ارتبطت المدينةالمنورة في الماضي ب«الأحواش» وهي مجموعة من المساكن ذات الطابع العمراني المميز يتوسطها باحة يحيط بها سور خارجي ب«بوابة» واحد فقط تغلق عند دخول الليل بواسطة «حارس» البوابة، كان في المدينةالمنورة نحو 30 حوشا منها ما كان داخل سور الحرم ومنها ما كان خارج السور وجميعها يملك إرثا تاريخيا ارتبط بعادات وتقاليد أهالي المدينةالمنورة حتى الوقت الحالي، جميع أحواش المدينة أزيلت بسبب توسعة المسجد النبوي الشريف ولم يتب إلا حوش واحد بقي رمزا لأحواش المدينة وهو «حوش الراعي». حيث تحول الحوش هذه الأيام إلى مسكن للعمالة الوافدة وأقيم في الجزء الخارجي منه محلات تجارية أغلق البعض منها وبات خاليا إلا من بعض الباحثين الراغبين في التعرف على تلك الأحواش وماذا كانت تمثل لأهالي المدينةالمنورة قديما. ويذكر الباحث التاريخي أيمن الدبور أن حوش الراعي الباقي جزء بسيط منه حاليا وبقية الأحواش كانت تشكل موروثا مهما لأهالي المدينة، حيث سكن الأحواش جميع شرائح المجتمع المدني الحالي، وارتبطت بداية حياتهم بتلك الأحواش وظهرت منها الكثير من العادات والتقاليد والتي لازالت تورث حتى يومنا هذا، ويشير كانت الأحواش رمزا من رموز المدينة القديمة وتمتاز بطابع عمراني إسلامي، وكان يحرص أهل الحوش على التواصل الاجتماعي بين بعضهم البعض وتحدث الدبور عن الكثير من صفات الأحوشة بشكل عام وحوش الراعي بشكل خاص. حوش الراعي يقع غرب المسجد النبوي الشريف ولا يبعد سوى 2 كيلو من الحرم. كان من أشهر الأحوشة في المدينة القديمة يحتوي على أكثر من 40 مسكنا، جميع مساكنه تمتاز بطابع العمارة الإسلامية القديمة مثله في ذلك مثل جميع أحواش المدينةالمنورة، تبقى من الحوش في الوقت الراهن نحو سبعة مساكن فقط يسكن أغلبها عمالة وافدة لرغبتهم في البقاء بالقرب من الحرم، ومسكن واحد تقطنه عائلة سعودية تقدم إليه فقط أوقات الإجازات الرسمية، «الراعي» هو آخر الأحوشة في المدينةالمنورة. مساكن الحوش تمتاز المساكن في حوش الراعي مثل الكثير من مساكن أحوشة المدينة بتركيبة معروفة عند الأهالي حيث يجب أن يتوفر في كل مسكن «المقعد» وهو الغرفة الرئيسية لمعيشة أهل المسكن، ثم تأتي «الطيرمة» وهو ما يعرف اليوم ب«ببيت الدرج» ويستخدم لتخزين التمور، ثم «القاعة» وهي الغرفة المخصصة لاستقبال الضيوف من الخارج، بالإضافة إلى «المؤخر» وهي الغرفة الأخيرة في المسكن، ثم يأتي «الديوان» وهي الغرفة المخصصة لاستقبال الضيوف من الأقارب، وهناك «الجلاء» وهو مدخل النور ويعرف حاليا ب«المنور»، وتوجد «الخارجة» وهو جزء بارز من المسكن يقوم بدور «البلكونة» في المنازل حاليا، كما يوجد داخل كل مسكن تصاميم داخلية وضعت على الجدران الداخلية للمسكن لوضع الأغراض الخاصة بأهل البيت عليها، يمتاز حوش الراعي أيضا بوجود ما تعرف ب«المشاية» بين المساكن وهي طريق مصنوع من الحجر يمتاز بشكل جمالي، الهدف من استخدام الحجر هو منع تجمع المياه فوق «المشاية»، كما تشتهر أغلب المساكن في أحواش المدينة بالرواشين وهي جمع روشان وهو ما يتم وضعه على شبابيك المساكن. نقيب الحوش حوش الراعي مثل كثير من أحواش المدينة يمتاز بالكثير من الصفات التي باتت رئيسية في جميع الأحواش، حيث يوجد لكل حوش عمدة وهو الشخص الوحيد في الحوش الذي يرتدي «الغبانية» ويكون المسؤول الأول عن الحوش، ولكل حوش نقيب وهو المسؤول عن أمن الحوش، وهناك المركاز وهو المكان الذي يتجمع فيه أهالي الحوش، وكان يمنع دخول الغرباء إلا بعد معرفة هويته والتأكد منها، كما كانت باحة الحوش وهو المنطقة التي تقام فيها الأفراح والمناسبات وتكون مكانا للألعاب الشعبية المعروفة مثل المزمار، وكانت الأفراح مسؤولية شباب الحوش حيث هم المسؤولون عن الخدمة والطبخ والنظافة بعد الفراغ من الفرح.