نشرت الصحف في أوائل الشهر الماضي خبر شاب حاول الانتحار، فقبض عليه قبل أن ينفذ الانتحار، وعرض على الادعاء العام، ثم رفع أمره إلى القضاء.. فحكم عليه بالسجن بالإضافة إلى الجلد. ولئن أمعنا النظر في مبدأ الانتحار يوقعه الإنسان على نفسه بقصد إزهاق روحه، فإنه لا خلاف عليه ذنب من أكبر الذنوب، وجريمة من الجرائم الكبرى التي يحرمها الشرع ويعاقب مرتكبها يوم يقوم الناس ليوم الحساب. قال تعالى: «ولا تقتلوا أنفسكم، إن الله كان بكم رحيما، ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا، وكان ذلك على الله يسيرا». إذا كان هذا الشاب لم ينتحر.. وقد نجاه الله من الانتحار حين تم القبض عليه قبل أن ينفذه. ومع ذلك صدر الحكم عليه بالسجن والجلد. وإنني، وإن كنت أحترم القضاء وأقدره ولا أعترض على حكمه، إلا أنه تلوح لي فكرة أراها جديرة بالدرس والفحص من قبل علماء النفس، وعلماء الاجتماع، وعلماء الشريعة. ذلك أن الشاب قد يحتاج في نظري إلى علاج نفسي أكثر من حاجته إلى عقاب (طالما أنه لم ينتحر ).. علاج يرتكز على الدوافع والمؤثرات التي أسلمته إلى الانتحار، ويستند إلى العوامل والظروف التي أحاطت به.. من نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو عاطفية. فكان أي منها المحفز لإقدامه على الانتحار. إن هذا الشاب حتما لم يفكر في الانتحار إلا بعد أن بلغ به اليأس منتهاه، وعجز عن التصدي لمشكلته، وانقطع رجاؤه في الحياة، ووجد نفسه في وقت من الأوقات مهزوما منهارا من الداخل.. هاربا من الدنيا بما فيها، ولم يجد وسيلة للخلاص منها إلا أن يقضي على حياته بنفسه، وهنا يعن لي أن أبسط في إطار قضية الشاب هذه الاستفسارات: • ألم يكن الشاب في غنى عن العقوبة بعد أن أوقع العقوبة على نفسه كأقسى ما تبلغه العقوبة حين أقدم على الانتحار؟. • أليس من الخير له أن نخضع حالته إلى دراسة شاملة توصلنا إلى حل لقضيته ؟ • ألا يستحق منا أن نحثه على أن يغير من نظرته التشاؤمية إلى نظرة تفاؤلية للحياة ؟. • هل لا نحضه على أن يعيد حساباته بعد أن أنقذه الله الذي كان لطيفا ورحيما به.. بدلا من إلقائه في السجن وتركه يواجه مصيرا قد يدعوه إلى تكرار الانتحار ؟ • هل السجن لهذا الشاب يمثل له شفاء وأملا يسلمه إلى توبة نصوح يقلع بها عن التفكير في الانتحار تارة أخرى.. أم يمثل عودة إلى الانتحار وهو أكثر يأسا وأشد قنوطا ؟ • أليس من الخير له أن نأخذ بيده، ونعينه على نفسه، ونعطيه المجال ليتحرر من اليأس إلى الأمل والرجاء.. بتأهيله نفسيا واجتماعيا وتوجيهه من الناحية الدينية، حتى يحب الحياة ويعود إنسانا عاديا واثق النفس.. متكيفا مع قضيته ؟. • أليست دراسة حالة الشاب تشمل كلا من البعد النفسي والاجتماعي والتربوي لمشكلاته أيضا.. بحيث تفضي إلى إيجاد حلول تحد من أن يتحول الانتحار إلى ظاهرة على النحو الذي نسمع عنه في البلاد الأخرى؟. إنني أطرح هذه الاستفسارات.. علها تجد صدى لدى علماء النفس وعلماء الاجتماع وعلماء الشريعة، فإما أن يتقبلوها فيستجيبوا لها، وإما لا تروق لهم، فلا أملك إلا أن أعدها هواجس وأوهاما تدعوني إلى أن أسأل الله السماح والغفران. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 256 مسافة ثم الرسالة