قلت لتاجر.. أو تعرف بم أفكر الساعة..؟، فقال: أزعم بأنك تفكر بصفقة ؟!. وسألت موظفا.. فأجاب: بترقية ؟!. وطالبا، فأجاب: بعطلة؟!. وأعدت السؤال على أعزب.. فقال: تفكر في الزواج؟!، ومتزوجا سألت.. قال: بالطلاق؟!. ولكن.. بم كنت أفكر في تلك اللحظة أنا ؟!، هل تعرفون؟!.. لقد أحسنتم.. بكل ماكنتم فيه تفكرون. بكل شيء، وكل شيء هو ما تفكرون وأفكر فيه.!!. التاجر رحال من صفقة إلى صفقة.. والموظف كادح من ترقية إلى أخرى.. والطالب متنقل من عطلة إلى أختها.. والأعزب من زفاف إلى زفاف، والمتزوج.. من خلاف إلى سوء خلاف.. وهكذا دواليك !!. هم تفاعلي متجدد، هو ما يميز الإنسان عن سائر الخلائق.. فهو المستخلف على نفسه، والمؤتمن على أرضه.. وهو يخاف العاقبه. وذلك الهم.. هو (الأنا).. والأنا هنا.. ليست تلك السلبية.. ولا ذلك الملمح المسمى بالنرجسية.. ولا أي مصطلح نفسي، ارتكبه فهم جماعه. الأنا هنا.. هي العقل.. والعقل هم أزلي. والعقل ليس مصدر التفكير بل هو جهازه الحكيم.. والفكرة ابنة الروح.. فإما أن توحى بخاطرة.. أو أن تصل عيانا. وإذا ما بثت في الروع.. اعتقلها العقل وعقلها، كما يعقل الأعرابي ناقته، كي لا تهيم. والفكرة شحنة إلهامية متقلبة مشاغبة، تحمل إرادة ما.. إلهية التكوين والنشأة.. ليس لنا إدراك كنهها. ودور العقل هو تسريح تلك الشحنة الشفيفة على سائر أعضاء البدن، وتوزيعها إنصافا عليه، كي يأتمر بالعدل. وإذا ما اختل العقل بشيء من الهوى.. اعتلت فطرته المطبوعة، وهي النفس الخاضعة لسلطانه.. لتضطرب على اثر ذلك الأعضاء.. وتجترح. فالهوى خمرة العقل.. إذا ما غالبته أسكرته وفقد هداه.. والهدى وحي مقدس، لا يقاسم الهوى ذات الدار على أي حال.. فهما متضادان أبدا لا يلتقيان..!، فإما الهدى وإما الهوى.. والحكم الإرادة.. والإرادة خاصة الإنسان، ومحك قدراته.. فعلة العقل إذن غياب الهدى.. وإذا ماغاب الهدى ولد الهم.. وتفاقمت الأنا أو تضاءلت..!، قال تعالى: ( ومن يهده الله فلا مضل له).. وقال سبحانه: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى). أعلمتم بماذا افكر... ؟!.