شخصية الوهم من (ثمن الشوكولاتة) إلى (مغتربات الأفلاج) تحاول الروائية بشاير محمد أن تفضح شخصية الوهم و تتصنع ملامحه ،سواء كان متمثلا في الرجل بوصفه ندا للحياة أو في تمظهرات الواقع الذي يتجاسر على الضعفاء بدواعي السلطة و النهوض على أكتاف المحرومين الذين شغلتهم المعيشة عن الفكر والتعليم والطموح كذلك ، أيا كانت القيم الإنسانية فإننا نحتاج إلى تحطيم رأس الأفعى دائما كما في الأمثال و من تأتي الصرخة في الروايتين من خلال شخصية (ملاك) في رواية (ثمن الشوكولاتة) و شخصية (ليلى) في رواية (مغتربات الأفلاج) هذا التماثل و معايشة الهزيمة في الأعمال الروائية لكاتب واحد قد تعكس شيئا من واقعه أو مجتمعه أو مخياله ، و لكن تناغم مستوى الظلم و محاولة الخروج من الورطة الكونية التي فرضها المجتمع على المرأة التي تتزين بملامح الانكسار دوما يبرر هذا التشابه مدى التماس بين أحوال النساء كما يوضح غياب ثقافة الحقوق و العنف ضد المرأة لا بوصفها مهيضة الجناح و لكن ثمة مغامرة اجتماعية لا يعيها الكائن العربي تحديدا ، و بالتالي تنتحر بسمها الفاتك دون الاستمرار في المكابرة أو التشفي على الآخر الذي لا يدرك قوة المستضعف إذا تكابد الضيم في داخله ، و تطاير الشرر في عينيه ، و هذه الحالة تنكشف لدى (ملاك) التي غامرت بشرفها بعد فض بكارتها من قبل جارها اللئيم ، و كانت (قطعة الشوكلاتة) ثمنا باهضا لحياة رخيصة لم يعد بريق الشيم و تيجان السمو تتمنى بلوغها بعد الذي حصل ، و أما الخذلان المتكرر و إصرار (ليلى) على تحقيق الذات رغم مشروعيته و عظمة غاياته إلا أن أباها الذي مات بين يديها و أخوها (فهد) إضافة لقسوة الظروف والتجني على روحها وأرواح (المعلمات المغتربات) في القرى النائية و الأماكن المهجورة قضى على آمال كل فتاة خريجة تحلم بالاستقرار النفسي و الكينونة في وظيفة محترمة سواء كانت التدريس أو غيرها ، و لكن النتائج غالبا ما تؤدي إلى التهلكة لدى امرأة تتكبد الخسائر المعنوية في خطواتها الوئيدة ضمن مجتمع يدعي المحافظة و لكنه متفسخ و لا يدرك حاجاته و مصيره القادم ، هذه الهواجس كانت مشتركة لدى شخوص الرواية و لا سيما في الظروف التي ألمت بالبطلتين ، ما يجعلني أتساءل هو : لماذا بشاير محمد تصر على أن الرجل وحده هو من ظلم المرأة ، هنالك رجال كثيرون يعانون ذات الحرمان و الاضطهاد ؟!! يبدو أن الشخصيتين ذات انطباع واحد ، و إحساس واحد ، و هذا لا يضعف العملين الروائيين بل يوحي لنا أن بشاير محمد تتسلسل و تختزل في ذاكرتها شخوصا نمطية تود أن تهدمها ، و تعيد بناءها عبر الدلالة أو المصير الذي تقترحه في نهاية العمل الروائي ، و هو ما يشي أنها على وعي تراكمي يحلل و يواكب و يتماهى أيضا مع الشخوص و المشاهد التي تئن تحت وطأة اللغة و تتلبس اليومي كي تتعرى من صرامة المفردات و غياب المعنى أحيانا ، يبدو ذلك عندما تحاول تفصيح العامية و جعل الفصحى في المتناول لقد أحالتنا إلى مشاهد درامية في (مغتربات الأفلاج) كما جعلتنا نتلذذ بالملهاة مع روايتها (ثمن الشوكولاتة) إلا أن الأخطاء اللغوية و التعابير العفوية أوقعتها في أزمة مع المتخصصين ، و مهما كانت بشاير على درجة من الحذر أو عدم الاكتراث في قياس مدى التأثر و الاقتراب من القارئ إلا أن إلحاحها الخروج مبكرا من دوامة السرد و العودة إلى شعرية اللغة جعلها تحن للشفافية تارة و تئن لموقف سردي يتطلب نوعا من الجسارة و المكابدة تارة أخرى .