إنجاز علمي جديد.. «محمية الملك عبدالعزيز الملكية» تنضم للقائمة الخضراء الدولية    «PIF» يرفع ملكيته في الشركات المدرجة إلى 1.73 تريليون ريال    مدير تعليم جدة: نتعامل بدقة مع البلاغات الطارئة    «الشورى» يناقش مقترح مشروع «نظام رعاية الموهوبين»    وزارة الداخلية في مؤتمر ومعرض الحج .. الأمن في خدمة ضيوف الرحمن    «إسرائيل» تطالب بترحيل الأسرى إلى الخارج    مرحلة التصويت تغلق.. وإعلان الفائزين في حفل ل"Joy Awards 2025" السبت المقبل    15 ممكناً للمنشآت الأعضاء في برنامج «المشغل الاقتصادي السعودي المعتمد»    الذهب ينخفض مع توترات أسعار «الفائدة».. والأسهم تتراجع    مترو الخرج    ترشيد الإنفاق الأسري    تعزيز الابتكار واستكشاف الفرص الواعدة في قطاع التعدين    أمير الجوف يشيد بدور "حقوق الإنسان"    الطائرة الإغاثية السعودية العاشرة في دمشق    «اجتماعات الرياض» تبحث إعادة بناء سوريا وتحقيق أمنها    ميزة لإدارة الرسوم المتحركة بمحادثات «واتساب»    700 ألف إسترليني لتحرير غوريلا مسجونة    ولي العهد يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية    ولي العهد ورئيس وزراء اليونان يترأسان «مجلس الشراكة» ويبحثان المستجدات    الهلال يغري نونيز نجم ليفربول براتب ضخم    بعد انقضاء 16 جولة من دوري" يلو".. نيوم في الصدارة.. والعدالة يواصل المطاردة    " الضوضاء الإعلامية وحارس الفيحاء"    "عدنان حمد" يقود أول حصة تدريبية للعروبة .. والسومة يشارك في التدريبات    برعاية الأمير فيصل بن خالد.. إطلاق جائزة الملك خالد لعام 2025    "محمية الملك عبدالعزيز الملكية" تنضم إلى القائمة الخضراء الدولية    إقامة ملتقى إضاءة عسير للأشخاص ذوي الإعاقة    «الشورى» يناقش تعديل نظام رعاية الموهوبين    حسام بن سعود: المحاكم لها دور في إرساء مبادئ العدل والشفافية    مقترح للدراسة في رمضان    محمد بن عبدالرحمن يقدم التعازي للحميدان و بن حشر و بن نوح    تواصل ارتفاع إجمالي الطلب العالمي للشحن الجوي للشهر 16 على التوالي    قرية "إرث".. تجربة تراثية    تطلق وزارة الثقافة مسابقة "عدسة وحرفة" احتفاءً بعام الحرف اليدوية2025    تشوه المعرفة    بمشاركة عربية واسعة.. «إثراء» يطلق النسخة الرابعة من ماراثون «أقرأ»    لا ناقة لي ولا جمل    نزيف ما بعد سن انقطاع الطمث    تناول الحليب يومياً يقي من سرطان القولون    النوم في الظلام.. يقلل مخاطر الاكتئاب    أرقام «الإحصاء».. والدوسري.. وصناعة المُستقبل    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان أثناء استقبال محافظ الداير له " على عاتقنا مسؤولية الوقوف كدرع منيع لحماية هذا الوطن "    العراق وترمب.. لا منطقة رمادية    من إدلب إلى دمشق!    انطلاق دوري الفرسان التطويري بمشاركة 36 فريقاً    هل أطفالنا على المسار الصحيح ؟!    دول أوروبية تدعو لتخفيف العقوبات على سورية وإبقائها على الأسد    تحديث وإنجاز    اختبار أخير لجوميز الأهلي    "سعود الطبية" تُنقذ 600 مريض يعانون من النزف الهضمي في 2024    هيئة الهلال الاحمر السعودي بنجران تتلقى 12963 بلاغاً خلال عام 2024    فيصل بن مشعل يزور محافظة أبانات ويلتقي الأهالي    ختام مؤتمر مبادرة رابطة العالم الإسلامي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير إدارة المساجد بالمحافظة    أمسية شعرية مع الشريك الأدبي يحيها وهج الحاتم وسلمان المطيري    مواد إغاثية سعودية للمتضررين في اللاذقية    المسجد النبوي يحتضن 5.5 ملايين مصل    هل نجاح المرأة مالياً يزعج الزوج ؟!    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة فهدة بنت فهد بن خالد آل سعود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجشي يواصل ذكرياته عن القصيبي
نشر في اليوم يوم 06 - 01 - 2011

كثيرة هي مجالات الكتابة عن الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي « رحمه الله» ولكني فضلت أن أتناول هنا جزءا من حقيبة ذكرياتي معه « قبل أن يعفي عليها الزمن» وأسجل بعض الأحداث والمواقف التي عشتها معه على مدى أكثر من ثلاثين عاما،في فترة كنت أسمع عنه فيها ولم أكن قد التقيت به بعد، ثم بعد أن التقيت به وقبل أن أعمل معه، ثم حينما عملت معه كمرؤوس ورئيس، ثم بعد ذلك كصديق، مخلص وصدوق، حتى اختاره الله إلى جواره. والقصد من هذا التدوين هنا ليس تمجيد هذه الشخصية الفذة، وهو يستحق كل تمجيد ، وإن كان غنيا عن أي تمجيد، ولكني أرجو أن يكون فيما أتناوله هنا بعض العبر والدروس مما يفيد الشباب الصاعد ، أو المتبوئين الآن مراكز المسؤولية. من جهة أخرى، فإن مجالات الكتابة عن غازي تشمل الكتابة عنه كشاعر، أو روائي، أو أديب ، أو ناقد ، أو كاتب اجتماعي، كما تشمل الكتابة عنه كإداري ، أو سياسي، أو دبلوماسي، مما يعتمد مباشرة على آثاره االمكتوبة الجمة ، أو من خلال سجل إنجازاته في الجهات التي عمل بها ، من العمل في الجامعة حتى وزارة العمل، مما يصلح لدراسات معمقة، أو رسائل أو أطروحات أكاديمية وعلمية، مما ندعو إليها الدارسين ، والأساتذة والطلبة والكتاب، على اختلاف تخصصاتهم.
تطبيق وتنفيذ :
هناك بعض الأشخاص الذين قد يأخذ بهم الظن، أو لغرض في نفس يعقوب ، أن يعتقدوا أنهم إذا ما سهلوا لهذا الشخص أو ذاك، ممن قد يحسبون على المسؤول، بعض الأمور المخالفة للنظام، أو التي يكون فيها تعد على حرمة المال العام ، فإنهم قد يرضون هذا المسئول أو ذاك، من رؤسائهم، فيسهل لهم، في المقابل، بعض أمورهم حتى وإن كان في ذلك مخالفة للنظام. أو أنهم قد يحصلون على المكافأة، مباشرة، من الشخص الذي سهلوا له عمله، سواء " كإكرامية تطوعية" أو بموجب طلب صريح، وإن كان مغلفا ب " من أجل عيون فلان" ، أو حتى "بإيحاء منه". طبعا، يوجد قلة من هذا النوع من الناس بلا شك في الدوائر الحكومية، ومن الصعب اكتشافهم بسهولة. هذا فضلا عن أن بعض أصحاب المصلحة الذين يتعاملون مع الدولة قد يتجرؤون بعرض" الإكرامية" ظنا منهم أن عملهم لن ينجز بغيرها. وعندما تتعلق الأمور بأقارب الشخص المسؤول، الذي هو على رأس المؤسسة ، الوزير أو الوكيل ، تكون الأمور أكثر تعقيداً، وأصعب في الكشف، ولكنها قد تكون أسهل في التطبيق والتنفيذ، خصوصاً وأنه قد يدخل فيها عامل الخوف من قبل الموظف، الصغير، من سطوة الرئيس، الكبير، مع تخيل عن رغبة هذا الأخير في محاباة قريبة.
إجراءات صارمة :
من هنا، ولقطع دابر الشر والحيل والتحايل، فقد عمد غازي إلى إجراءات صارمة، في وزارة الصناعة والكهرباء، وبعدها في وزارة الصحة، تقضي بإبعاد أي شخص له صلة قرابة به من التعامل تجاريا مع الوزارة، مثل المناقصات والتوريدات. ففي أثناء عمله في وزارة الصناعة والكهرباء وصل إلى مكتبه، مرة، ما يشير إلى ترسية إحدى العمليات على قريب له، علماً بأن البت النهائي في العملية كان لوزارة المالية أو المقام السامي. ولعل أي مسؤول آخر، غير غازي، كان سيعتبر الموضوع عاديا ويرسل العملية لتأخذ مجراها النظامي التقليدي. إلا أن غازي اتصل بقريبه، صاحب المؤسسة الكبيرة، والتي كانت تتعامل في تلك الأعمال منذ سنين وبمئات الملايين، ليخيره بين اثنين لا ثالث لهما، إما أن تنسحب مؤسسته من المنافسة، مع وعد بعدم الدخول في أي منافسة أخرى لدى هذه الوزارة مستقبلا، أو أن يقوم الوزير، غازي، بتقديم استقالته في الحال، ويخرج من الوزارة. وبالفعل انسحبت المؤسسة التي كانت صاحبة أفضل وأقل عطاء، وكان من حقها الحصول على العملية. وهكذا ظلت تلك المؤسسة، طيلة وجود غازي في الوزارة، بعيدة عن منافساتها وأعمالها، ولم تجرؤ أي مؤسسة أخرى لأصحابها أي علاقة نسب مع غازي بالاقتراب من أعمال وزارة الصناعة والكهرباء خلال وجود غازي فيها.
لقطع دابر الشر والحيل والتحايل، فقد عمد غازي إلى إجراءات صارمة، في وزارة الصناعة والكهرباء، وبعدها في وزارة الصحة، تقضي بإبعاد أي شخص له صلة قرابة به من التعامل تجاريا مع الوزارة
نزاهة متناهية :
أما عندما انتقل غازي إلى وزارة الصحة، فقد كان من أوائل قراراته وتعاميمه للعاملين في الوزارة، عدم دعوة، أو قبول عرض من أي شركة أو مؤسسة لأي من أقربائه علاقة بها، وهكذا جرى الأمر. علماً بأن هناك مؤسسات وشركات عريقة، لأصحابها علاقة نسب، وليس لغازي مصلحة بها، كانت تتعامل مع وزارة الصحة، قبل مجيء غازي، فحرمت من التعامل مع الوزارة طيلة وجوده فيها. ولكنها النزاهة المتناهية، والاهتمام بالمال العام، ولإبعاد أي شك، وقطع الطريق على أي ضعيف نفس، اتخذ غازي تلك السياسة التي قد يخالفه فيها البعض، وهم نزيهون أيضا، ولكنهم يعتبرون تعامل أقربائهم مع الوزارة بشكل نظامي هو حق لهم كأي مواطن آخر " مما قد يفتح الطريق، كما أسلفنا، إلى دخول ضعاف النفوس للعب، والتحايل، متخذين من وجود الوزير القريب فرصة وذريعة للكسب غير المشروع، أو للتلاعب بالمال العام ".
مستشفى القطيف :
من ذكرياتي مع غازي في وزارة الصحة ، أيضا، أنه عندما تسلم الوزارة كان هناك عدد من المشاريع "مستشفيات ومراكز صحية وغيرها" تم توقيع عقود إنشائها، ولكنها ظلت حائرة دون تنفيذ، لسبب أو لآخر. من هذه المستشفيات كان هناك مستشفى للقطيف، بسعة حوالي 300 سرير، كان المفروض أن ينشأ بدلاً من مستشفى قديم قائم " على أطراف حي الشويكة ". ولأن أرض المستشفى القديم لا تكفي لمنشآت المستشفي البديل، الجديد، فقد توقف التنفيذ لمدة عامين تقريباً، بسبب الأخذ والرد بين وزارة الصحة ووزارة المالية للحصول على أرض مناسبة. بحث غازي الموضوع مع المسؤولين عن الصحة وبعض الأهالي والشؤون الصحية في الشرقية، وعلم منهم بوجود أرض تابعة لوزارة الإسكان والأشغال العامة التي كان وزيرها، يومئذ، صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز. وكانت الأرض مخصصة، أصلا، لمشاريع الإسكان " العاجل " ولكن مساحتها كانت أكبر مما يحتاج له مشروع الإسكان، وتقع على أطراف محافظة القطيف على طريق الظهران- الجبيل.
مشلح الوزير :
وهنا تحرك الوزير حاملاً مشلحه متوجها لمنزل الأمير، طارحاً مشلحه عند باب المجلس، ورافضا شرب فنجان القهوة حتى يستجيب سمو الأمير للطلب الذي لم يعلن عنه حتى تلك الساعة. فما كان من كرم سمو الأمير إلا الوعد بالاستجابة إذا كان مايطلبه الوزير بمقدور الأمير عندها شرح غازي قصة المستشفى وطلب من سمو الأمير مساحة من الأرض تكون كافية للمشروع. فاستجاب الأمير بشرط الرفع للمقام السامي الذي كان قد وافق على تخصيص تلك الأرض لمشاريع الإسكان. وتم الرفع وتمت الاستجابة لطلب الأمير والوزير، وتم تنفيذ المشروع، الذي اختار له الوزير بنفسه، مسمى "مستشفى القطيف المركزي " بدلاً من أي مسمى آخر كان موضوعاً على الطاولة. وبعد حوالي ثلاثة أعوام تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز " رحمه الله" بافتتاح المستشفى في حفل كان بمثابة عرس لمحافظة القطيف .
زلة لسان :
وأخيرا وقبل أن أترك وزارة الصحة وأحداثها، أود أن أدلي بدلوي فيما يتعلق بقصيدة " آخر رسالة من المتنبي لسيف الدولة " وما قيل من أنها كانت السبب في إعفاء غازي من وزارة الصحة، أو أنها زلة لسان، أوجرة قلم، إلخ. فحسب تقديري، ومعلوماتي عن الوضع السائد في الوزارة في ذلك الوقت، فإن الأمر ليس كذلك. فالقصيدة لم تكن السبب في إعفاء غازي ولكنها قد تكون عجلت، أو أخرت، الأمر فقط. وغازي حينما كتبها ونشرها، إنما أراد أن يعبر عن شيء جاش في نفسه أمام من يحب ويحترم، بصراحته المعهودة ودون أية مواربة، بعد أن وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه في الوزارة، وهو يعلم، إذ ذاك، أن القرار وإن تأخر بعض الشيء. وكانت رغبة غازي في الاستقالة ، وبالتالي الإعفاء، قد وصلت إلى من بيده القرار، كما يوضح ذلك غازي في كتابه " حياة في الإدارة".
رغبة الاستقالة :
أما أمور الوزارة التي قد تكون أدت إلى رغبة غازي في الاستقالة، وبالتالي أدت أو تسببت في الإعفاء "وقد عبر عنها غازي بإجراءات" فتشمل، حسب تصوري، أولا المصالح الخاصة التي أربكتها سياسة غازي، المدعومة من الدولة، سواء على صعيد العاملين القدامى في الوزارة ومرافقها أو الأشخاص المتعاملين معها، أومع مرافقها، مادفع أصحاب المصالح هؤلاء لبث القيل والقال، والنفخ والتهويل، بل وصلت الأمور بالبعض إلى وضع غازي في مقابل الدولة، أو بعض رموزها "فيما كان غازي يكن كل الود والإخلاص والولاء للدولة ورموزها دون استثناء"
مواضع حرجة :
ومن ناحية أخرى فقد كان للأوضاع المالية دورها وأثرها في عرقلة أعمال الوزارة، والحد من انطلاقتها، بل والعودة بها إلى الوراء. بل لعل البعض، حاول تحميل غازي مسؤوليات بعض الأمور، وطالبوا أوتسببوا في وضع غازي في مواضع حرجة، فقط لإصراره على أن تتحمل الدولة مسؤولياتها تجاه مواطنيها، كما هي سياستها، وتمضي في حل الإشكالات والمشاكل ذات العلاقة بصحة المواطن، والتي بالتأكيد كانت تحتاج إلى الدعم المالي، بالإضافة إلى الدعم السياسي والمعنوي " وإلا فما الفائدة في أن يظل الوزير في مكانه، إذا كان هو فاقد السيطرة، ومكبل اليدين وعديم الفاعلية.
معارك وتجاذبات
وهذا، بالطبع، ماكان ليرضى به غازي. فالوزير بالنسبة له، إما ان يكون قويا وفاعلا، والا كان عليه أن يترجل ويترك الساحة لغيره يضاف إلى ذلك، فيما يتعلق بالإعفاء، وضع مستشفى الملك فيصل التخصصى، وما صاحبه من "معارك وتجاذبات" تم تحويلها من بحث عن المصلحة العامة، إلى معركة أشخاص، ومصالح شخصية، شمر المنتفعون فيها عن سواعدهم "وعلي وعلى أعدائي " إذن تحت هذه الظروف فإن الاستقالة، أو قبولها، أو الإعفاء"وهو الأداة الإدارية لقبول الاستقالة" لم يكن مستغربا ، بل متوقعا، وما القصيدة ، إن كان لها دور، إلا عامل "محفز"، ولم تكن السبب على الإطلاق.
مكان رفيع
أختم حديثي عن هذه المرحلة، بما شاهدته بأم عيني وسمعته بأذني، عندما زرت غازي في منزله بالرياض، بعد يوم أو يومين من إعفائه من وزارة الصحة. فقد حضر إلى منزله أحد كبار الشخصيات التي انتقلت من مركز رفيع في الجهاز الحكومي، الى مكان رفيع آخر في القطاع الخاص. وقد جاء في ذلك اليوم إلى منزل غازي ليعتذر له عما بدر منه، ومن تعاونوا معه ، تجاه غازي في إحدى معارك التنمية، معترفاً بأنهم جميعاً أخطأوا في حقه، واتهموه بشتي التهم، وشنوا عليه حرباً شعواء، وقالوا فيه الكثير، ليكتشفوا فيما بعد خطأهم. وها هو يأتي إلى بيته، وبعد أن ذهب عنه بريق الوزارة، ليعتذر له عما حصل، وليشكره على جهوده وعلى ما حققه للمواطن السعودي مما يتماشى مع طموح قيادة البلاد وكنت أشاهد غازي ودمعة في عينه وهو يستمع الى ذلك الشيخ الجليل، رحمهما الله جميعا.
وأخيراً أنقل مداعبته في إهدائه نسخة من كتابه الموسوم « النثر شعراً لك » حيث جاء الإهداء كما يلي .. « العزيز أبا سمير ، للقراءة وليس للنقد!
غازي كصديق
ما جاء أعلاه هو غيض من فيض مما يمكن كتابته حول غازي في ضوء الأحداث والمواقف التي عشتها معه حتى خروجه من وزارة الصحة بتاريخ 17 /7 /1404 ه "18/4/1984م"، حيث كان هو الرئيس، وأنا المرؤوس، وما قبل ذلك. وهناك مواقف وأحداث كثيرة عشتها معه بعد أن افترقنا، عملاً ووظيفة، وحل بيننا رباط الصداقة والاهتمام بشؤون الوطن والمواطن، كل على مستواه وفي محيطه، حيث لم يتزحزح غازي في أن يكون في قمة الهرم وفي أوسع دائرة، وفي كل الدوائر، بغض النظر عن المركز أو الوظيفة، وهذا ما سأتناوله في القسم الثاني من هذه المقالة.
صداقة أخوية
و نواصل فيما يلي سرد الرحلة مع الدكتور غازي القصيبى مما جاء في حقيبة ذكرياتي في مرحلتها الرابعة، بعد أن تناولت الأولى المراحل الثلاث .. والمرحلة الرابعة لمن لم يقرأ القسم الأول تتعلق بعلاقتي بغازي بعد إعفائه من وزارة الصحة في عام 1407ه "1987م" وحتى وفاته " رحمه الله" وهي المرحلة التي تحولت فيها علاقتنا إلى صداقة أخوية، يلفها خدمة الوطن وشجون المواطن .
منزل السفير
بعد أن استقر به المقام في سفارة خادم الحرمين الشريفين في المنامة، وأنا مازلت في وزارة الصحة، عزمت على زيارته هناك، ولم يكن جسر الملك فهد قد دشن بعد، فسافرت من الرياض بالطائرة إلى المنامة، وفوجئت بوجود من يستقبلني في المطار مكلفا من قبل غازي، حيث اصطحبني إلى الفندق، وأخبرني أن غازي سيمر علي في المساء ليصحبني للعشاء في منزله ، وبالفعل، في الموعد المحدد كان غازي في الفندق حيث خرجنا سويا قاصدين منزل السفير في أحد أحياء المنامة القديمة. تحدثنا كثيراً ليلتها، في كثير من الأمور ذات العلاقة بالمملكة، وفلسفة غازي كوزير، وكيف أنه لم يرض أن يظل وزيراً بالاسم، فإما أن يكون وزيراً فعالاً يخدم القيادة والوطن بصدق وفعالية وإلا عليه أن يتنحى.
تأليف كتاب
تطرقنا أيضا إلى موضوع " التنمية " وتشعباتها .. وفهمت منه أنه يفكر في تأليف كتاب في الموضوع، فذكرت له بعض عناوين الكتب ذات العلاقة التي تذكرتها ساعتئذ ، وبعد عودتي إلى الرياض، أرسلت له كتابين أو ثلاثة، كما أرسلت له رسالة ضمنتها بعض ما خطر لي حول الموضوع . ولعله من المناسب أن أشير هنا إلى جانبين هامين في قضية التنمية. الأول هو الفرق بين التنمية والنمو، وهذا يهم الاقتصاديين بدرجة كبيرة، والثاني هو "شمولية" مفهوم التنمية في الأدبيات الحديثة بحيث يشمل كل نشاطات الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما حاول أن يتناوله غازي في كتابه الجديد.
الأسئلة الكبرى
ونسيت الأمر، لأفاجأ بعد عدة سنوات بغازي يرسل لي نسخة من كتابه "التنمية.. الأسئلة الكبرى " وقد جاء إهداؤه لى على تلك النسخة كما يلي: "عزيزي أبا سمير، لا أظن أنك ستجد في الكتاب جديداً أو مفيداً... ولكني أظن أنك ستجد بعض أفكارك فيه. " والواقع أن هذا الإهداء يفصح عن خصلتين لغازي الأولى التواضع والثانية اهتمامه بتشجيع الآخرين والاعتراف لهم بالفضل حتى لو كان قليلا من ناحية أخرى.. فالكتاب احتوى الكثير من الأفكار "الجديدة"، والتي كانت، أيضا، "مفيدة" لي ولكل المهتمين بعملية التنمية. ولكنه أراد أن ينكر ذاته، وهذا من التواضع الذي يتصف به غازي. ومن ناحية أخرى ، فهو لا تفوته الفرصة لتشجيع من يتعامل معهم سواء من مرؤوسيه، أو من أصدقائه، حيث ينسب إليهم أو يعترف لهم بالفضل، حتى في حالة عدم وجوده، أو إذا كان قليلاً او بسيطاً جداً.
منجزات الوطن
فاتني أن أذكر كرم ضيافة غازي في هذه الرحلة حيث تحمل مصاريفي في الفندق، وعند ما حاولت دفع الحساب، رفض الفندق محاسبتي في ضوء ما تلقاه من تعليمات "سعادة السفير"، والماء من معدنه لا يستغرب ، بعد قليل من تلك الزيارة، كنت قد انتقلت للعمل في الشركة العربية للاستثمار والتي كان لها فرع عبارة عن " وحدة مصرفية " في البحرين ، وكان لا بد لي من زيارة الوحدة بين حين وآخر .. وكانت تلك الزيارات فرصة لي ألتقي فيها بغازي عندما يكون الوقت مناسبا له ، وكان لا يبخل علي بتوفير الوقت لنلتقي من جديد، فنجدد الذكرى ونطوف بمنجزات الوطن وهمومه.
أزمة الكويت
لا أتذكر شيئاً محدداً الآن مما تناولته تلك اللقاءات، التي امتدت على مدى حوالي أربع سنوات قضيتها في الشركة التي تركتها قبيل أزمة احتلال، ومن ثم حرب تحرير، دولة الكويت. وكما هو معروف، فقد ذهب غازي يتحفنا بزاويته اليومية " في عيون العاصفة" التي كان يكتبها في جريدة " الشرق الأوسط " طيلة الأزمة ، بعد تركي للشركة وحتى التحاقي بمجلس الشورى، ثم بالسفارة في طهران، وبعدها، فإن اتصالاتي بغازي في البحرين ولندن، وفي الرياض بعد عودته للوزارة، لم تنقطع سواء حضوريا، أو عن طريق الهاتف، أو برسائل مخطوطة.
بيئة مناسبة
خلال عمل غازي في السفارة في البحرين، عمل على تطوير العمل بها ابتداء من المبنى، حيث أقنع وزارة الخارجية من البداية في استئجار مبنى جديد يليق بمكانة المملكة، ثم عمل على إقناعها بإقامة مبنى للسفارة أصبح أحد معالم المنطقة الدبلوماسية في المنامة، وكان غازي يؤمن أن بداية التطوير في أي جهاز ينطلق من توفير البيئة المكانية المناسبة، ومنها ينطلق لأمور العمل الأخرى، مثل الإجراءات والتقنيات الإدارية الأخرى. وهذا ما تعودنا على مشاهدته مع غازي ابتداءً من وزارة الصناعة والكهرباء وحتى وزارة العمل، مروراً بسفارة المملكة في البحرين ، ولندن ثم وزارة الكهرباء والماء، حيث عمل على إيجاد المقرات المناسبة لكل هذه الأجهزة، ولاتزال تلك المباني قائمة وشاهدة على ذلك.
أثناء عمله في السفارة في البحرين ، ثم في لندن, دأب غازي على فتح باب السفارة في أمسية من كل أسبوع لاستقبال الجالية، ومنسوبي السفارة، والمواطن الزائر، ومن يرغب من الأصدقاء من أبناء البلد المضيف. وقد حضرت بعض الأمسيات في البحرين ، وكذلك في لندن، وكنت أنوى استنساخها عندما عملت فيما بعد في طهران ، ولكن الظروف لم تسمح بذلك .
إنتاج أدبي
أعرج الآن على عادة جميلة لغازي مع أصدقائه، وهي تزويدهم بنسخ من إنتاجه الأدبي أولاً بأول، حتى لو اضطر لشراء نسخ إضافية خلاف ما يقدمه له الناشر. وهو عندما يهدي أي نسخة من كتبه، ينتهز الفرصة ليكون الإهداء مناسبة للتذكير بأمر ما، أو بعلاقة بينه وبين الشخص المهدى له ذلك الكتاب. وجدت في مكتبتي الكثير من كتبه المهداة نسخها بتوقيعه، وكثير منها يحمل عبارة " المودة " أو "الحب "، الخ، مع كتابة الاسم كاملاً مثل " أخي العزيز الدكتور جميل الجشي مع أطيب تحياتي "، أو مختصرا كما في " العزيز أبا سمير، مع المودة " أو" العزيز جميل مع التحية "، أو" العزيز أبا سمير مع التحية وأطيب التمنيات"، وهكذا .
قصائد مختارة
ولعل أول كتاب أهداني نسخة منه كان كتابه المعنون " قصائد مختارة " وقد جاء إهداؤه على النسخة المهداة كما يلي: " إلى أخي العزيز الدكتور جميل الجشى مع المودة الخالصة " التوقيع " 14/5/1400 ه" وكنت وقتها أعمل في مشروع الجبيل بالهيئة الملكية للجبيل وينبع ، ومن إهداءاته التي تحمل بعض المعاني، إضافة لكلمات الإهداء المعتادة كما هي أعلاه، أنقل الأمثلة التالية، وذلك بالإضافة إلى ما جاء أعلاه فيما يتعلق بإهدائه نسخة من كتابه " التنمية ..الأسئلة الكبرى". فعندما أهداني نسخة من كتابه "شقة الحرية " كتب إهداءه كمايلي: "أخي العزيز الدكتور جميل الجشي، تجد في هذه الصفحات شيئا من معاناة جيلنا. غفر الله لنا... ولجيلنا ... مع خالص المودة ". أما أهداؤه لي نسخة كتابه الشهير "حياة في الإدراة " فقد جاء كما يلي: " الزميل . الصديق . الأخ الدكتور جميل عبد الله الجشي ، شهادة على المودة وذكرى للأيام المشتركة . أخوك " التوقيع "" . وأخيراً أنقل مداعبته في إهدائه نسخة من كتابه الموسوم " النثر شعراً لك " حيث جاء الاهداء كما يلي .. " العزيز أبا سمير ، للقراءة وليس للنقد! مع التحية ". ألا توضح هذه الأساليب المختلفة في الإهداءات عن نفس كريمة، وخصال حميدة، وروح مرحة، ومداعبات أخوية.. وأجزم أن هذا الأسلوب يتكرر مع كل أصدقائه.
مقالات غازي
والآن أنتقل، مع غازي وحقيبة ذكرياتي معه، إلى موضوع له صلة بالإنتاج الأدبي ، فقد درج غازي لفترة لا بأس بها على كتابة مقال في " المجلة العربية " التي تصدر عن وزارة الإعلام بالمملكة ، وكان رئيسها في ذلك الوقت الأستاذ حمد القاضي، الذي أصبح عضواً في مجلس الشورى في وقت لاحق ، مقالات غازي هذه كانت تتناول في كل مرة كتابا من الكتب التي تصل إليه من مؤلفيها أو أحد معارفهم أو معارف غازي ، وكنت من بين من يحرص على موافاة غازي بما يصل إلي من المؤلفات التي تصدر في القطيف، أو حولها، حيث أبدى اهتمامه في الاطلاع على تلك الإصدارات، وقد كان لبعضها نصيب في مقالاته تلك التي كان يتحف بها " المجلة العربية ". ولم تخل تلك المقالات من مداعبة هنا، أو ملاحظة هناك، ليس على الكتاب موضوع المقالة فقط، ولكن أيضا على شخصي الضعيف .
بقايا الرماد
أهديته مرة نسخة من كتاب "بقايا الرماد " الذي ضم بعض قصائد الزميل المرحوم " عبد الوهاب حسن المهدي " التي انتشلت من بين بقايا الحريق الذي شب في منزل الزميل ولم يبق على البيت ولا أحد من أهله، رحمهم الله جميعاً ، بدأ الدكتور غازي مقالته التي عنونها " الجشي وبقايا الرماد " بقوله: " سامح الله أبا سمير، الصديق الدكتور جميل الجشي. الذي أهداني ديوانا من الشعر. ملأني بالحزن " ومضى يقول: " ولكن قبل الديوان لا بد أن أحدثكم قليلا عن قصة الدكتور جميل الجشي مع الشعر..." فهو"يفتقر إلى الموهبة الشعرية افتقاراً كاملاً "! ثم ذهب غازي يتحدث عن بعض زملائنا في وزارة الصناعة والكهرباء " المتشاعرين " فيفند "انعدام" مواهبهم "الشعرية " واحداً بعد آخر حتى دلف إلى الديوان فأوفاه حقه .
بين الشوطين
وأهديته نسخة من مؤلف صغير لي بعنوان "بين الشوطين"، فكتب حوله مقالاً في " المجلة العربية" بعنوان "الرد الموجز القصير على تعليقات أبي سمير "، وكان يورد ما قلته حول أحد الأبيات"التي اخترتها من دواوين بعض الشعراء" ثم يعلق عليه بأسلوبه اللطيف الذي لا تستطيع أن تفرق فيه بين الدعابة والجد. ومن ذلك مثلا قوله: "وإذا كان أبو سمير لم ير، وقد جاوز الخمسين، عيونا تقتل فهذا من ضعف نظره أو حسن حظه " أو سوئه"". وقوله: "رحماك بالشعر وبأبي العتاهية! كان الرجل يكتب بيتا، ولم يكن يسطر رسالة دكتوراة عن آليات الغوص .. والمعنى في بطن المحارة !" واخيراً ختم مقالته بقوله " تالله لايفتأ أبو سمير يتطفل على الشعر والشعراء حتى يكون حرضا أو يكون من الهالكين !!".
السهل الممتنع
وأهديته نسخة من كتاب " ربيع الأمل " للزميل الأستاذ محمد سعيد البريكي وهو ديوان شعر خاص بالأطفال، وقد حمل النسخة إليه الشاعر نفسه،وقد عمل معه في إحدى شركات سابك، فكتب غازي حوله مقالته في "المجلة العربية " بعنوان " شعر الأطفال .. هذا السهل الممتنع ". جاء في مقدمة المقالة بأنه غازي سئل لماذا لا يكتب شعراً للأطفال فقال: " بصدق لأني لم أبلغ ذلك المستوى!" وأردف بعد حين " أواه! شعر الأطفال ؟ هذا هو السهل الممتنع". بعد ذلك ينتقل للحديث عن الديوان بهذه المقدمة "ذات يوم هبط علي في السفارة رجل بشوش الملامح حاضر الابتسامة قدم لي رسالة من الصديق القديم الدكتور جميل الجشي ..وكتابا.. وأوجست خيفة. وحولقت... واسترجعت. خشيت أن يكون أبو سمير قد عاد يتطفل على الشعر والشعراء..."، ثم تحدث عن الضيف صاحب الديوان باعتباره "من زملاء الحرفة القديمة.. حرفة التصنيع"، ثم ذهب يتناول بعض ما جاء في الديوان، ومما قاله: " أجمل ما في الديوان أنه .. للأطفال .. وفيه الكثير مما يروق للصغار " ولبعض الكبار!"". وبعد أن أعطى الديوان ما يستحق عاد إلى دعاباته الجدية حيث نقل لنا ترنيمة كتبها لابنته يارا " في الزمن السحيق"، ثم علق عليها بقوله " كان ذلك في الزمن السحيق .... وكبرت يارا ! وجاء ولداها "فهد" و"غازي".. تسربت الطفولة وكبر الأطفال.. ماذا أقول ؟ الشكوى لله وحده! والحمد لله حمداً كثيراً! ".
ضفاف القطيف
وكتب غازي في المجلة العربية مقالة عن ديوان "شاطئ اليباب" للشاعر الأستاذ عدنان السيد محمد العوامي بعنوان " غريب..في زمن غريب" . في هذه المرة بدأ بالحديث عن الديوان نفسه، حيث أتى بنماذج مما جاء في الديوان ، ثم تساءل، بعد كل أنموذج، إن كان ذلك لهذا الشاعر أو ذاك من الشعراء العرب المعروفين، ثم أجاب عنها كلها ب"لا" ، ثم أضاف "تدهش عندما أقول لك هذا كله من شعر شاعر سعودي ترعرع على ضفاف القطيف" ، ثم صنف الشاعر، في ضوء تلك النماذج بأنه شاعر"رومانسي أصيل. إنه غريب في زمن غريب". وأخيرا اقترح غازي اسمين بديلين للديوان "خلخال من الرمال" أو " قصب على نفنوف الحبيبة" وقد اقتبس هذين الاسمين من بيتين جاءا في الديوان نفسه. " كتبت هنا عن مقالة غازي هذه دون الإشارة إلى أي دور لي فيها، لأني لا أتذكر بالفعل إن كان لي أي دور، والمقالة لم تشر إلى شيء من ذلك أيضا. ولكنها تدل على اهتمام غازي بكل ماله علاقة بالوطن بغض النظر عن الواسطة، إن وجدت".
وراء القصة
وحينما أهديته نسخة من كتابي "ومررت بالدهناء " كتب مقالة بعنوان " جميل الجشي .. يمر بالدهناء ... وبعدد من المناصب! " حيث بدأ مقالته بتحليل " نفسي " لشخصي الضعيف قبل أن يتناول الكتاب وما جاء فيه ، ثم يربط بينه وبين كتابه " حياة في الإدارة " عندما يقول: "...يروي ومررت بالدهناء هنا القصة وراء القصة ..التفاصيل التي لم يكن بوسع " حياة في الإدارة " أن يتعرض لها .. إذا أردت أن تعرف كيف كان ما كان وكيف تم ماتم فعليك أن تقرأ كتاب " ومررت بالدهناء". ثم ينتقل إلى موضوع آخر، ليخلط الجد بالهزل عندما يتناول موقعى الجديد "في السفارة " حيث " يوجد فن .." ويضيف " إن دبلوماسية اليوم تحتاج الى الصراحة أكثر من احتياجها إلى المراوغة ... وحين يعود"جميل" من الخليج ويعبر الدهناء .. سوف يعود خبيراً من خبراء الدبلوماسية .. السفير الدكتور المهندس!! والشاعر أحيانا!".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.