لدينا في الدول العربية والإسلامية بل حتى في الكثير من دول العالم عادة سيئة؛ وهي عدم تجديد المديرين، بل تثبيت جذورهم في الكراسي، وتحنيط جثثهم بعد الموت على نفس الكرسي. حتى يصبح المدير موجودا على كرسيه بعد موته، وكأنه خلق لهذا المنصب، حفيظا وعليما، صفتان إداريتان وردتا في قصة يوسف عليه السلام ، والقوي الأمين، صفتان إداريتان وردتا في قصة موسى عليه السلام مع الفتاتين اللتين سقى لهما. ولو نظرنا في أغلب المديرين من حولنا لوجدنا ان هذه الصفات الأربع من صعب توفرها بشكل كامل فيهم. وهنا.. يصبح الموظفون، والعاملون، والكادحون، والجنود، والطلاب، وغيرهم، كلهم تحت رحمة من يتربع تحت كرسي الإدارة عندهم، فإن كان كما نريده أن يكون.. أفلح القوم، وابشروا. وإن لم يكن كما نريده أن يكون.. خاب القوم، وخسروا. ولذا؛ تتعلق قلوب كثير من الموظفين وغيرهم لانتظار تجديد كرسي الإدارة عندهم، ولكن في ظل الوضع الحالي يبدوا أن انتظارهم سيطول. بعض المديرين يتأفف من الإدارة، ويبدي استياءه من التزاماتها، بل يسخر حتى من الكرسي الذي يجلس عليه ويصفه بأنه «كرسي حلاق» الكل يجلس عليه. والسؤال هنا لهذا المدير؛ ما دام أن كرسي المدير هو كرسي حلاق الكل يجلس عليه، فلماذا لا يقوم منه، فغيره يريد أن يجلس عليه، ليحلق شعره الإداري، وشاربه القيادي. كله كلام في كلام، فبعض المديرين ربما يصاب بجلطة لو قيل له بأنه سيودع كرسيه ومنصبه، وليت يعلم المدير بأن المنصب هو دنيوي، وأن الإدارة لن تنتقل معه في القبر، ولن يرتاح مدير هو أشبه بكرسي كالكرسي الذي هو عليه؛ فلا قرار له، ولا سلطة، ولا صلاحية، بل فقط اسم ومنصب وكرسي، عليه المحافظة عليها. كلها ستذهب، وستزول مع أول تجديد إداري، أو خبر تقاعدي، أو حتى نبأ وفاة. الإدارة أمانة، فلا يكفي خلو إدارتك من المشكلات، بل عليك التزامات بتطوير العمل، وتحسين جودة الخدمة، وحسن تصريف الموارد، فإن لم تكن قادرا على ذلك وأكثر.. فأرجوك قدم استقالتك، وسيحفظ جميع من يعرفوك هذا الجميل. ختاما: يغتر الكثير من المديرين بدروع وشهادات التكريم، وهي في الدنيا تكريم لهم، ولكنها في الآخرة حساب وسؤال. عبدالعزيز جايز الفقيري (تبوك)