إن أكثر ما يمكن أن يربك عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد هي مسألة تراكم الملفات التي دخلت حيز التحقيقات والمتابعة، إضافة إلى أن طول فترة الصمت عن إعلان تفاصيل القضايا ومآلات أصحابها قد يترك فسحة سانحة لامتداد التلاعب اعتمادا على فترة التراخي والأمد الطويل في المحاكمة، وهذا الأمر بلا شك يضعف دور الهيئة وغايتها في اجتثاث الفساد من جذوره. وقد أخذ أمر ضرورة التشهير بسارق المال العام من قبل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والجهات المختصة جدلا واسعا تبعا لاختلاف وجهات النظر والآراء، وإذ أؤكد على ما قاله الكاتب الأستاذ صالح الطريقي جملة وتفصيلا في مقاله المعنون ب «نشر الخبر ناقصا يساعد على الفساد» في الأسبوع الماضي، إلا أن الطريف في الأمر مرافعة رئيس تحرير (سابق) كتب إلى الأستاذ صالح عن أسباب عدم النشر والتشهير بأولئك الفسدة والمعاناة التي يواجهها رؤساء التحرير من اتصالات أبناء قبيلة السارق على الهاتف ورفع الشكاوى والدفاع المستميت حتى لا يلوك أبناء القبائل الأخرى سيرة هذه القبيلة، إذ أن هذا هو الخوف الأعظم من التشهير بمن ارتكب فعل السرقة والجرم المشهود، كما يؤكد في مرافعته التي جاءت تستظهر بعمومية قاصرة سريان الجهل ومدارج التعصب على أبناء قبيلة السارق وتنوه على أهمية تكثيف الوعي للمجتمع ولا أدري كيف أفهم اتفاقه ابتداء على المصلحة المرجوة من التشهير وتبريره في ذات الوقت والتأكيد وجاهة موانع التشهير المرتكزة على تبعات التهديد وإزعاج رئيس التحرير بالاتصالات!. ورغم أنني أؤمن بالطبع بوجود حالات مندفعة شاذة قد تأخذها العزة بالإثم للمنافحة والدفاع إلا أنني لم أكن أتصور افتقار رئيس التحرير السابق إلى الموضوعية والطرح المتزن البعيد عن عبارة: «دعني أؤكد لك»، وليت شعري من الذي يستطيع أن يمتلك لغة التأكيد؟!.