دفعت الغيرة العمياء والعشق المجنون، امرأة أفغانية إلى شنق ضرتها بيديها حتى الموت، وتواطأ زوج الاثنتين مع القاتلة فحمل جثة زوجته الجديدة ودفنها وسط جنح الظلام في محيط فضاء قرب ميدان الكرة الأرضية غرب جدة، ثم احتفظ بالسر الدفين لأكثر من شهر قبل أن تنجح شرطة جدة في كشف غموض الأفعانية، التي اختفت عن منزل زوجها وعن أعين جاراتها دون سبب معلوم، ويواجه الزوج الأفغاني المتآمر تهم دفن جثة سرا وعدم إبلاغ أجهزة الأمن بجريمة القتل، فضلا عن إيواء زوجتيه المتخلفتين. واقعة جنون الغيرة المفضية إلى الموت، بدأت بتوارد معلومات من وسط حي العزيزية عن اختفاء امرأة أفغانية عن منزل زوجها الذي لم يتقدم ببلاغ رسمي عن اختفاء شريكة العمر، ما أحاط موقفه بالريبة والشك والظن، وحينما ارتفعت همسات الآسيويين في حي العزيزية، وتحولت جهرا في السؤال عن المرأة لملم الزوج حاجياته وغادر إلى مكان آمن. الهمسات تتحول جهراً أمام المعلومات المتدفقة، تحركت شعبة التحريات والبحث الجنائي في كل الاتجاهات مخترقة همسات حي العزيزية، في الوقت الذي انتشر فيه رجال وحدة مكافحة الاعتداء على النفس في مواقع أخرى تحت إشراف ومتابعة مدير شرطة جدة اللواء علي الغامدي، واستندت خطة التعقب والبحث على تحديد ومراقبة منزل الزوجية، وقاد مساعد مدير شعبة التحريات فريقا مختصا تولى جمع الخيوط والمعلومات، ولم يتم رصد أي تحركات في محيط المنزل، حيث كان الزوج المتواطئ غادره إلى موقع آخر أكثر أمانا، لكن اختراقات أمنية كشفت أن الساكن الراحل متزوج من امرأتين مخالفتين لنظام الإقامة، واختفتا قبل نحو شهرين فيما ظل الزوج وحيدا قبل أن يتوارى عن أنظار الجيران والمعارف، وفي وقت لاحق حصل مساعد مدير شعبة التحريات والبحث الجنائي على خيط رفيع، إذ تبين أن الزوجة الأولى غادرت المنزل طليقة، مصطحبة معها ابنتها الفتاة المراهقة البالغة من العمر 16 عاما. بدأت الخيوط الرفيعة تكبر شيئا فشيئا، ولم تتردد شعبة التحريات في ابتعاث عناصر سرية لمراقبة مسكن الأفغانية الطليقة بعد تحديد مكانها بدقة وسط أحد الأحياء. وتبين وجودها مع ابنتها المراهقة، فيما تلاحظ غياب الزوجة الثانية، وهو الأمر الذي ضاعف دائرة الشكوك الأمنية حول مصيرها، ما دفع السلطات إلى تسريع عمليات البحث وصولا إلى الزوج، ليتم ضبطه وإحضاره إلى شعبة التحريات والبحث الجنائي، حيث أخضع من المحققين إلى سيل من الأسئلة غير أنه صمد وقاوم إفشاء السر، وسرعان ما تبددت مقاومته وانهار عندما دخلت زوجته الأولى إلى غرفة التحقيق فزعم في بادئ الأمر أن الزوجة الثانية رحلت في وفاة طبيعية ذات ليلة كالحة السواد فسارع إلى دفنها في جنح الظلام دون إبلاغ أجهزة الأمن خشية تعرضه للمساءلة، فالراحلة كانت من متخلفات العمرة. اشتعال الفتنة وقرار الطلاق شكلت معلومة رحيل الضرة تحولا كبيرا في عمل أجهزة الأمن، التي أخضعت الزوج وامرأته الطليقة إلى مزيد من التحقيق والتحري، إلى جانب العمل في مكان واسع بحثا عن جثة المغدورة، وتمخض الاختراق الأمني إلى فض الأستار عن الطليقة التي قتلت ضرتها تحت تأثيرات الغيرة والغضب والحقد الأعمى، وعلى ذلك أفاض الزوج الأفغاني في سرد كل تفاصيل الواقعة وتفاصيلها المريرة من لحظة اشتعال الفتنة في منزل الزوجية وحتى رحيل المغدورة تحت ضربات وخنق الضرة الطليقة. جلس الرجل أمام المحققين وبدأ في رواية الحكاية، وقال إنه عاد ذات يوم إلى المنزل وفوجئ عند الباب بارتفاع أصوات شجار الضرتين، فاضطر إلى التدخل وسؤالهما عن سبب الخصام، وخلص إلى أن الزوجة الأولى هي من أشعلت الفتنة برغم تحذيراته الدائمة لها بالحرص على استقرار الحياة الزوجية وعدم إثارة ما يعكر الصفو، فقرر في ذات اليوم التخلص من زوجته الأولى بالانفصال والطلاق وطلب منها مغادرة المنزل حتى يعيش أيام حياته الباقية مع الزوجة الجديدة دون فتن أو اضطرابات. في المقابل تجرعت الزوجة الطليقة المرارة والإهانة وغادرت المنزل وهي تطلق التهديد والوعيد لضرتها، وتؤكد أنها لن تهنأ وحيدة ب «حبيب القلب»، يقول الأفغاني المكلوم إنه عاد ذات يوم إلى المنزل ووجد زوجته بلا حراك داخل غرفتها، فحاول جاهدا إيقاظها ليكتشف الحقيقة فقد نفذت الطليقة تهديداتها وكتمت صوت ضرتها للأبد. نار الغيرة والخنق حتى الموت وقف الرجل حائرا أمام المشهد، وبدأ يتخبط ويتدبر أمره عن الخلاص، فهداه تفكيره إلى تكفين الجثة ثم حملها وسط جنح الظلام إلى أرض فضاء شمال دوار الكرة الأرضية، فحفر قبرها وأخفاها هناك ثم عاد إلى منزله وظل فيه أياما عديدة، وعندما تكاثرت عليه أسئلة الجارات والمعارف عن زوجتيه قرر الهرب إلى مكان آخر، في محاولة منه للتواري عن مرارة الأسئلة، وفي الأثناء أدلت القاتلة باعترافات مثيرة أمام المحققين وقالت إنها لم تكن تنوي قتل ضرتها، بل قصدت تأديبها لأنها سرقت قلب زوجها، فتطور العراك إلى الموت عندما أطبقت على عنقها بكلتا يديها ولم تتركها إلا بعد أن هدأت أنفاسها إلى الأبد، ثم جذبت الجثة بمعاونة ابنتها المراهقة إلى غرفة وغادرتا إلى مخبئهما. وقال المتحدث الرسمي في شرطة جدة العميد مسفر الجعيد، إن الأجهزة الأمنية أجرت عمليات تمشيط واسعة بحثا عن الجثة المدفونة، فيما شرع فريق من الأمانة في نبش أجزاء واسعة في الأرض الفضاء حتى عثرت على القتيلة، مشيرا إلى أن المتهمة أقرت بجريمتهما، فيما يواجه الزوج تهم التستر على جريمة ودفن جثة بلا إذن وإيواء متخلفتين.