في حوالى عام 1388ه وخلال بدء حملات التوعية البيئية عبر وسائل الإعلام، رفعت هيئة الإغاثة الإسلامية شعار «اجعلها صدقتين»، مستندة إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه :(وإماطة الأذى عن الطريق صدقة). والهيئة في ذلك النهج استفادت من تقنية تدوير النفايات، أي علب البيبسي كولا والسفن اب والميرندا.. إلخ.. الفارغة، بأن تشجع على إزالتها من الطرقات لئلا تؤذي المارة، ثم تعبئتها بعد تدويرها، وترسلها بعد ذلك إلى الدول الفقيرة التي يحتاج مواطنوها إلى التمتع بشرب هذه المياه الغازية. أما شعار «افعل ولا تفعل» فهو شعار بيئي اجتماعي صحي مشهور، يتلخص بوضع علامة (صح) وعلامة (خطأ) تعبيرا عن السلوك الإيجابي والسلوك السلبي، وينتشر هذا الشعار على حاويات الزبالة الصغيرة في الأماكن العامة كالمطارات والمقاهي مثلا بحيث توضع أمام أعين الجمهور وهو شعار عالمي ثابت ومعروف باللغتين العربية والإنجليزية بالنسبة للمملكة العربية السعودية. وتحضرني بهذه المناسبة طريقة توعوية بيئية آسرة نابعة من بيئة البلد نفسه ألا وهو لبنان، وذلك حينما كنت في زيارة رسمية ممثلا لوكالة الأنباء السعودية في اجتماع اتحاد وكالات الأنباء العربية الخاص بالتوعية البيئية والتربية والإعلام البيئي حوالى عام 1998م.. فحينما دخلت غرفتي في الفندق وجدت داخل علبة المناديل كيسا صغيرا مكتوبا عليه باللهجة اللبنانية «تيضل الحلا عنا» .. أي: لكي يظل الحلا عندنا. لقد أسرتني هذه العبارة، فكنت ولازلت كلما قابلت شخصا لبنانيا بادرته بهذه الدعابة قائلا له: «أهلين بأهل الحلا اللي بيضل على طول عندهم» وما أجمل أن تخاطب إنسانا بلهجته!! تذكرت كل ذلك وأنا كلما توقفت عند إشارة مرور صباحا وظهرا ومساء، أفاجأ بفتح أبواب بعض سائقي سيارات الأجرة «الليموزين» بالبصق على الطريق، والغريب أن علبة المناديل تكون فوق «تابلوه» وتحت الزجاج الأمامي، فما أملك إلا أن أنبه ذلك البعض الذي ربما يتجاهل أو تأخذه العزة بالإثم إذا ما لحقت به عند إشارة مرور أخرى فينكر فعلته، ولا أكتب هذا الكلام تحاملا على جنسية من الجنسيات دون أخرى لكنه الواقع. إن من يمن الطالع أن أشاهد صباح السبت غرة جمادى الأولى 1433ه في القناة الثقافية لقاء مع الدكتور زهير أحمد السباعي عضو مجلس الشورى (سابقا) الذي عرفناه ببرنامجه «الطب والحياة» منذ أكثر من أربعين عاما.. لقد تحدث الدكتور زهير عن مواضيع شتى وتوقف كثيرا عند صحة البيئة والمرور، واستفدت كثيرا من حديثه الشيق وبعثت له رسالة جوال ثم تحدثت معه، وها أنذا أكتب بعض الأفكار التي دارت بيننا وأهمها الاقتراح الذي طرحته منذ حوالى خمسة وعشرين عاما بإقامة «أسبوع البيئة الآمنة» وصدرت بشأنه الموافقة السامية وتضمنه التقرير الوطني للتنمية عام 1392ه 1992م .. والله ولي التوفيق.-