** في باريس المدينة الساهرة الحالمة الدافئة في عز البرد المغسولة شوارعها بأحزان الناس والمطر.. استقبلت «بالأمس» وفي مطلع هذا الصيف الملتهب رئيساً جديداً اشتراكياً اسمه «فراسوا أولاند» أو هكذا هو اسمه – !! ** بهدوء تام يأتي رئيس اشتراكي بعد سبعة عشر عاما وبعد الرئيس الراحل «فرانسوا ميتران» ويخسر الرئيس «ساركوزي» صديق الأغنياء وعاشق الحياة المترفة.. واليخوت الباذخة والنساء الجميلات.. والقاعات المضيئة بعيون الفاتنات – خرج «ساركوزي» من قصر الأليزيه بدون ضجيج لم يصرخ ولم يحتج.. ولم يقدم طعوناً في الانتخابات.. ولم يملأ أنصاره الميادين العامة والطرقات لقد انتهى كل شيء هكذا هم في «الغرب» يأتي من يأتي ويرحل من يرحل... ** ولست هنا بصدد المقارنة بين من يتشبث بكرسي الحكم على أشلاء الناس وجثث الشهداء.. وصراخ الأطفال والنساء في شرقنا العربي.. والذي أصبح قدر بعض الشعوب العربية أن تموت ويحيا الرئيس .. وبين أولئك الذين يتداولون السلطة في بلدانهم بهدوء عبر صناديق الانتخابات.. ** الأمر مختلف تماماً وأنتم تعرفون ذلك – المهم فلنعد إلى تلك المدينة التي تنام ولا تنام وتفتح عيونها ولا ترى وتركض الحرية فيها طليقة في الحدائق والميادين ونواحي الطرقات ويخرج البشر والكلاب ألسنتهم دونما عناء ويفترش الباعة والفنانون والمشردون والمتعبون في الأرض ويلتحفون بغيوم السماء ويندس بعضهم في الأنفاق كالفئران. ** في باريس المتبرجة التي أثقلتها زينتها وهموم الهجرة ومشاكل المغتربين – مدينة الباب المفتوح والقلب المفتوح أغلقت بابها وقلبها في هذا الزمن واختفى النور من مدينة النور وكادت الحرية أن تقتل في الطريق – وعندما صرخ «عربي أعمى» في «الشانزليزيه» هل في مدينتكم من يساعد الأعمى على اجتياز الطريق لم يجبه أحد.. ** في هذه المدينة الضاحكة كيف يمكنك أن تغادر زمناً وأياماً وذكريات كيف تهرب؟ وكيف تصعد من نفق أيام لم تمت .. ** ذات زمن مضى طلب مني أن أكتب مقالا سياسياً مرحباً بالرئيس «ميتران» عند زيارته للمملكة – واحترت يومها واعتذرت فلست أعرف في أمور السياسة ولا أجيدها ولا أحبها .. ولا أرغب في التورط بالكتابة عنها، وأمام إصرارهم – كتبت سطراً واحداً: - من تقدم إلينا متراً تقدمنا إليه «ميتران» واعتقدت يومها أنني قد كسرت أنف «الخليل بن أحمد» وقطعت لسان «سيبويه» ولكن أستاذنا النحوي الفذ «أبو تراب الظاهري» رحمه الله أبلغني بأني على حق فأسماء الأعلام والمشاهير – لا تكسر – ولو تقدمها كل حروف الحر. ** المهم هكذا نحن في هذا الوطن من تقدم إلينا حباً تقدمنا إليه بقلوبنا حبين؟ للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 254w مسافة ثم الرسالة.