من الصعب أن نتخيل أن تصبح للبطة أهمية كبرى في السياسة والمنطق، ولكن هذه الحقيقة تجلت خلال الأسبوع الماضي عندما صعد زعيم الإرهاب الأول في العالم رئيس وزراء الكيان الصهيوني «بن يامين نيتن ياهوه» إلى منصة اللوبي الصهيوني الأول الشهير باسم «إيباك» ليلقي كلمة «البطة». وكان أهم محور كلمته هي تبرير عمليات عسكرية إسرائيلية في الشرق الأوسط «يعني يعني» أن إسرائيل معنية بحفظ الأمن والسلام. والطريف هنا هو استخدامه للبطة كمحور منطقي لمبررات اتهامه. جدير بالذكر أن أحد الأمثال الدارجة في السياسة الإسرائيلية ترتكز على مبدأ قديم في المنطق بدأ منذ أكثر من مائة عام على لسان الأديب الأمريكي «جيمز ويتكوم» جاء فيه: « عندما أرى طيرا ما يمشي كالبطة، ويسبح كالبطة، و «يبطط» أو «يكاكي» أي يصدر أصواتا كالبطة، فسأسمي ذلك الطير بطة» .. واستخدمها العديد من قادة الدول للاتهام، أو في بعض الأحيان ضمن محاولات «خفة الدم». وللعلم فالنكات المعنية بالبط بشكل أو بآخر لها شعبية كبيرة جدا حول العالم. ولكن دعونا نتوقف لحظة للتأمل في هذا المنطق لأنه ينقص من شأن هذا الكائن المميز في العديد من المسائل الجوهرية ومنها الطيران. الموضوع باختصار هو أن البط من أروع الكائنات الطائرة على الإطلاق، وبالرغم من حجمه الكبير نسبيا في عالم الطيران الطبيعي، فهو من أسرع الطيور حيث ممكن أن تصل سرعاته التحليقية إلى أكثر من ستين كيلومترا في الساعة. وهذه سرعة طيران طبيعية عالية لدرجة أن معظم أعدائه لا يستطيعون اللحاق به في الطيران المستقيم، ويلجأ بعضهم إلى الانقضاض عليه لكسب سرعات عالية، بالإضافة إلى عنصر المفاجأة لاصطياده. تخيل أن الصقر الذي يضرب به المثل في السرعة لا يستطيع اللحاق بمعظم البط إلا بالانقضاض، وسبحان المدبر. وهناك المزيد، فالبط من أروع الطيور المهاجرة لأنه يطير في أسرابه المنظمة بشكل «V» حيث يكون قائد السرب في رأس «الحربة» لمسافات طويلة. الطريف هنا هو أن هذه الطيور المتميزة تأكل كميات رهيبة لتكون طبقات سميكة من الدهون بداخلها استعدادا لتلك الرحلات الشاقة. وممكن أن تصل نسبة الدهون إلى أكثر من نصف إجمالي وزن الطائر نفسه. وبالرغم من ذلك، فالبط يطير لمسافات تفوق الألفي كيلومتر بدون توقف. يعني تخيل المسافة من مكةالمكرمة إلى المدينةالمنورة إلى القدس الشريف بدون توقف. وبالمناسبة فستجد أن عضلات البط داكنة اللون لأنها تعمل بدون ملل أو كلل. وهذا بخلاف الطيور التي لا تطير وتجد أن عضلاتها، أي لحم صدرها لونه أبيض كالدجاج أو الديوك. لأنها لا تطير فلا تحتاج إلى التغذية المستمرة بالدم وبالتالي فلحم عضلات صدورها بيضاء. وبالرغم من كل هذه الروائع في قدراتها يجرؤ البعض على الاستخفاف بهذا الطائر المتميز. وهناك المزيد فيما يتعلق بالقدرات الملاحية لهذه الطيور الرائعة فهي تعرف دربها في السماء عبر المسافات الطويلة وهي مسيرة بمشيئة الله بأحدث التقنيات الملاحية. أمنية بالرغم مما جاء أعلاه من روائع البط، نجد أن بعض المجتمعات تستخدم الأساليب الاستهزائية ضدها، بل ولكل كبيرة وصغيرة بدون أن يتحققوا مما يقولون. تخيل لو كان للبط نكات عن الآدميين فقد تقول بطة لزميلاتها « تخيلي أن المدعو «نيتن ياهو» أصبح هو الآخر يسخر من البط؟ ». أتمنى أن لا نكون ممن يقللون من شأن نعم الله، فقد يعكس ذلك مقدار جهل عال جدا وغير لائق بالوضع الثقافي لوطننا الذي نعتز به.. والله يعيننا على المزيد من المعرفة، والحكمة دائما. وهو من وراء القصد. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 122 مسافة ثم الرسالة