بعدهم عن الأوطان لم ينسهم لعبتهم الشعبية المفضلة التي تعودوا على ممارستها في الميادين والحواري مع أبناء الحي والأهل والأصدقاء، وعندما رحلوا لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، رحلت معهم لعبتهم المفضلة، فأعدوا ذكريات الطفولة والصباء، وسط المخططات السكنية، حيث يجتمع أبناء الجاليات الآسيوية كل مساء جمعة، لتنظيم مباريات في ما بينهم في لعبة الكريكيت الأكثر شهرة في بلدانهم. تحديات الكريكت جذبت أهالي المدينةالمنورة، الذين يحرصون على متابعة المنافسات المشتعلة بين الجاليات الباكستانية والهندية والبنجلاديشية، مستغلين جمعة البركة، كونها إجازة رسمية بالنسبة لهم، خاصة أن بعضهم يعمل في أكثر من شركة و في مهن مختلفة، ما يعني أن ساعات دوامهم تكون طويلة عن المعتاد، إلا أنهم يسعون لإيجاد متنفس، غير الكريكيت التي ظلت لعبتهم الشعبية المفضلة متفوقة على رياضة كرة القدم. «عكاظ» التقت بعدد من الوافدين، في جمعة البركة كما يسمونها، لافتين إلى أن الكريكيت لعبتهم الأولى في بلدانهم، محددين نشأتها بتاريخ الاستعمار البريطاني لبلدانهم، لتصبح بعد ذلك جزءا من هويتهم وهواياتهم. ويشرح محمد جاويد اللعبة بأنها رياضة جماعية يلعبها فريقان كل فريق مكون من 11 لاعبا، يحاول كل منهما التغلب على الآخر بنتيجة المباراة التي تسمى ب(البال)، والتي يتفق عليها الفريقان قبل المباراة، وغالبا ما يكون (البال) المتفق عليه فوق المئة نقطة. ويشير جاويد إلى أن كرة لعبة الكريكيت بحجم قبضة اليد، والملعب يكون على شكل دائري بمساحة 54 مترا، فيما تكون المسافة بين رامي الكرة ومستقبلها 22 قدما، أي ما يعادل تسعة أمتار، وقال: تضرب الكرة من قبل لاعب يسمى ال(رامي)، أما اللاعب الخصم يسمى رجل المضرب الذي يعمل على صد الكرة باستخدام مضرب نحيف شبيه بالمجذاف. وبين جاويد أن أهداف أو نقاط اللعبة تحسب من خلال إسقاط رامي الكرة (الويكيت)، وهي مجموعة من ثلاث عصي تكون متصلة تسمى (بالجذوع) التي يقف خلفها مستقبل الكرة، الذي يحاول صرفها عن مجموعة العصي، لافتا إلى أن كل لاعب في الفريقين يحق له رمي الكرة في اتجاه (الويكيت) ست مرات وهي ما تسمى ب(أور). ويؤكد غلام عباس، باكستاني، أن لعبة (الكركيت) من الألعاب المفضلة للجالية الباكستانية، مبينا أن للعبة ملابس واقية للأماكن الحساسة لجسم الإنسان، كما لها كأس عالم تنظم منافساته كل أربع سنوات في 12 دولة. ويشير مشتاق أحمد (باكستاني) إلى أن اللعبة تعد من الألعاب الرئيسية في باكستان ويمارسها عدد كبير من الباكستانيين في المملكة، خلال عطلة نهاية الأسبوع وأوقات فراغهم، مؤكدا أن لها لاعبين محترفين مثل كرة القدم وغيرها من الألعاب الأخرى. فيما يقول محمد وكيل: «إن لعبة الكريكيت تمارس اليوم في مختلف أنحاء العالم»، مشيرا إلى نشأتها في أرض القتال في ستي رود في لندن عام 1744م، بالإضافة إلى أن كلمة (الكريكيت) مشتقة من الكلمة الإنجليزية القديمة (كرك) التي تعني عصا الراعي، ويبين محمد وكيل، أن الكريكيت لعبة ريفية أساسها سهول القرى، حيث يهتم بها الصغار في سهول القرون الوسطى برعي الخراف طيلة اليوم، موضحا أن الراعي غالبا ما يحمل في يده عصاه أو عكازه ويرمي له آخر حبة صنبور وما شابه، فيحميها حتى باب حضيرة الخراف.