يقف اليمن اليوم بكل قواه وفئاته على أعتاب المستقبل، بعد أن أعطى للحكمة عنانها النبيل، ومضى حثيثا في تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة بدعم خليجي ودولي غير مسبوق، وقدرته على تجاوز المحك الحقيقي المتمثل في إنجاح الانتخابات الرئاسية المبكرة بحشد شعبي كبير، أعطى الشرعية للرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي في أن يعمل على تحقيق النجاح المطلوب للمرحلة الانتقالية المقبلة المتمثلة في عامين كفيلين بطي صفحة الماضي، وفتح صفحة جديدة في حياة اليمنيين ناصعة البياض (على حد تعبيره) وبالقدر الذي علينا تدارس أولويات المرحلة المقبلة بعيدا عن الحذلقات السياسية لكل طرف من الأطراف، لا بد من تجسيد حقيقة أن التغيير كان في عمق مصلحة كل القوى السياسية، وأنه ليس هناك منتصر ولا مهزوم وأن الجميع ساهم في استغلال الفرصة التاريخية السانحه التي أخرجت الوطن من بين براثين الخراب والموت إلى الحياة المفترضة واللائقة بتاريخه وتجربته وحضوره الإنساني، وأعتقد أن من أهم الأولويات، بل وفي طليعتها تعزيز روح التسامح بين اليمنيين كمطلب أخلاقي يتجاوز الإشكاليات السياسية البرجماتيه ويفتح بابا للمحبة بين أبناء الوطن الواحد كضرورة ملحة لخلق الصفاء في العملية السياسية وتجاوز آثار الماضي البعيد والقريب على حد سواء، والشروع في بناء المستقبل بروح المسؤولية، والركيزة الحقيقية لإخراج الصيغة الوطنية المطلوبة للتسامح والحوار هو إدراك أن الوطن جغرافيا وسياسة يتسع لجميع الأفكار والرؤى والبرامج طالما وهي نابعة من حاجات الناس وهمومهم، ومتطلعة لخيرهم ورفاهيتهم وأمنهم واستقرارهم. التسامح هو لغة الحياة بين اليمنيين ومن الصعب الاتكاء على ثقافة المماحكات والمكايدات السياسية لأنها لا تقف على أرضية الثبات والاستمرارية، ولا تتفق ومرحلة البناء المقبلة التي تستدعي تظافر كل الأيدي من أجل وطنٍ خالٍ من ثقافة الكراهية. • كاتبة يمنية