ليس لتغير العالم أكتب.. ولا لجعلكم تصفقون لي وأنا أطلق كلماتي على رؤوس مشاكلكم فأصرعها..! لست خارقا حتى أصنع من معاناتكم لوحة زيتية لفصل الربيع، فالحياة لم تخلق كلها بيضاء.. ولكنها فسيحة تتسع لنا جميعا ولأحلامنا وأفكارنا، لذلك أحاول البحث معكم عن مساحات البياض المسجونة خلف أكوام السواد الذي ألفناه لنطلق سراحها.. القليل من الضوء ولو كان خافتا كفيل بأن يهزم الكثير من العتمة. الكتابة ما هي إلا كشيخ حكيم يعلمنا كيف نسير مع أنه لا يستطيع تحريك قدميه، معزوفة من صبر تحول اليأس لبالون يبتعد في هذا الفضاء الأزرق حتى يتلاشى، خيط رفيع من نور يصعد بنا نحو السماء. الروائي الجزائري (واسيني الأعرج) عنون مقدمة إصداره الجديد (رماد مريم) تحت مسمى (الكتابة .. وطن الخسارات الجميلة) وكأنه يود القول بحسب فهمي إن الكتابة لا تشبه القذائف الحية، ولا هدير الطائرات النفاثة، ولا المشي فوق الأجساد المتفحمة.. فهي لا تغير الألم ولكنها تخفف من حرقته.. ولا تبني فكرا خاليا من الدمار إذا كانت العقول غائبة عن الوعي. ومع ذلك تظل الكتابة كالبيت المصنوع من صفيح وأخشاب قديمة لا يشبه الأبراج الشاهقة في هيبتها ولكنه حتما يقي من بؤس العراء، كونوا طيورا تسبح في ملكوت الله.. تشكلون سحابا ينثر ظلاله على هذه الأرض التي خلقت لأجلكم، وأعطوا الفرصة لعقولكم كي تحكم بعدل.. ولا تنتظروا كاتبا أيا كان أن ينزع عنكم هزائمكم، ويدعوكم للنهوض عندما تسقطون.. لأنكم تمتلكون أرواحا تحتاج لبعض النور فقط.. لذلك ابحثوا عن النور داخلكم ولا تعيشوا منكسرين. [email protected]