نعم أستطيع القول إن الموقف الروسي له عدة أهداف وفي مقدمتها قياس قدرتها أنها لاتزال دولة عظمى. فهي منذ تفككها قبل عشرين عاما لم يعد لصوتها صدى ولهذا فموقفها من القضية السورية هو إعلان عودتها كدولة عظمى. روسيا تعارض وبشدة كل توجهات مجلس الأمن لإيجاد حلول لما يحدث في سوريا من مجازر وقتل واعتقالات. أي قهر وطغيان النظام على الشعب بكامله. كل هذا يحصل والموقف الروسي يزداد تصلبا، وتزود النظام السوري بالأسلحة علنا لقمع الشعب وبكل ما يحتاج النظام ليزداد القتل وليبقى النظام. من منطلق وقوف روسيا مع النظام السوري الذي أكده الرئيس الروسي بوتين عندما أكد أن روسيا لن تخضع لأي ضغوط دولية. وطبيعي هذا الموقف الروسي الذي سيأتي بالأسوأ، وسيزداد النظام عنفا ضد الشعب وهذا بديهي كونه يعتمد على دعم دولة عظمى، الموقف الرسمي مخز وغير إنساني يدعم نظاما يرتكب مجازر يشهدها العالم بأسره ويدينها. فهل يعقل أن تكون روسيا الدولة العظمى فاقدة إنسانيتها لتدعم نظاما يقتل شعبه بوحشية من أجل تحقيق أهداف مهما كان ارتباطها بالنظام.. بعد الموقف الروسي غير المبرر في مجلس الأمن واتخاذها حق (الفيتو) ضد القرار الدولي الذي يطالب النظام بالتوقف عن القتل، سألت نفسي عن السبب الذي جعل روسيا تتخذ ذلك الموقف فلم أجد ما يقنعني.. لم يطل الوقت حتى جاءت المفاجأة عندما صرح وزير خارجية روسيا الذي جاء بالطائفية والتي لا أعرف وقتها من أي باب كان سيدفع بها في هذا الصراع. فقد أدبى خوفه من سقوط النظام وسيطرة السنة. وهنا يتضح الموقف الروسي وذهابه إلى الطائفية ليدعم هدف إيران التي بدأت تبذل من أجله كل الدعم وتؤكد عدم قبول سقوط النظام السوري.. وهنا يتأكد لنا أن الهدف الروسي أبعد من سوريا وإنما الارتباط بأكثر من دولة قريبة منه جغرافيا. الموقف الآن في غاية الخطورة إذا تأكد لنا حقيقة الأهداف المستجدة وأصبحت الطائفية هي المرتكز الحقيقي للصراع، وكون الهدف أخذ هذا المنحى فالقتل والمجازر الجماعية ستزداد فالداعمون للنظام روسياوإيران غير معنيين بمن يقتلون وكل ما يعنيهم بقاء النظام. وأخيرا.. يتخوف السيد بان كي مون ومعه الكثير من الدول من وصول الوضع السوري إلى الحرب الأهلية. وهذا استنتاج أراه بعيدا عن الواقع فالصراع الدائر بين شعب يطالب بحريته ونظام وحزبه البعثي. ومن يعرف سوريا يجد أنها لا تخضع للحكومة فقط وإنما للحزب والحكومة، والصراع لن يخرج عن هذا المفهوم وسوف يبقى في حدوده. ولهذا يجب أن ندرك أن حزب البعث المسيطر على كامل مفاصل الدولة هو من يقف حائلا أمام نجاح الثورة إلى الآن. فالخوف ليس من الحرب الأهلية فهي غير متوقعة وإنما من الدول الداعمة للنظام وحزبه البعثي.