بدا أن المسافة تقترب ما بين الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي والمجلس العسكري، إذ تلمس مرسي أمس «ملفات الحكم» عبر زيارة للقصر الرئاسي الذي يضم مكتب رئيس الجمهورية ولقاء مع رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان وأعضاء المجلس في مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع. وأفيد أن مرسي ناقش مع طنطاوي مراسم تنصيبه المقرر أن تتم السبت المقبل، وأهمها تأدية اليمين الدستورية التي تواجه «معضلة جدية» في ظل رفض الرئيس المنتخب الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس قبل أسبوع وينص على تأديته اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا بعد حل البرلمان. وتلقى الرئيس المصري المنتخب امس اتصالات وبرقيات تهنئة من القادة العرب والدوليين، في مقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي هنأ، في برقية الى مرسي، «الشعب المصري الشقيق ونهنئكم على اختياركم رئيساً لجمهورية مصر العربية الشقيقة، وإننا إذ نقدر هذا الاختيار لأشقائنا في مصر، لنأمل من الله العلي القدير أن يوفقكم ويسدد خطاكم لما فيه خدمة الإسلام وخدمة مصر وشعبها الشقيق في سبيل استقرارها ونموها وتحمل دورها الإسلامي والعروبي». ونفى مرسي امس، في بيان للرئاسة المصرية، ان يكون ادلى بحديث الى وكالة «فارس» الايرانية، وما نسبته الوكالة اليه لجهة دعوته الى «استعادة العلاقات الطبيعية» بين مصر وايران من اجل احداث توازن استراتيجي في المنطقة. وكان لافتاً أمس قول رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو إن اسرائيل تتوقع أن تتعاون في المستقبل مع إدارة الرئيس الإسلامي الجديد لمصر. وقال نتانياهو للصحافيين بعد اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: «نحن نتوقع أن نعمل مع الادارة الجديدة على أساس معاهدة السلام بيننا». وعلمت «الحياة» أن جماعة الإخوان شكّلت لجنة قانونية للبحث في الخروج من أزمة أداء مرسي اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا. وتنظر محكمة القضاء الإداري اليوم في قرار المشير طنطاوي حل البرلمان واصداره إعلاناً دستورياً مكملاً. وفي حال قبلت المحكمة الطعن ضد قرار طنطاوي سُيلغى ما لم تطعن عليه الحكومة ما قد يمثّل مخرجاً للأزمة. لكن «الحياة» علمت أن آراء طرحت داخل «الإخوان» مفادها أن مسألة تأدية اليمين «شكلية أكثر منها موضوعية»، وأن الرئيس المنتخب «لن يعطل عملية تسليم السلطة بسبب أمر شكلي، خصوصاً أن إطالة الفترة الانتقالية سيسبب أزمة لا داعي لها». ولفتت إلى أفكار طرحت للخروج من الأزمة، منها تأدية اليمين أمام الدستورية العليا وإلغاء وزير العدل قرار منح ضباط الشرطة العسكرية وضباط الاستخبارات الحربية سلطة الضبطية القضائية للمدنيين على اعتبار أن عملية الانتخابات مرت من دون اضطرابات. وأوضحت المصادر أنه من بين الحلول المطروحة لمشكلة حل البرلمان أن يُطلب من المحكمة الدستورية تفسير قرارها، وإن قضى التفسير بحل ثلث البرلمان تعاد الانتخابات على المقاعد التي فاز فيها حزبيون ترشحوا على المقاعد الفردية أو أن يقدم هؤلاء استقالتهم من البرلمان. وعلم أن الجيش انتهى من إعداد احتفال كبير لتسليم السلطة لمرسي في حضور جماهيري واسع في ملعب رياضي جديد أطلق عليه اسم «استاد 30 يونيو» يقع في منطقة التجمع الخامس، وأن أعداداً كبيرة من جنود الجيش يجرون تدريبات على فقرات الاحتفال الذي سيقام السبت إذا تجاوز مرسي والمجلس العسكري أزمة اليمين الدستورية. واستقبل مرسي في المكتب الرئاسي، الذي لم يشهد أي تعديلات تُذكر منذ تركه الرئيس السابق حسني مبارك قبل نحو سنة ونصف، رئيس الوزراء كمال الجنزوري بعد أن قدّم الأخير استقالة الحكومة للمشير طنطاوي الذي كلفه بتسيير الأعمال إلى حين تكليف الرئيس المنتخب حكومة جديدة تتولى زمام الأمور في البلاد. ولوحظ أن مرافقين لمرسي بدا أنهم من جماعة «الإخوان» رافقوه أثناء وجوده في «قصر الاتحادية» الذي اصطف موظفوه لتهنئة الرئيس الجديد والترحيب به. أما في وزارة الدفاع، فاجتمع الرئيس المنتخب مع المجلس العسكري بكامل تشكيله، ولوحظ أنه وطنطاوي جلسا بمحازاة بعضهما البعض على رأس الاجتماع. وذكر بيان عقب انتهاء الاجتماع أن مرسي أعرب عن شكره العميق للقوات المسلحة، وقدم «تحية إجلال وتقدير» للمجلس العسكري على «إدارته الحكيمة للبلاد خلال الفترة المنقضية». وأثنى الرئيس المنتخب على القوات المسلحة في «إدارتها للعملية الانتخابية بمنتهى الشفافية». في غضون ذلك، تتجه أنظار المراقبين إلى تشكيل الحكومة الجديدة. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن وكيل مؤسسي حزب «الدستور» الدكتور محمد البرادعي «خارج حسابات» الإخوان لرئاسة الحكومة. وأوضحت أن نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور حازم الببلاوي ورئيس الوزراء السابق الدكتور عبد العزيز حجازي مرشحان لرئاسة الحكومة الجديدة بين اسماء أخرى يجري تداولها.