انتهت الانتخابات الفرنسية بهدوء، انتخب رئيس جديد وخرج رئيس سابق، الجديد قال بعد فوزه سأكون رئيس كل الفرنسيين، والسابق قال بعد أن هنأ الفائز واعترف بالهزيمة سأحضر نفسي للعودة فرنسيا عاديا.. هكذا وبكل بساطة، لم تمتلئ الميادين الفرنسية بالمحتجين على مؤامرة تزوير، ولم يعتصم أنصار ساركوزي عند قوس النصر ويرشقوا الآخرين بالحجارة وزجاجات المولتوف، أو يطلبوا تنظيم جمعة أو سبت أو أحد الزحف إلى مقر الرئاسة الفرنسية أو غيره للمطالبة بإبطال نتيجة الانتخابات.. واجهت مسيرة فرانسوا هولاند نحو المنافسة النهائية مصاعب ومشاكل كثيرة لم تجعله يتخبط في أقواله وتصرفاته، ولم تدفع حزبه إلى الشكوى من الإقصاء المتعمد الذي مارسه المنافسون بأساليب غير نزيهة، وقبل جولة الحسم لم يجدوا ما يقال عن ساركوزي سوى أنه لا يدخن ولا يشرب الخمر لكنه مولع ياستطلاعات الرأي، ولم يجد الطرف الآخر ما يقوله عن هولاند سوى أنه شخص منظم ومناضل فولاذي من أجل تحقيق طموحه. والمتابع لوسائل الإعلام الفرنسية أثناء مراحل الانتخابات لم يجد صراخا وحفلات شتائم واصطفافا أرعن أو تحيزا أعمى لواحد من طرفي التنافس. لم تفتح قنوات جديدة بدعم حزب أو مستفيدين منه، ولم يخرج إعلامي ليدعي وجود مؤامرة تحيكها أطراف يهمها سقوط مرشحه. لم تحدث حالة استنفار هستيرية في حناجر المذيعين ومقدمي البرامج التلفزيونية، كل ما حدث هو متابعة إعلامية مهنية تغطي الحدث باحترافية تساعد الناخب على اتخاذ قراره بناء على معطيات غير مشوبة بالتضليل والمغالطة.. كانت الحياة تسير بشكل طبيعي خلال الانتخابات، واستمرت كذلك في يوم الحسم وبعد ظهور النتيجة. وبما أن حمى الانتخابات تجتاح أكثر من بلد عربي بعد أحداث وتحولات كبرى فإنه من الضروري دعوة الجميع إلى الوقوف عند تجربة الانتخابات الفرنسية كنموذج، وتأملها جيدا لعله يمكن الوعي بكيفية إدارة الشعوب المتحضرة لأوطانها باحترام الدساتير التي وضعت لتحقيق المصلحة الوطنية فقط، والقوانين التي صممت لتكفل حق المساواة للجميع في المشاركة بإدارة الوطن على كل المستويات، وتضمن احترام الاختيار والقرار لكل مواطن.. على بني يعرب جميعا أن يتأملوا كيف تدير الشعوب أوطانها بالديمقراطية وكيف تحافظ عليها باحترام مبادئ ومفاهيم الديمقراطية الحقيقية، وليس المزيفة. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة