في كتب سيرة الإسكندر الكبير هناك عنوان دائم عن كيف أفسد الشرق الإسكندر الذي كان يتميز بمحاسن صفات الملك القائد المتواضع الذي لا يفضل نفسه على أحد من الناس أو من جنده حتى دخل الشرق؛ وفجأة تحول لمتأله طاغية يقتل أقرب المقربين عندما لا يقره على طغيانه كصديقه كليتس لما أنكر عليه إجباره لجنوده أن يركعوا له ويقبلوا يده على الطريقة الفارسية، فالإسكندر لما أخذ فارس أخذ أيضا بلاطها الملكي بمن فيه وهم عاملوه بهذا النمط الذي كان للملك الفارسي المتأله، لكن الإسكندر صعب عليه قتله لصديقه و قال الراوي القديم أنه انطرح على الأرض في حالة يأس من تأنيب الضمير ولم ينجح الأطباء والأصدقاء في فعل شيء للتخفيف عنه حتى جاءه اثنان قال الراوي أنهما أفقداه روحه، لأنهما قالا له إن تأنيب الضمير على القتل هو نمط للعوام لأنهم محكومون بالقانون الذي يسنه الملك والذي يمنع فيه القتل، لكن هو باعتباره الملك الإله يمكنه أن يسن قانونا لنفسه يكون فيه القتل غير ممنوع وهكذا لا يكون هناك شيء ليشعر بتأنيب الضمير عليه، وبالفعل اغتر الإسكندر بهذا التسويغ وزالت عنه كآبته ولم يعد يتورع عن اغتيال المقربين إن لم يطاوعوه، ولما ذهب لمصر أطلق عليه كهنتها لقب ابن كبير آلهتم و «سيد الكون» ونصبوه فرعونا مألها لمصر وجعلوه يعتقد أن والده الحقيقي هو إله وصار يرفض أن ينسب لوالده البشري، ويعتقد الرواة أن الإسكندر الذي توفي في سن الثلاثين غالبا مات مسموما بسبب امتعاض قادته من النمط التألهي الطغياني الذي تبناه من الشرق والذي أرداه. فدائما وراء كل طاغية ثقافة تصنع الطغاة. [email protected]