لن أكشف جديدا إذا قلت بتورط إيران في الصراع الدائر في سوريا. فمنذ بدأ هذا الصراع كانت إيران تقف خلف النظام السوري وتدفع به في الاتجاه الذي يخدم خططها في المنطقة. وهذا لن يكون مستغربا إذا عرفنا قدم الارتباط بين الدولتين الذي بدأ عندما كانت إيران تؤسس لحزب الله في لبنان. فقد بذل النظام السوري في هذا الاتجاه جهودا كبيرة كما كان الطريق الآمن لإيصال المعدات والأسلحة القادمة من إيران إلى حزب الله. ومن هنا بدأ التقارب بين النظامين السوري والإيراني وهذا نعرفه. وأخذ هذا التقارب ينمو ويتطور وازداد الترابط بين الدولتين وعقدت الاتفاقيات وتبادل الخبرات. وقد كان هذا طبيعيا ولم تظهر خلاله أي إشارة تؤكد أي نوايا.. بعد سقوط النظام العراقي بدأ التقارب الطائفي وبعد تشكيل الحكومة العراقية بدأ التقارب بين الحكومة العراقية والحكومة الإيرانية. وبدا يطفو على السطح التقارب المذهبي. ولهذا توغلت إيران في العراق ووثقت علاقتها مع العراق لتضمن نجاح خططها المرتبطة بالأحداث الدائرة الآن في سوريا. وللتأكيد فإن هناك مواقف مستجدة لإيران تتطلب بقاء العراق ضمن الدائرة. مع بداية الصراع السوري الحالي، ودون مقدمات انطلق القادة الإيرانيون وعبر إعلامهم يعلنون مواقفهم الداعمة للنظام السوري.. ومؤكدين أن سقوطه سيدفع بالمنطقة إلى دائرة الخطر، ومع خطورة هذا الموقف الإيراني إلا أننا لم ندرك وقتها خطورتها ولم نضعها في إطارها الصحيح. وبعد الموقف الروسي في مجلس الأمن وازدياد الصلف الروسي وتحركه البحري المسلح ليرابط بالقرب من الشواطئ السورية، وتأكيد وزير الخارجية الروسي على عدم القبول بسقوط النظام السوري، جاء أحدث المواقف الإيرانية بأكثر من الموقف الروسي، وأعلن الإيرانيون استعدادهم لدعم النظام السوري ولن يدعوه يسقط فسقوطه سيكون كارثة على المنطقة. وكذلك جاء الموقف العراقي.. وبعدما اتضحت المواقف جاء وزير خارجية روسيا بالحقيقة التي لم تكن تخطر على بال إذ دفع بالطائفية لتكون هي أساس الصراع الدائر في سوريا، إذ قال وبكل وضوح: « إذا سقط النظام السوري فالنظام الجديد سيأتي بالسنة» .. وهنا تظهر حقيقة دعم النظام وأهدافه لتحقق إيران أول خطواتها لتشكل القوس الطائفي الممتد من إيران مرورا بالعراق وسوريا ثم لبنان. ودون شك هذا هو جوهر اللعبة، التي تعمل إيران جاهدة لتحقيقها لتمد جذور بلائها في كل اتجاه.. وبوصول إيران إلى هذه المسافة من التجاوزات أرى أنه لم يعد هناك ما يدعونا لإعطائها أي مساحة ليزداد عبثها. وإنما الوقوف أمام تصرفاتها بحزم وحشد جميع وسائل الردع. هذا والله من وراء القصد.