سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القصيبي منع عائلته من منافسة أدوية وحرم مسؤولاً بارزاً من مناقصات كهرباء كشف عن أسباب الاستعانة ب4 دول لتنفيذ مشاريع كهرباء .. محافظ تحلية المياه السابق ل«عكاظ» : 2/2»
يواصل المهندس فهيد بن فهد الشريف محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه سابقا، كشف كثيرٍ من الأسرار التي جمعته بالوزير غازي القصيبي، ويتحدث بوضوح عن 30 سنة من العمل إلى جوار غازي القصيبي؛ بدءا من مدير مكتب حتى عين نائبا لمحافظ الكهرباء ورئيسا للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة. قصص تستمتعون بقراءتها مباشرة في الحلقة الثانية من حوارانا مع فهيد الشريف في رحلة عمر.. • عملت في مركز الأبحاث التابع لوزارة التجارة، صف لنا تلك المرحلة؟ • أنشأت وزارة التجارة والصناعة مركز الأبحاث لإعداد الدراسات الخاصة بالجدوى والفرص الاستثمارية والصناعية، وكان يشارك في أعمال المركز خبراء من الأممالمتحدة والبنك الدولي، وكانت الزراعة نامية في جازان ونجران، وكان من ضمن دور المركز إقامة المناطق الصناعية، التي نهضت بكثير من الصناعات القائمة وكان صلب عملنا في تلك الفترة هو بناء دراسات قوية تستشرف المستقبل الصناعي للوطن. أثناء فترة عملي نمت لدينا فكر المبادرة، والعمل الجاد حيث هيئت لي فرصة عام 1972 لمرافقة وفد من الأممالمتحدة إلى جازان، استفدت منها كثيرا في كيفية المشاركة في الأبحاث وتنفيذها بدقة وموضوعية وصرامة. • في مركز البحوث الصناعي، التقيت الوزير الراحل غازي بن عبدالرحمن القصيبي؟ • كان الدكتور غازي القصيبي مستشارا في المركز يحضر بين فترة وأخرى ويقدم خبراته المتقدمة، وكذلك الدكتور عبدالمحسن آل الشيخ والدكتور محسون جلال، وكان معنا الدكتور جميل الجشي، عملت في المركز لمدة عام ثم حصلت على قرار الابتعاث لدراسة الاقتصاد في أمريكا، وكنت واحدا من أربعة باحثين في المركز هم عبدالعزيز الزامل، وعبد المجيد عجوزة، وأحمد الزامل، وصالح التويجري رحمه الله، كان ذلك في عام 1392ه. وفي ذلك العام تغيرت تركيبة المركز حيث طلب محمود طيبة لوزارة التجارة والصناعة، حيث عين رضا أبار مديرا للمركز وصدرت قرارات أخرى منها تعيين عبدالعزيز الزامل نائبا للمدير العام، وصالح التويجري لمنصب رفيع في المركز. • أفهم من ذلك أنك أبتعثت إلى أمريكا؟ • ذهبت إلى أمريكا عام 1973ه أيام أزمة ووترجيت، وكانت هذه أول سفراتي إلى خارج المملكة، غادرت من جدة إلى بيروت ثم لندن ونيويورك حتى أصل الجامعة التي أدرس فيها، وعلى متن الطائرة التقيت زميلا اسمه عبدالرحمن المديني كانت لديه دورة في أمريكا في البنك الدولي، ووافق أن أرافقه، وفي بيروت التقيت الدكتور ناصر الصالح وكان ذاهبا إلى لندن، وهناك بدأت دراستي التي اجتزتها بنجاح والحمد لله. • وبعد اجتياز الدراسة، ما الذي تم؟ • بعد عامين عدت إلى المملكة حاملا درجة الماجستير، وكان أملي أن أكمل الدكتوراه لكنهم رفضوا ذلك؛ نظرا لحاجة العمل إلى خدماتي، مع وعد من الأستاذ رضا أبار بمنحي الفرصة مرة أخرى حيث تم تعييني براتب 1200 ريال على المرتبة التي استحقها، كان ذلك في عام 1395ه، تصادفت عودتي عندما استشهد الملك فيصل رحمه الله، حيث تولى القيادة الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله- وكانت حاجة العمل لخدماتي أكثر إلحاحا وبالتالي حرمت من دراسة الدكتوراه. بعد عودتي بقليل جرى فصل التجارة عن الصناعة وانضم إلى الصناعة قطاع الكهرباء، فهي هذه المرحلة تم تعيين الدكتور غازي القصيبي وزيرا للصناعة والكهرباء والدكتور سليمان السليم وزير للتجارة. • انتقلت بعدها للعمل مديرا لمكتب غازي القصيبي، هل لك أن تروي لنا هذه القصة؟ • بعد عودتي كان الدكتور غازي القصيبي يبحث عن مدير مكتب يتحدث الإنجليزية، تلقى دراساته في الخارج، لديه إلمام بشؤون الاقتصاد والصناعة، حيث رشحني رضا أبار مديرا لمكتب الوزير، ذهبت إلى مقابلة الوزير وأنا لا أعرفه سوى بشكل بسيط في الجامعة ولقاءات عابرة في مركز الأبحاث. التقيت الدكتور غازي -يرحمه الله- عندها طرح علي أسئلة فيها كثير من التوتر والاستفزاز منها «أنا لا أريد مكتب لديه طموح أريد شخصا يريد أن يعمل فقط»؟ قلت له: أنا لا أريد أكثر من ذلك، قال: ليس هناك حوافز: أجبته ومن سألك عن الحوافز راتبي يكفيني، قال: أنا قاسي وصعب جدا في العمل، وقال: ستعمل معي ليل نهار وخميس وجمعة وليس لديك أية إجازات، سألته مرتين: كم ستدفع لي أجرا؟ كم ستدفع لي أجرا؟ قال: لن أدفع لك شيئا، قلت له على بركة الله. • ألم تشترط عليه شيئا؟ • قبل أن أنهي المقابلة قلت له: بقي لي شرط واحد أعمل معك عاما أو عامين وأقيم مدى حاجتنا لبعضنا، مع احتفاظي بوظيفتي ومميزاتها من ترقيات وحوافز ومكافآت؟ فأجاب قبلت الشرط، لكنه طلب التفكير، وبعدها عدت لعملي، حيث سمعت أنه قابل العشرات من المتقدمين وبعدها اتصل بي وتم إبلاغي بتعييني مديرا لمكتب الوزير، كان ذلك عام 1396ه، وعملت معه في هذا الموقع حتى عام 1401ه. سأروي لك هنا قصة لأول مرة «كان مركز الأبحاث يوزع مساكن على الباحثين، وتم استبعادي من قوائم المستفيدين من المنح السكنية لأنني أعمل في مكتب الوزير ولست أعمل في المركز بشكل مباشر رغم أنني على ملاكهم، أدى ذلك إلى حرماني من الحصول على مسكن». وحدثت بعد ذلك المفاجأة الأخرى، فبينما أنا أعمل مديرا للمكتب حصل الوزير القصيبي على أمر بمنح أراض للموظفين العاملين في وزارة الصناعة، وعندما حان وقت التقسيم لهذه الأراضي تم استبعادي كوني على ملاك مركز الأبحاث، ذهبت للوزير القصيبي وأخبرته فقال بالنص «هذا حظك، لا أستطيع أن أفعل لك شيئا». • صف لنا طبيعة عملك مديرا لمكتب الوزير؟ • كنت ومجموعة معي نعمل ساعات طويلة مفتوحة في أمور كثيرة لا علاقة لها بمهام مدير مكتب الوزير، عملنا في العلاقات العامة، المالية، الاستقبال، الترتيب، أشياء يصعب حصرها مطلقا، كان رجلا حركيا وصارما وصاحب مبادرات وأفكار جريئة ومتقدمة تتطلب التفاعل وكان يكلفنا بأمور متعددة وفي وقت واحد ويطلب إنجازها، وكان هذا يتطلب جهدا شاقا وعملا متواصلا، كان مدرسة بل جامعة في الإدارة. • ماذا تتذكر من مواقف وقصص جمعتك بغازي القصيبي، تدل على صرامته ونقاءه ونزاهته؟ • من الأمور التي أذكرها للتاريخ، عندما كان مكلفا كوزير للصحة كانت عائلة القصيبي مشهورة باستيراد الأدوية قبل مجيئه إلى الوزارة، وعندما طرحت مناقصة لتوريد الأدوية رفض دخول أي فرد من عائلة القصيبي في المنافسة، ورفض بشدة بحجة ألا يتحدث الناس عن استغلال القصيبي منصبه. هناك حالة مماثلة في وزارة الصناعة والكهرباء، كان أخوه عادل يدير ويملك شركة مقاولات تعمل في مجالات الكهرباء والمباني، وكانت هناك مناقصات كثيرة وطلب أن يدخل في واحدة من المناقصات لكنه رفض بشدة، ووقف موقفا صارما، حيث خسر أخوه بسبب هذا الإجراء. أتذكر أيضا قصة ثالثة كنت واقفا على فصولها، هي أن أحد أعضاء مجلس إدارة المؤسسة العامة للكهرباء وكان من ممثلي القطاع في المجلس، ولديه شركة تقدمت للتنافس على مشروع كهرباء لكنه رفض وقال «من خلال عضويتك في المجلس تطلع على المشاريع والمناقصات والمبالغ المالية وتصادق على أرقام ومبالغ و هذا فيه تناقض مصالح لن أسمح به مطلقا، حيث اضطر ذلك العضو إلى الاستقالة من منصبة كعضو في مجلس إدارة الشركة السعودية للكهرباء، لكي يتمكن من الدخول في المناقصات». • ما قصة رفع ملفك الوظيفي إلى مجلس الأمن؟ • من القصص التي أتذكرها عندما كان الأستاذ تركي السديري رئيس ديوان الخدمة المدنية، وحتى يتم ترقيتي على المرتبة التي أستحقها في وزارة الصناعة والكهرباء كمدير لمكتب الوزير لا بد من اتباع إجراءات معينة لنقل خدماتي من مركز الأبحاث إلى ملاك الوزارة، حيث أبلغني الدكتور غازي القصيبي بإرسال أوراقي إلى السديري بشكل خاص، قبل أن يتم إرسالها بشكل رسمي. جاءت موافقة الأستاذ تركي السديري أنه لا مانع والوظيفة الشاغرة تتناسب ومؤهلاتي وخبراتي، ثم أرسلت المعاملة بشكل رسمي لديوان الخدمة المدنية لكنها رفضت من قبل بحجة أنني على ملاك مركز الأبحاث وهو جهاز له نظام مستقل. تحدثت بشكل مباشر مع السديري فأبلغني بصعوبة ذلك، وأن النظام لا يجيز، حاولت دون فائدة، عدت وأبلغت الدكتور غازي القصيبي فقال بالنص «ما رأيك نرفع قضيتك لمجلس الأمن لحلها مع ديوان الخدمة المدنية». • هل كان هناك تقارب في وجهات نظركم في العمل والتفكير؟ • كان هناك تقارب ولغة واضحة، عملت معه في الوزارة وفي أعمال خارج الوزارة؛ منها مشروع الأطفال المعوقين هو صاحب الفكرة وأنا ثابرت على مراجعة المحاكم وجمع التبرعات والتنظيم. • ماذا تعلمت منه؟ • تعلمت من غازي القصيبي الأنفة والاعتزاز بالذات فالوظيفة لا تهمني كما أنها لم تهمه من قبل، كان قدرة خارقة وصاحب رؤى ومبادرات مذهلة للغاية، كان شجاعا وجسورا ولا يخشى أحدا إلا الله كما أنه لا يخسر نفسه ولا يفرط فيمن يعمل معه، هو إنساني وصارم، أمين ومخلص وواقعي، يسمح بالخطأ في العمل، لكنه لا يسمح بالخطأ في الأمانة والنزاهة. • هل ترى أن ارتباط اسمك به طوال ثلاثين عاما على الأقل ظاهرة صحية؟ • ارتبط اسمي باسمه، أنا أعتبر هذا الارتباط إيجابيا، وفي كثير من المواقع حمتني علاقتي به من كثير من الظنون، أتذكر عندما أعفي من وزارة الصحة عام 1403 ه، لم تنقطع علاقتي به حيث بقي في منزله قبل أن يذهب إلى السفارة السعودية في البحرين ومنها إلى لندن وعلاقتي لم تنقطع. كنا نستقبله ونرتب له بعض الأمور وكان معي الأخ هزاع العاصمي الذي أصبح فيما بعد مديرا لمكتبه، وبعد قضية المعوقين ابتعد عنه البعض لكني لم أبتعد عنه، باختصار علاقتي معه لم تكن علاقة طالب بأستاذه في الجامعة، ولم تكن علاقة موظف برئيسة أو مدير مكتب بوزير بل امتدت إلى علاقة إنسانية قوية. كان هو من يبادر بالاتصال والتواصل رغم أنني مقل في ذلك، وعندما ذهب البحرين ولندن كان يتصل ويتواصل ويقول «يافهيد حرام عليك ما تتصل بي». • وكانت له بالطبع علاقات مع النخب؟ • كانت له علاقة بالنخب مثل الدكتور عبدالعزيز الخويطر، الدكتور عبدالعزيز الزامل، عبدالرحمن الزامل، أحمد أبا الخيل، وغيرهم العشرات من النخب المميزة، أنا لم أكن النخب كنت من الكادحين وسأظل كذلك. • أسألك عن فكرة الاستعانة بدول في تنفيذ مشاريع الكهرباء، هل تتذكر هذا الموقف؟ • الدكتور غازي القصيبي عرف بمواقفه وأمانته وجرأته في اتخاذ قرارات حازمة رغم أنها صعبة وخطرة في نفس الوقت، أتذكر في أولى بدايات التنمية كانت هناك مشاريع بمبالغ مالية كبيرة، وكان البلد يحتاج إلى هذه المشاريع ومنها مشاريع الكهرباء، وعندما طرحت في مناقصة تقدمت شركات وطنية حيث وصل سعر المتر حوالي أربعة الآف ريال للمتر، عندما تم فحص العطاءات كانت الأرقام كبيرة جدا، واتخذ قرارا شجاعا حيث قام بإلغاء المناقصات وكانت في حدود أربع مناقصات واستبعد الشركات الوطنية منها. • ما الذي حدث بعد ذلك؟ • وحصل على أمر من الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-، كان في تلك الفترة وليا للعهد، بإسنادها إلى شركات أجنبية بأسعار أقل وجودة أفضل وسرعة في الإنجاز، حيث توجه إلى شركات كبرى في دول واستقبل عطاءاتها، حيث أسند مشروع الخرج المركزي إلى شركات باكستانية، ومشروع جازان المركزي لشركات هندية، والباحة لشركات تايوانية، ومشروع عسير رسي على شركات كورية. • كانت لك مقالات في صحف وبأسماء مستعارة؟ • أتذكر وعندما قوبل بهجمة شرسة ومقالات في بعض الصحف واتهم فكره وطريقة عمله، كنت أكتب في صحيفة الجزيرة تحت اسم مستعار، وكنت أكتب مقالات مؤازرة لدور الدكتور غازي القصيبي ورؤاه وتطلعاته وجلده ونزاهة يده وطيب معدنه، كنت أكتب سرا ولم أبلغه، رغم أنني كنت أعمل مديرا لمكتبه ولا يفصلني عنه سوى أمتار قليلة. بعد فترة جاءني وأبلغني أنني ذلك الشخص الذي يكتب بانتظام في صحيفة الجزيرة، فاعترفت له فقال لي إن جهة عليا ناقشت معه ما ينشر من مقالاتي. • ما قصة تعيينك في مؤسسة الكهرباء؟ • عندما ذهب القصيبي إلى وزارة الصحة كان وزيرا بالنيابة، حيث شغر منصب نائب المحافظ في المؤسسة العامة للكهرباء، والدكتور غازي من ثقته بي ومعزته لي رشحني لذلك المنصب، عرض علي الأمر وصدرت موافقة مجلس الإدارة، أشرفت على تنظيم مؤتمر وزراء الصناعة الخليجيين الذي عقد في الطائف وأسند لي مهمة الترتيب، وأتذكر أن زوجتي كانت تلد ابنتي هوازن في المستشفى العسكري وأنا أعمل معه في المؤتمر. • هل تتذكر شيئا من أعماله في وزارة الصحة؟ • الكثير الكثير، سأروي لك إنجازاته وإنسانيته، زرنا المدينةالمنورة وهو وزير للصحة وعندما شاهد الوضع المتردي للخدمات الصحية بكى.. اتخذ قرارا جريئا، وحلولاً تاريخية، فورية دون الرجوع لأحد. كان له جهد كبير يذكر فيشكر في وزارة الصحة لكنه لم يدم طويلا بقي نحو عام ونصف أو أقل قليلا.