حين يستهدف النظام السوري الحاكم في دمشق الأطفال بالقتل، كما حدث في مجزرة الحولة فإنه بذلك يحول معركته مع المعارضة السورية سواء في صورتها المدنية السلمية أو في صيغتها المعتمدة على المقاومة المسلحة إلى حرب إرهاب، تتحول فيها الدولة إلى جماعة إرهابية لا تختلف كثيرا عن أية عصابة مسلحة لا تحكمها قيم ولا تضع اعتبارا لأي أخلاق ولا تجد ضيرا في اعتماد أية وسائل قذرة لمواجهة خصومها وتصفيتهم سواء على المستوى الجسدي أو النفسي. والأطفال الذين سقطوا ضحايا في مجزرة الحولة لم يكونوا المستهدفين بالقتل بقدر ما كان المستهدف هو إرهاب الشعب السوري وتركيعه كي يستسلم لطغيان النظام، ويتراجع عن ثورته التي عجز النظام خلال ما يزيد على العام عن وضع حد لها، الهدف من قتل الأطفال إثارة الرعب في أنفس المناضلين من أبناء الشعب السوري، والذين تأكد للنظام أنهم قد ضحوا بأنفسهم من أجل الحصول على حريتهم، ولذلك أراد النظام وآلته العسكرية الغاشمة أن يستثيروا في هذا الشعب خوفه على أبنائه وحرصه على سلامتهم، متوهمين أن هذا الخوف سوف يدفعهم إلى التراجع عن ثورتهم والاستسلام لآلة النظام الجهنمية. وقد كشفت المجزرة عن مؤامرة رخيصة مورست ضد الشعب السوري بأكمله وهي مؤامرة لا تتمثل في قتل الأطفال فحسب بل في التنكيل بهم قبل قتلهم وتقييد أيديهم قبل نحرهم أو إطلاق النار عليهم، وما كان للنظام أن يعمد إلى هذا القدر من بشاعة الجريمة إلا أنه أراد إرهاب الشعب السوري وكسر معنوياته وإرغامه على الاستسلام. غير أن ما لم يدركه النظام السوري أنه بفعلته تلك دق المسمار الأخير في نعشه، وأول علامات ذلك الاستنكار العالمي للجريمة وتحرك مجلس الأمن لوضع حد لمعاناة الشعب السوري.