لم تعد الحاجة للآبار في منطقة الباحة كما كانت عليه في السابق وقبل نحو 40 عاما، حين كانت الآبار مصدرا رئيسا يعتمد عليها الأهالي في ذلك الوقت لسقيا مزارعهم التي تنتج العديد من الحبوب والفواكه والخضار وتمثل تلك المحاصيل مصدر تموين لمعيشتهم. فمع تطور الحياة المدنية والاعتماد على الحبوب المستوردة وتغير نمط المعيشة وانصراف الناس لمجالات تجارية ووظيفية مختلفة، تغيرت الأوضاع في تلك الأودية التي كانت تضج بالحركة والنشاط مع بزوغ فجر كل يوم، فترى على مداد البصر اخضرار الأرض وتسمع خرير الماء وترى جريانه بين الحقول في مشاهد جميلة باتت اليوم شبه معدومة، عدا قلة من الأهالي تعمل في الزراعة بأيدي وافدة. فتلك الآبار التي تسقي مزارعهم كانت تمثل كنزا ثمينا، لكنها باتت اليوم شبحا مخيفا يودون التخلص منه، فالأرض المخضرة بالأمس اليوم أرض شاحبة، وبئرها التي تطفح من جوانبها المياه بالأمس ليست كبئر اليوم الناضبة المتدلية من فوهتها وعلى أطرافها الأشجار التي أخفت معالمها، وأصبحت مصدر قلق وخوف حقيقي على حياة الأهالي. ومع أن عطية صالح يتأسف على تلك الأيام الخوالي رغم بساطتها، لكنه يستذكر نقاءها وصفاء القلوب والود والحميمة بين الناس في الزمن الآنف. ويرى عطية أن الآبار حاليا باتت خطرا لا بد من الإسراع في معالجتها بتعاون الأهالي مع الجهات المعنية إما بتسويرها بسياج حديدي أو بناء جدار مرتفع يمنع الوقوع فيها خاصة أن معالمها لم تعد واضحة مع ما نبت حول أطرافها من أشجار وحشائش، فالأودية أصبحت موحشة ومجهولي الهوية يتخفون بين الأشجار وينامون ليلهم بجوارها. فيما يشير مدير الدفاع المدني بمنطقة الباحة العميد إبراهيم بن حسين الزهراني أنهم يواجهون صعوبة في جانب الآبار بسبب شراكة أكثر من شخص في نفس البئر، لافتا إلى أن الشركاء قد يصل عددهم إلى أكثر من عشرة أشخاص يعيش أغلبهم خارج المنطقة، وذلك ما يقف عائقا في توفير وسائل السلامة في الآبار، مبينا أنه سبق وأن شكلت لجنة من الإمارة والشرطة والدفاع المدني والبلدية والمياه، قامت بجولات ميدانية على مختلف آبار المنطقة البالغة 6242 بئرا، حيث تمت تغطية 3861 بئرا فيما لا تزال 2381 أخرى مكشوفة وقد خاطبنا الشرطة وعرفاء القرى بضرورة استدعاء أصحاب تلك الآبار وإلزامهم بتغطيتها. ودعا أهالي المنطقة إلى التنبه إلى ما تشكله الآبار غير المسورة من خطورة قد تذهب ضحيتها أنفس بريئة، مطالبا الأهالي بأهمية تجاوبهم وتعاونهم مع أفرع الدفاع المدني في مختلف المحافظات حفظا على الأرواح من أي مكروه.