اليمن يواجه العديد من التحديات خلال الفترة الانتقالية التي ستمتد لعامين بعد انتخاب الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيسا للجمهورية اليمنية في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي جرت في اليمن يوم 21 فبراير الجاري تنفيذا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي رعى توقيعها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في العاصمة السعودية الرياض في 23 نوفمبر من العام الماضي. ولعل أول تلك التحديات يتمثل في قضيتين رئيسيتين الأولى إعادة هيكلة الجيش والثانية مؤتمر الحوار الوطني المتوقع أن يدعو له الرئيس هادي خلال الأيام القليلة القادمة ولعل ما سيسبق ذلك يتمثل بالقدرة على تجاوز ما تبقى من مظاهر مسلحة وإنهائها من المدن وإخراج المسلحين وإزالة بقية المتارس سيما في العاصمة صنعاء. ولا شك أن موضوع الحوار الوطني سيكون هو المحك المهم خلال الفترة الانتقالية باعتباره الوعاء الذي سيتمكن من خلاله اليمنيون طرح جميع مشاكلهم وقضاياهم على طاولة الحوار.. الرئيس هادي أكد في خطاباته السابقة أن هذا المؤتمر سيطرح جميع القضايا على طاولة الحوار وبدون أي خطوط حمراء.. كما أنه أكد أن المؤتمر لن يستثني أحدا من الأطراف السياسية داخل اليمن وخارجه.. وفي خطابه قبيل موعد الانتخابات الرئاسية قال الرئيس هادي إنه لن يسمح بإفشال هذا المؤتمر. وهو الأمر الذي شعر المتابعون أنه تأكيد على الجدية التي سيقود بها هادي اليمن خلال المرحلة القادمة كما أن مؤتمر الحوار الوطني يكتسب أهمية قصوى كونه سيطرح موضوع القضية الجنوبية وأيضا مشكلة صعدة اللتين تمثلان أبرز التحديات خلال المرحلة الانتقالية باعتبار أن النجاح في حلهما سيجنب اليمن الدخول في متاهات الاستمرار في دعاوى الانفصال أو محاولة أطراف إقليمية استغلال بعض ما يحدث كما هو في صعدة لتحقيق أهداف سياسية خاصة بها. موضوع إعادة هيكلة الجيش سيمثل نقطة غاية في الأهمية خلال فترة رئاسة هادي للمرحلة الانتقالية. ذلك أن إعادة هيكلة الجيش تعني القدرة على تجاوز كل الأسباب التي قد تؤدي إلى اندلاع صراعات مسلحة داخل المؤسسة العسكرية والأمنية كتلك التي حدثت خلال الأزمة السياسية عام 2011م إثر انقسام الجيش وانشقاق اللواء علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع. لكن في المقابل فإن ثمة قضايا اقتصادية تبدو هي الأهم في نظر المواطن اليمني العادي.. ذلك أن الأزمة السياسية أنهكت الاقتصاد اليمني وضربت معيشة المواطن وفقد الكثيرون مصادر دخلهم ناهيك عن البطالة المتفشية. على المستوى الأمني ستواجه اليمن خلال فترة رئاسة هادي مشكلة مواجهة مخاطر التوسع لتنظيم القاعدة الذي استطاع استغلال الأزمة السياسية وأن يبسط نفوذه في العديد من المناطق كمحافظة أبين ومدينة رداع في البيضاء وستكون مواجهة خطر هذا التنظيم هي إحدى أولويات الرئيس الجديد لليمن خلال فترة رئاسته للعامين القادمين كما أكد هو في كلمته أمام مجلس النواب عقب أدائه اليمين الدستورية رئيسا لليمن. ويمكن القول إن نجاح هادي في إخراج اليمن من أزمته مرهون بتعاون الأطراف السياسية المنضوية في إطار حكومة الوفاق ثم تلبية بقية الأطراف الأخرى وفي مقدمتها الحوثيون والحراك الجنوبي للانخراط في الحوار الوطني الذي سيدعو إليه، فضلا عن العناصر الموجودة خارج اليمن.. ولعل مؤتمر الحوار الوطني سيكون أمامه الكثير من القضايا الملحة وفي مقدمتها قضية صياغة دستور جديد للبلاد يقوم على تحديد صلاحيات السلطات وتحديد النظام السياسي الذي ستنتهجه اليمن خلال الفترة المقبلة بما سيشمله ذلك من تحديد أيضا للنظام الانتخابي الذي سيتفق عليه المتحاورون. المشكلة الاقتصادية وفي مقدمتها العمل على إعادة الخدمات الأساسية للمواطنين كالكهرباء والمياه ستكون إحدى التحديات الملحة أمام الرئيس هادي وحكومة الوفاق خلال الأشهر الأولى من الفترة الانتقالية التي بدأت بالأمس بعد أداء هادي لليمين الدستورية رئيسا لليمن لاسيما في ظل استمرار معاناة الناس من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي بفعل أعمال التخريب ناهيك عن الأزمات المتوالية فيما يتعلق بالمشتقات النفطية التي تتسبب بها أعمال التقطعات المتكررة على خطوط نقل هذه المشتقات إلى المحافظات. وفوق كل ذلك لابد من تعاون إقليمي ودولي للإسهام في مساعدة اليمن على الخروج من وضعه الاقتصادي الذي يعيشه جراء الأزمة السياسية وهو الأمر الذي يعول عليه اليمنيون كثيرا من خلال مؤتمر أصدقاء اليمن المزمع عقده في العاصمة السعودية الرياض خلال الفترة القادمة. التحديات كثيرة أمام الرئيس هادي لكنه قادر على تجاوزها طالما هو يملك شرعية شعبية أكد عليها في كلمته عقب أدائه اليمين الدستورية حتى يتمكن من اتخاذ القرارات التي ستساعد في إعادة حياة اليمنيين إلى طبيعتها وتجاوز آثار الأزمة وفي مقدمتها الآثار الاقتصادية لكن الكثيرين يرون أن أمام هادي رزمة من المشاكل والتحديات التي يتوجب عليه أن يتجاوزها بالعمل على تطبيق سيادة القانون وتفعيل القضاء ليكون الفاصل في حل الاشكالات والعمل على القضاء على الفساد المستشري في الكثير من مرافق الدولة حتى يشعر المواطن بأن عملية التغيير والتبادل السلمي للسلطة قد آتت أكلها وأن النموذج الذي قدمته اليمن في عملية النقل السلمي والديمقراطي للسلطة لم يذهب هباء منثورا.