منذ ما يزيد على 30 عاماً كتبت مقالا عن المظاهر الأولية للبطالة - ولا أدعي أنني أول من كتبت في هذا الموضوع أو أنني الوحيد الذي أشرت إليه - وأذكر أن عنوان المقال كان هو: البطالة ثغرة.. في جدار التخطيط، حيث ألمحت إلى بداية شكاوى اجتماعية وشبابية من عدم توفر وظائف لبعض الخريجات والخريجين، وأنه لو كان التخطيط واقعياً ومنسجماً مع حاجة سوق العمل في الدولة وفي القطاع الخاص لما نشأت مشكلة تسمى البطالة في بلد غني الموارد شاسع المساحة يوجد به ملايين الوافدين القادمين لطلب الرزق فوق ثراه، ولكن لأن الخطط كانت في واد وسوق العمل في واد آخر، فإن إطلالة البطالة برأسها لا بد أن تحصل، وكان من المفروض أن تتحرك جهات الاختصاص لامتصاص البطالة وتجفيف منابعها والقضاء على أسبابها ووأدها في مهدها، ولكن السنوات مرت الواحدة تلو الأخرى، دون أية حلول تهيئ الشباب لسوق العمل وتجعله قادراً على المنافسة بقوة في اقتناص الفرص، واستمر الانفصال بين مخرجات التعليم بجميع فئاته وبين متطلبات السوق، واستمر على إثر لك استقدام العمالة الوافدة العاملة في مجالات يستنكف المواطن عن العمل في بعضها، وغير مؤهل مهنياً وفنياً وعلمياً للعمل في بعضها الآخر، واستمرت معه مشكلة البطالة تكبر مثل كرة الثلج حتى لم تعد ثغرة بل فوهة بركان نشط، دون أن تلوح في الأفق حلول عملية لهذه المشكلة حتى تاريخ كتابة هذه السطور، وإن حصلت بعض المحاولات للوصول إلى حل، فإنما هي حلول ترقيعية هائمة، واكتفى الجميع في كل مجلس ومناسبة ومنبر بالحديث عن المشكلة وأسبابها وطرح ما يرونه مناسباً من حلول، ولكن لم يجر وضع استراتيجية حقيقية عملية قابلة للتنفيذ لحل مشكلة البطالة بطريقة جذرية، وإنما تركت للزمن ظناً من المجتمع أن الأيام ستحلها، فإذا بها تتعقد أكثر ويصبح عدد العاطلين والعاطلات بمئات الآلاف والرقم مرشح للزيادة سنوياً، بل إن بعضهم راح يبرر وجود البطالة بالقول بأنها مشكلة عالمية لا تخص المملكة فقط، مع إغفال أسباب وجود المشكلة نفسها وطرائق معالجتها في دول العالم الصناعي أو الزراعي، والأثمان الاقتصادية التي تدفعها تلك الدول للتخفيف من حدة آثار البطالة، فيما ينظر للمشكلة في ربوعنا نظرة استخفاف مكتفين بمعالجة جوانبها الأمنية الناتجة عن الفراغ والمعاناة، أما المشكلة نفسها فلا وجود لعلاج ناجع وحاسم لها أو حتى نية صادقة لتبني مثل ذلك العلاج.. للأسف الشديد!! للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة [email protected]