك لن يكون إلا بالجمع بين إرضاء كافة التوجهات والتيارات السياسية والفكرية داخل مصر وبين اختيار حكومة «تكنوقراط» لمعالجة تلك الأوضاع بشكل حاسم وحازم وسليم.. بصرف النظر عن أسلوب «المحاصصة» التي ستدخل مصر في نفس المتاهة اللبنانية المنظورة وهي بعيدة عنها فكرا وواقعا واحتياجا. • خارجيا: •• خامسا: ويأتي الملف الخامس في عداد الملفات الساخنة والأول في إطار السياسات الخارجية لفكر النظام الجديد في مقدمة ما سيكشف عن الهوية السياسية لنظام يتهم بأنه جاء من رحم منظومة «الإسلام السياسي» وهناك ثلاثة محددات لهذه الهوية: 1 - العلاقة مع إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية. 2 - العلاقة مع إيران والدول والجماعات المرتبطة بها عربيا. 3 - العلاقة مع دول الخليج العربية الست. •• ولا أعتقد أن علاقة الدولة المصرية الجديدة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل ستشهد تغييرا كبيرا.. فقد بادرت وزيرة الخارجية الأمريكية «هيلاري كلينتون» بالترحيب بحاكم مصر الجديد «مرسي» قبل الإعلان عن تقدمه وحصوله على نسبة (51.73%) وبفارق (3%) عن منافسه «شفيق» كما أن تبكير الرئيس الأمريكي «أوباما» بالاتصال بالرئيس مرسي وتهنئته بالرئاسة وتأكيده على دعم الولاياتالمتحدة له.. وقبل ذلك لقاءات الجانبين الأمريكي والإخوان لاستطلاع آفاق المستقبل.. كل ذلك يؤكد أن علاقات البلدين ستكون طيبة.. في ظل العروض الأمريكية السخية وفي مقدمتها زيادة الدعم الأمريكي.. وتوسيع فرص الاستثمار المتبادل بين البلدين والاستعداد لدعم القوات المسلحة المصرية بالسلاح الذي تحتاجه.. وفتح الجامعات الأمريكية أمام آلاف المنح الأمريكيةالجديدة للمبتثعين مقابل حفاظ مصر على علاقات استراتيجية مع أمريكا ومستقرة مع إسرائيل وإن كان الوقت مبكرا للحديث بين الجانبين عن علاقات النظام المصري الجديد بدول الإقليم. أما بالنسبة لإسرائيل فإن سرعة الاتصال الإسرائيلي بالرئاسة المصرية تؤكد أن القنوات ستظل مفتوحة بين الجانبين .. وأن لدى إسرائيل استعدادا لمراجعة بعض الاتفاقيات والعقود ومنها عقد إمداد إسرائيل بالغاز المصري المثير للجدل في الآونة الاخيرة.. مقابل أن تمضي إسرائيل في العملية السلمية بالرغم من العلاقات المتميزة بين النظام المصري الجديد وبين «حماس» وحكومتها المقالة في غزة. •• أما بالنسبة للعلاقة مع إيران.. فإن المستقبل القريب سوف يكشف عن الأبعاد التي ستتجه إليها علاقات البلدين.. وإن كان هناك شعور عام بالارتياح في طهران إلى فوز الإخوان المسلمين.. وأن مستقبل علاقاتها مع القاهرة سوف تكون أفضل مما كانت في العهد السابق. فقد كانت إيران حريصة ومنذ وقت مبكر على استقطاب مصر إلى جانبها.. لأسباب ودواع استراتيجية تخصها.. وترتبط إلى حد كبير بسياساتها الإقليمية والدولية.. ولا يستبعد أن تنجح في توجهها هذا .. بدءا باستئناف عمل سفارتها في القاهرة بطاقة كاملة.. وبفعالية أكبر.. وإن حتمت مصلحة مصر العليا استيعاب بعض المحاذير المترتبة على التمدد الإيراني في المنطقة أكثر مما هو موجود في العراق ولبنان وسورية حتى الآن. •• لكن هذه العلاقة سوف تظل محكومة بثلاثة عوامل أساسية هي: 1 -سياسات إيران غير الودية.. تجاه دول مجلس التعاون الخليجية الست.. وبالذات تجاه الإمارات العربية المتحدة واحتلالها لجزرها الثلاث على مدى ( 41 ) عاما.. والبحرين.. وموقف إيران من الأحداث الداخلية التي شهدتها العام الماضي.. 2 - تصادم إيران مع دول أوروبا الغربيةوالولاياتالمتحدة ومن ورائهما الأممالمتحدة بسبب الأنشطة النووية غير السلمية التي تثير قلق العالم وتحسباته وفشل الحوار الدائر بينها وبين الدول الأخرى بشأن مفاعلاتها النووية مثار الخلافات الشديدة حتى الآن. 3 - الوضع في سورية.. بكل تداعياته ودور إيران في دعم النظام السوري القائم.. ومواقفها من الثورة هناك. •• فإذا أضيف إلى كل ذلك حرص إيران على إحياء مشروع الاتحاد الإقليمي الذي بشر به الرئيس السوري بشار الأسد.. ودعمته الجامعة العربية في الماضي.. وسقط في قمة ليبيا قبل غياب القذافي.. وأجهضته دول عربية عديدة وفي مقدمتها دول الخليج لاشتمام رائحة تكتل جديد يتجاهل تدخلات إيران في شؤون المنطقة بصورة علنية وواضحة.. بل ويباركها فإن كيمياء العلاقة المصرية الإيرانية سوف تضع القاهرة أمام خيارات صعبة.. هي الأقدر على تحديد مساراتها.. في ضوء مصالحها الخاصة.. مع إيران وسواها. •• ولا شك أن السياسة المصرية في المرحلة القادمة ستتضح ملامحها من خلال التوجهات العامة.. وكذلك من خلال حقيبة وزارة الخارجية ولمن تذهب.. وأيضا من خلال الوضع الاقتصادي والأمني الحالي في بلد يتطلع إلى دعم الجميع.. ويتحتم عليه أن يحسب حسابا لكل خطوة من خطواته بعناية فائقة.. علاوة على أن مصر لا بد أن تكون حريصة على أن تحتفظ لنفسها بدور إقليمي بعيدا عن التجاذبات الحالية.. وقريبا من محيطها العربي بدرجة أساسية وموضوعية. •• وعندما تتشكل الحكومة القادمة.. وتبدأ مؤسسة الرئاسة عملها.. فإن طبيعة التعامل مع هذه الملفات سيتضح.. وفي ضوء ذلك سنرى إلى أين يتجه الإقليم برمته. •• لكن ما لا يجب أن ننساه هو: • أولا: أن التحدي الأكبر الذي سيواجهه الرئيس «محمد مرسي» هو التوفيق بين أيدلوجية الإخوان المسلمين ونظرتهم للحكم وللسلطة وبين موافقتهم على قيام دولة مدنية في بلد وضحت مخاوفه من المرحلة القادمة من خلال الفوز بنسبة غير بعيدة عن نسبة المرشح الآخر (51.73%) إلى (48.47%) .. وهي النسبة التي لن تمكن الرئيس من تجاهل أن نصف الشعب المصري كانوا متحفظين على اختيار التوجه الذي ينتمي إليه. • ثانيا: إن «الإخوان المسلمون» يصلون إلى السلطة بعد أكثر من (80) عاما من الإقصاء وإن بقاءهم واستمرارهم فيها سوف يتوقف إلى حد كبير على أدائهم خلال الأربع سنوات القادمة.. وإن عليهم أن يكسبوا الرهان ويؤكدوا للمصريين أنهم جاهزون لهذه المهمة، وأنهم قادرون على حل جميع مشاكل مصر.. وليس تضخيمها.. •• ولا يخامرني شك في أن «الإخوان» سوف يبذلون جهدا «خارقا» لإبطال مخاوف خصومهم.. وإثبات أنهم يستطيعون إدارة شؤون البلاد بنجاح.. وأنهم جاءوا إلى موقع السلطة في وقت متأخر جدا.