نهار جمعة آخر أقتله وفق أسلوبي البدائي.. عملت عدة ساعات وقرأت صفحات كتب قديمة.. عانيت آلاما مدة ساعتين، جسدي ينتقم مني بالتدريج كما يحصل مع العجائز.. تناولت حبوبا مهدئة للألم وفرحت كثيرا عندما وافق الألم على التلاشي.. قرأت بريدي على الإنترنت.. خرجت لأتمشى ساعة من الزمن في السوق المقابل لمنزلي.. يحتاج الإنسان إلى المشي احتياجه إلى الطعام والنوم العميق.. مشيت في ممرات السوق أتحامل على حذائي وأسير ببطء سلحفاة وأتأمل البشر.. الأسواق تكشف حياة الناس حيث يتحول السوق إلى أرض يقف عليها المتسوق الذي لا يهمه ما رأى الآخر به فهو في مهمة مؤقتة ولن تسجل ملامحه في ذاكرة أي إنسان !!.. وفجأة أمام أحد المتاجر سمعت صوت امرأة تصرخ!! توقفت لأشاهد آمرأة مفرطة في الأناقة تبكي وتتفجر رعبا وتستغيث بالعاملين والمتسوقين للبحث عن ابنها المفقود الذي كانت لاتعرف ما يرتديه.. وذلك طبيعي فالخادمة هي من قامت باختيار ملابسه !! كانت فزعة جزعة تتلوى ألما كدجاجة مذبوحة.. في لمحة بصر توزع الجميع في زوايا المتجر وما هي إلا لحظات حتى عادوا بطفل صغير نحيل لايتجاوز ال (3) أعوام من العمر.. الدموع في عينيه ولعابه يسيل من فمه المشتور كان في صوته نهنهة يتجه نحو أمه بخطوات متسارعة وهنا رأيت مالا أصدقه، انتفضت المرأة كمن صدمتها شاحنة وبدون أي تمهيد وعوضا عن أن تأخذ الطفل بين ذراعيها بصقت في وجهه وانهالت عليه ضربا كشيطان يصب جهنم.. كان الطفل كطحلب طريا يتقافز بين الإهانة والألم كانت تضربه بقسوة وتهزه من كتفيه النحيلين.. أخذ قلبي يرتجف بقوة كنت أبحلق في الجسد الحليبي الصغير واليدين القاسيتين تنهالان عليه بالضرب.. كان كل من يقف يشعر بالعذاب كل على قدر بدنه !!، قرأت المعوذات الثلاث وبسملت سبعين مرة وحوقلت حتى أزبد فمي ثم قمت بنزع الطفل من تلك الحمقاء !! قلت لها سأذهب بك مع هذا الحشد للشرطة.. فزعت عند سماع كلمة (شرطة) وأخذت تشتمني!!، الكثير من الناس مثل شاحنات النفايات تدور في الأحياء محملة بأكوام النفايات والإحباط والغضب وخيبة الأمل وعندما تتراكم هذه النفايات داخلهم يحتاجون إلى إفراغها في مكان ما.. في بعض الأحيان يحدث أن يفرغوها عليك !! بعد تدخل المجتمعين وبعد أن هدأت المرأة تماما.. أعدت الطفل إليها، كنت أغوص في بحر عميق تتلاطم أمواجه بعضها يرفعني رفعا وأخرى تهبط بي فتسقطني على صفحة الأرض وتبقى بي في رواق من الأسئلة وأنا أعيد إليها الطفل كان الصغير يختلج بقوة بين يدي ويرمقها بألم وخوف ويصدر أصواتا متألمة ويرتعش كجرو صغير أفلت للحظة من وحش مفترس لايملك خيارا إلا أن يعيش معه وهذا حال أطفال كثيرين للأسف ممن يعيشون مع جلاديهم.. كان بكاؤه الخافت يغرز سكينا في والمرأة الصارخة تهز السوق بصوتها: ابني وأنا حرة فيه !!. وتركت السوق وأنا أضحك ضحكة تسرق مني وقار أجدادي مرددا يبدو فعلا أن الزمان اختلف، كان الناس في العصر الذهبي يبصقون في مناديلهم، الآن جاء زمان يبصقون في وجوه أطفالهم ليتفرج عليهم الخلق!!.. ويازمان العجائب!!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 134 مسافة ثم الرسالة